الشيخ/ محمد هزاع القباطي* - يشكّل الثلاثون من نوفمبر حدثاً تاريخياً مهماً في الذاكرة اليمنية، ففي هذا اليوم من العام 1967م تم إعلان رحيل آخر القوات البريطانية من جنوب الوطن..
وضعت ثورة 14 أكتوبر 1963م -التي اشتعلت أول شرارة لها في جنوب الوطن من جبال ردفان بقيادة الشهيد المناضل راجح غالب لبوزة- البداية الحقيقية لسقوط الإمبراطورية البريطانية..
خلال أكثر من قرن وربع القرن من الاحتلال لم يتوقف نضال الشعب اليمني وإيمانه بأن إرادته لا تُقهر، حيث تمكن في نهاية المطاف من انتزاع استقلاله وهزيمة أقوى الجيوش في حينه عدةً وعتاداً، وإجبار أكبر قوة استعمارية في العالم كانت تُعرف بالمملكة التي لا تغيب عنها الشمس على حمل عصاها والرحيل صاغرةً ذليلة..
ثمة العديد من الشواهد التي تؤكد واحدية الثورة اليمنية والارتباط العميق بين 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م وصولاً إلى الثلاثين من نوفمبر 1967م وما تلاه من مكاسب وطنية مهمة جاءت تتويجاً لتضحيات وتطلعات أبناء اليمن خلال تلك المراحل..
علينا ألا ننسى أن ثورة سبتمبر في شمال اليمن حظيت بدعم ومساندة القوى الوطنية في الجنوب؛ وفي المقابل فإنها أثارت قلق المستعمر الذي سعى إلى تقديم الدعم بالسلاح للنظام الملكي الكهنوتي أملاً في إجهاض الثورة..
كان المستعمر البريطاني يخشى أن يؤدي نجاح ثورة سبتمبر إلى المزيد من الوعي لدى أبناء الجنوب وتصعيد نضالهم التحرري وذلك بقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة..
وبتحقيق يوم الجلاء في نوفمبر دشن اليمن بشطريه مرحلة جديدة من التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفي مقدمها بلوغ منجز الوحدة المباركة..
لقد كان الحلم الوحدوي حاضراً في مختلف نضالات وتوجهات الشعب اليمني وقد تهيأت الظروف بشكل أكبر لجعله واقعاً معيشاً عقب رحيل المستعمر في نوفمبر 1967م..
ومع توالي الأيام أثمرت الجهود -التي كان للمؤتمر الشعبي العام إلى جانب الحزب الاشتراكي شرف الإسهام في قيادتها والاتفاق على مضامينها- عن التوصل إلى إعلان إعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م..
لا شك أن احتفالنا بعيد الجلاء الـ57 لرحيل آخر جندي بريطاني من عدن وباقي مناطق الجنوب، يحتّم على أبناء اليمن كافة الوقوف مطولاً أمام المناسبة وإدراك حجم التحديات والمؤامرات التي تتربص بيمننا الحبيب..
ولاشك أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا تفرض على الجميع استشعار مسؤولياتهم الوطنية، وأن عليهم اليوم أكثر من أي وقت مضى الحفاظ على وحدتهم واستقلال أراضيهم وعدم الارتهان للخارج تحت أي مبرر كان.
*عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|