يحيى الماوري - يَـلَّــه يَـلَّــه يا أحرار قوموا ثوروا يا رجال
ثورة أعلنها الأبرار عبدالناصر والسلال
ثوروا ضد الاستعمار شدوا الهمة يا أبطال
(هكذا هي الثورة والجمهورية).. كنا ونحن صغار نردد ونتغنى ببعض هذه الكلمات والأبيات والألحان احتفاء بالثورة والجمهورية وذلك بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ومع بداية ثورة الـ 14 أكتوبر 1963م ونصف فريقين جمهوريين وملكيين وفيما بعد يمنيين وانجليز ونتحارب بالعتل (التراب المتجمد) كفريقين متحاربين في أحد الميادين أو الجِرب الزراعية في الوادي، نرجم بعض ونتدافع، ودائماً كانت الغلبة للجمهوريين طبعاً معظمها بالتوافق مع بعض وذلك رغبة بنشوة انتصار الثورة والجمهورية؛ ونقوم بمسرحيات تمثيل فيها ظلم الحكم الإمامي الملكي ونور الثورة وحريتها والقضاء على الحكم الإمامي والاستبداد والاستعمار البريطاني المغتصب ..
كنا نقوم بهذه المسرحيات والحروب وكأنها مسرحيات وأفلام تلفزيونية دون أن نعرف أو نشاهد اي مسرحيات أو أفلام سينمائية أو تلفزيونية خاصة وأن في ذلك الوقت لم يوجد تلفزيون ولا سينما ولا أي شيء ثقافي أو ترفيهي، لأن العزلة كانت المسيطرة على حياة الشعب اليمني بالحصار المطبق من قِبَل الحكم الإمامي الملكي الرجعي الذي قام بحظر التواصل والابتعاث إلى الخارج للعلم والمعرفة والعمل والتبادل التجاري وكل ما يتطلب لانفتاح اليمن على العلم والثقافة والحياة الحرة..
حيث انطلقت الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني، من جبال ردفان، بقيادة البطل الشهيد/ راجح لبوزة الذي عاد من شمال الوطن اليمني مدافعاً عن ثورة 26 سبتمبر، وتجاوب شعبنا اليمني البطل بحمل السلاح وتوجه نحو جنوبنا الباسل لمواجهة الاستعمار البريطاني ودعمه للثوار بالسلاح والمؤن وفي نفس الوقت يدافع عن الثورة والجمهورية في الشمال حيث انتصرت الثورة في الشمال واستمرت المواجهة مع الاستعمار في المدن والقرى والجبال والوديان على تراب جنوبنا المحتل حيث شارك في هذه المواجهة المرأة والرجل والشباب وحتى الأطفال الذين كان لهم أدوار مختلفة إلى جانب من شاركوا بحمل السلاح ومن شارك بالمظاهرات والاحتجاجات ورمي جنود الاحتلال بالحجارة رغم تعرض الكثير منهم للضرب بأعقاب البنادق والسحل وكل أنواع العنف والإرهاب والاضطهاد.. ولكن شعبنا اليمني البطل قاوم ليس فقط بالسلاح وإنما بالوقوف شامخاً أمام الجنود البريطانيين رافعاً رأسه إلى سماء وطنه الذي حاول الاستعمار سلخ جنوبنا اليمني الغالي من شماله العزيز وبذر الفرقة وخلق الفتنة في أوساط شعبنا من أجل بقائه والسيطرة على جنوبنا لما لبلادنا من موقع جغرافي مهم، ولكن لم يتحقق له ذلك بفضل سواعد الثوار الأبطال وضرباتهم القوية والفاعلة الذين سحلوا ومرَّغوا جنود الاستعمار البريطاني وهيبته ومكانته في الوحل وأجبروه على الرحيل في الـ 30 من نوفمبر 1967م، وحمل معه عصاه ومعاقيه من على أرض الأحرار؛ وخرج شعبنا يحتفل بالاستقلال في هذا اليوم العظيم وينشد بأنشودة الفنان الكبير الثائر محمد محسن عطروش :
برع يا استعمار برع من أرض الأحرار برع ..
ولكنه لم يخرج من أرضنا فقط وإنما كانت ثورة الـ 14 من أكتوبر 1963م هي آخر مسمار في نعشه وانهزامه الفعلي والمعنوي من جنوب يمننا ورحل من كل دول الخليج المحتلة وكل البلدان التي ما زال يحتلها في ذلك الوقت وانكمش في جزره المفتتة بدل ما كان علمه لا تغيب عنه الشمس..
كان للمرأة اليمنية في عدن دور كبير في مواجهة الجنود الإنجليز في تسهيل الطريق للفدائيين وتجنيد ابناءهن وحشد الشباب والأطفال للمظاهرات والاحتجاجات ومواجهة الإنجليز في الشوارع وفي مقراتهم حيث شاركن في العمل الفدائي وكانت عدن حاضنة للعمل المسلح والثورة الاحتجاجية والثقافية وأكبر مساعد في تحطيم وهزيمة المستعمر البريطاني سياسياً وعسكريا ومعنوياً..
عاش شعبنا ووطننا وثوراتنا وأكتوبر.. وعاش يوم الحرية والاستقلال 30 نوفمبر 1967م..
التحية للثوار الأحرار.. والرحمة للشهداء الأبرار.
*رئيس فرع المؤتمر في ولاية ميتشيغن
|