أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور* - دعونا في البدء ننقل أخلص التهاني والتبريكات لشعبنا اليمني العظيم بمناسبة مرور الذكرى السنوية ليوم الجلاء البهي في الـ 30 من نوفمبر 1967م، وهو يوم جلاء وطرد آخر جندي بريطاني محتل لمدينة عدن، هذا اليوم هو يوم تاريخي وعظيم بمعنى الكلمات واللهجات وكل معاني ودلالات قِيَم الحرية والاستقلال من نير المحتل البريطاني البغيض..
فحينما رحل آخر جندي بريطاني محتل من أرضنا الطيبة عدن وجنوب اليمن برمته، تنفس الجميع الصعداء، وخاصةً أن هذا المحتل البريطاني الوقح ترك جميع جنوب اليمن كما خلقها الله، مُهملة، متخلفة وبائسة في طبيعتها وتضاريسها ولم يعمل أي تغيير يُذكر طِيلة زمن احتلاله لجنوب اليمن، بعيدة عن الإعمار والتطوير والنماء، ولم يهتم سوى بمدينة عدن بمفردها كونها تشكل له آنذاك قاعدة عسكرية واقتصادية واستراتيجية مهمة، أما بقية اليمن فقد أبقى عليها مجموعة من الأمراء والسلاطين والمشائخ يحكمون بلغة وأدوات القرون الغابرة الماضية دونما أي تحديث أو تطوير، وهكذا رحل المحتل بعد أن واجه نضالاً وطنياً تحررياً عنيفاً قادته طلائع من مقاتلي وفدائيي التنظيم السياسي للجبهة القومية وجبهة التحرير وبقية القوى الثورية التحررية المناهضة للاحتلال البريطاني..
لقد دفع الشعب اليمني في شماله وجنوبه قوافل من الشهداء من خِيرة أبنائه الأبرار، بدءاً بالشهيد المجاهد الشيخ/ راجح بن غالب لبوزة، وعباس الشرعبي، ومدرم العوذلي، وعبدالقوي التعزي، والعولقي، والعشرات العشرات من الشهداء الأبرار رحمة الله عليهم..
لقد أُجبروا بريطانيا العجوز على الرحيل النهائي من أراضي مدينة عدن ووفقاً لشروط المناضلين من قيادات الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل برئاسة الرئيس/ قحطان محمد الشعبي، وكان لذلك الرحيل صداه المدوي في بلدان حركات التحرر الوطني على مستوى العالم، وتحديداً في الشرق الأوسط وبالذات بعد ما سُمّي بنكسة 5 حزيران 1967م على الأمة العربية والإسلامية التي صنعت خيوط مؤامرتها الدنيئة كلٌّ من أميركا وعملائها في المنطقة وهما السعودية والأردن، ولصالح الكيان الصهيوني الإسرائيلي اليهودي..
وما أشبه الليلة بالبارحة فتلك المملكتان المتآمرتان على الأمة العربية بالأمس وهما (السعودية والأردن) ما زالتا تتآمران بحقد أسود على أمة الإسلام في زمننا الحالي، وما الشواهد الحالية وموقفهما من حرب الإبادة الجماعية والتصفية العِرقية بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ونتائج معركة طوفان الأقصى، إلا خير دليل على مواقفهما المذلة والمخزية..
ومنذ أن شنت السعودية ومشيخة الإمارات ومعهما 15 دولة عربية وإسلامية عدوانها الوحشي غير الإنساني على اليمن وعاصمتها صنعاء في صبيحة يوم الخميس الموافق 26 مارس 2015 م، وما زال العدوان الهمجي مستمراً ولو بأشكال متنوعة ومختلفة، حتى لحظة كتابة مقالنا هذا، بهذه المناسبة العظيمة..
نكرر ما أشبه الليلة بالبارحة، فالسعودية ومشيخة الإمارات ما زالتا تحيكان خيوط المؤامرة ضد اليمن حتى هذه اللحظة، وكذا تحيكانها بشكل سافر ضد القضية الفلسطينية، وتحديداً من أجل إفشال معركة طوفان الأقصى المباركة؛ وقد فضح الكاتب الأمريكي الشهير/ بوب وودرد في كتابه “الحرب” الدور التآمري المخزي لملوك وأمراء وشيوخ دول مجلس التعاون الخليجي تجاه القضية الفلسطينية وتجاه حرب الإبادة في قطاع غزة..
أليس وصول رموز الارتزاق والخيانة اليمنية برئاسة المدعو/ أحمد عبيد بن دغر وشلة من الخونة والمرتزقة القادمين من الرياض وأبو ظبي واسطنبول والدوحة ودبي إلى مدينة عدن الباسلة بطائرة سعودية عسكرية خاصة وبرفقة عدد من الأمريكان ومنظماتهم المشبوهة، أليس وصولهم إلى عدن خيانة لليمن العظيم، وخيانة لشهداء 30 نوفمبر، وخيانة لتجربة الدولة الوطنية اليمنية في جنوب وشمال اليمن، إذا لم تكن تلك خيانة بيّنة وواضحة، ماذا عسى أن يقول المراقب اللبيب في مشاهدة ما يحدث في اليمن السعيد؟!..
إن المحافظات اليمنية التي تقع تحت الاحتلال السعودي الإماراتي تعيش أوضاعاً صعبة من النواحي الأمنية والخدمية والإنسانية، وذلك بسبب ممارسات دولتي العدوان وأتباعهما من المرتزقة اليمنيين الذين يرتزقون على فُتات ما يُرمى لهم من مال مدنس ورخيص مقابل بيع كرامتهم وشرفهم وقِيَمهم، لأن تجارب العالم وحركات التحرر فيها تذكّرنا بأن
عملاء الدول المُحتلة لا قيمة لهم سوى ما يُقذف لهم من بقايا فتات مال قذر ورخيص، وسيتم رمي هؤلاء العملاء في القريب العاجل في أقرب مزبلة للتاريخ، كما تم رمي عملاء بريطانيا المُحتلة خارج عدن بعد يوم الاستقلال الوطني لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في الـ 30 من نوفمبر 1967م..
"وفوق كل ذي عِلْم عليم"
*عضو المجلس السياسي الأعلى
|