د. عبدالوهاب الروحاني -
قبل الثورة وبعدها كُنا يمنيْن وعَلَمين ونشيدين، وبعد الجمهوريتين والاستقلال كنا بعلمين ونشيدين مختلفين حتى غادر زمن الانكسار في العام 1990م وصرنا يمناً موحداً بعلم واحد يظللنا، ونشيد واحد يحرّك مشاعرنا ويجذّر فينا روح الوحدة والانتماء..
في ظل الوحدة صرنا بمؤسسات دستورية وقانونية موحدة تحكمنا، ورئاسة واحدة تدير شؤوننا.. وكنا دولة ووحدة.. فكيف أصبحنا اليوم، وكيف أصبح حالنا؟!
* كم مؤسسة دستورية لا تزال بيننا؟!
* كم مجلس رئاسة عندنا؟!
* كم عَلَم يمزقنا؟!
* كم جهة، وكم نزعة تمسك بخناقنا؟!
أسئلة مشروعة يمكن لأي مواطن يمني أن يسألها؛ وذكرى نوفمبر (الاستقلال) يذكر كل عام برموزه، من راجح لبوزة وقحطان الشعبي إلى خليفة وعلي عنتر وقوافل طويلة من المناضلين، الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم، ورسموا لوحة التحرير بحبرٍ من دمائهم..
كيف نحتفل ؟!!
وإذن، فالسؤال الأهم هنا، هو بأي استقلال يجب أن نحتفل في يوم الاستقلال، وقد أصبح لدينا وطن ممزق بين شمال وجنوب، ووسط وشرق وغرب ؟!
• بأي استقلال نحتفل والأعلام التي ترفرف على الجزر اليمنية غير يمنية، والإدارة التي تديرها لا تخضع للقرار اليمني؟!
• بأي استقلال يمكننا أن نحتفل، ولدينا مجالس رئاسية مناطقية، وجهوية، وطائفية، وقبلية بمسميات وأعلام وألوان وأجندة متعددة.. ؟!
لدينا رئاسة في صنعاء، ورئاستان في عدن، وأخرى في الرياض، ومجلس في حضرموت وآخر في مأرب، ورابع وخامس في شبوة والساحل، ومحافظة محتلة في سقطرى.. والحبل لا يزال على الجرار..!!
كلٌّ يحكم بقانونه الخاص، ومؤسسته الخاصة، وأدواته الخاصة.. هذا هو الحال، إرادة يمنية مسلوبة، وقرار يمني مُصادَر، وقيادات مرتهَنة، وفوضى تضرب الوطن طولاً وعرضاً.. والغريب أن هؤلاء جميعهم يحاربون بمبرر "الدفاع عن أمن الوطن واستقلاله"...!!
وهنا، نقول لمن يمتلك سلطة اليوم، أن الاستقلال هو سيادة وانتماء، وولاء، وقرار وطني مستقل.. ومسؤوليتكم أن تسألوا أنفسكم بعيداً عن الأضواء والكاميرات: لمن تنتمون ولمن ولاؤكم؟ وفي ضوئه ستكتشفون أين تقفون.. وستكتشفون:
* ان الاستقلال ليس خطابات تذيعها القنوات وترددها الطبول الفارغة..
* وليس برقية تهنئة تكتبونها في المناسبات.. ولا طبل ومزمار، ولا رقصة في فندق، ولا شعار في حفلة زار تنظمونها..
ليت أنك مثلنا:
رحم الله الشاعر (الشعبي) اليمني الكبير: (لا أدري، صالسحلول أو سرور مبرك)، الذي تنبأ مبكراً أننا سنتحول من حال لحال، حينما كان يُسائل المستعمر (البريطاني) الذي رحل.. فقال عن الاستقلال في قصيدته:
طال يا راجل سكونك عندنا
قرن والثاني انتصف وانته هنا
ايش ننسب لك؟ وشو تقرب لنا
هل أخونا أنت أو بن عمنا؟
ليت إنك عروبي مثلنا
بانغض الطرف عنك كلنا
أنت أصلك تختلف عن أصلنا
ثم لغوك يختلف عن لغونا
بل ودينك يختلف عن ديننا
في الوطن هل أنت من جيراننا؟
هل حدودك لاصقة في حدنا؟!
ايش جابك عندنا كيه قل لنا!
بُعْد شاسع لا جوار بيننا
أين "بحر المانش" من حقاتنا"؟!
رحم الله الشاعر..
وأعان الله الوطن.
|