استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني - التحركات العسكرية في المحافظات الجنوبية والشرقية للقوات الأمريكية والبريطانية في الآونة الأخيرة يعني أن الأمر قد وصل حداً خطيراً، وأصبح جزء ترابي من الأرض اليمنية تحت الاحتلال المباشر وغير المباشر، الأمر الذي يستدعي تحرُّك كافة القوي الوطنية الحية لطرد هذه القوات، التي لولا تواطؤ أدوات العدوان لما أقدمت على هذا الفعل الفاضح في تدنيس التراب الوطني، كما أن هناك جملة من العوامل أيضاً جعلت اليمن مقصداً لهذه القوات الأجنبية، فالموقع الاستراتيجي لليمن والصراع الدولي الحاصل في المنطقة عزز هذا التواجد أيضاً، وهو هدف استعماري قديم/جديد، لكنه اليوم يظهر بمسميات أخرى وتحت ذرائع واهية كذلك، مما يعني أن بلادنا في خِضَم هذا الصراع، وهو الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد..
روبرت كابلان أشار في مقال له بعنوان "التنافس في المحيط الهندي"، إلى أن المحيط الهندي هو شريان رئيسي من شرايين شبكة العولمة، وساحة محورية لتنافس الإمبراطوريات ودول "العالم الثاني"، و القوى الإقليمية، على النفوذ الاستراتيجي والمصالح الاقتصادية ، أضف إلى أن الموقع الذي يتمتع به اليمن في قلب مركز طرق التجارة العالمية وقُربه من منطقة القرن الأفريقي والتي تُعد بوابة المرور إلى عمق القارة البكر (أفريقيا)، زاد من الأهمية وزادت معها كذلك مطامع الدول الكبرى التي بدت أكثر ضراوةً في هذا المنحى، كما أن ازدهار تجارة النفط في دول الخليج والتي تسيطر على حوالي 50% من تجارة النفط العالمية، كانت سبباً آخر للفت أنظار القوى الدولية والإقليمية حتى الصاعدة منها في التحرك..
يقرأ المحلل السياسي سمير المسني هذا التحرك، أنه نتيجة ما أسماه بضبابية الرؤية العميقة في الفكر السياسي لدى النخب السياسية اليمنية التي ما فَتِئت تنساق وراء مشاريع صغيرة وغير وطنية وصلت إلى ما نحن عليه اليوم.. مشيراً إلى أن هناك عدم تعاطٍ جاد ومسؤول تجاه ما يحدث من انتهاك للسيادة اليمنية في المحافظات الجنوبية التي وصفها بأنها "محتلة".. وأضاف المسني: لقد أضر هذا الأمر أيما ضرر بمنظومة العمل الوطني وأدى إلى انتكاسة خطيرة للغاية في الحفاظ على أدنى مستويات الوعي؛ وأصبحت مفاهيم العمالة والخيانة والتفريط بالسيادة والهوية اليمنية وجهة نظر!!
صراع بيني
لقد وصل الأمر إلى أن يقوم المحتل وعبر (شركاته السينمائية الإسرائيلية بإنتاج أفلام إباحية مخلة بالآداب العامة في جزيرة سقطرى)، وهذه إحدى مفردات العمل السياسي غير الرشيد المنحرف للأسف الشديد، والتفريط بالسيادة.. لقد نبهنا كثيراً وعبر اللقاءات التلفزيونية والإذاعية إلى مغبة التغاضي عما يحصل في المحافظات الجنوبية من انتهاك للسيادة الوطنية ولاسيما في الجزر اليمنية التي أصبحت مستوطنات، وتم العبث بالديموغرافيا السكانية، وسلب ونهب مقدرات شعبنا وموارده في تلك الجزر، وتحويلها إلى قواعد عسكرية واستخباراتية (بريطانية وأمريكية وإسرائيلية) وأصبحت تشكّل مرتكزات أساسية لخطوط قوى الاستكبار العالمي العسكرية، وتغيير قواعد الاشتباك من البحرين العربي والأحمر إلى صراع بيني (يمني _ يمني) من خلال استخذام تلك الجزر وتهيئتها لانطلاق الطائرات الإسرائيلية لقصف اليمن -(جزيرة عبدالكوري على سبيل المثال)- أو ما يحصل من تحركات إماراتية واسعة -(ونبهنا أيضاً لخطورة هذا الموضوع سابقاً)- لضم جزيرة سقطرى اليمنية الاستراتيجية إلى سيادتها وتحويلها إلى الإمارة الثامنة لدويلة الإمارات..
حديقة خلفية
وأردف المسني: هناك مخطط لتنفيذ مشروع بناء قاعدة عسكرية ومهبط للطائرات الحربية وتحت قيادة الموساد؛ولكن وكأننا نؤذن في مالطا أو نغرّد خارج السرب.. أوضاع مأساوية مفتعَلة تعاني منها المحافظات الجنوبية وكذلك الجزر اليمنية التي يتم العبث بها بهدف ضرب نسيجنا المجتمعي وإلهاء شعبنا في الداخل عن الثوابت الوطنية، وهذا جزء بسيط من أجندة قوى الاستكبار العالمي ووكلائهم الإقليميين (الإمارات والسعودية) لحرف بوصلة الفكر والوعي وتحويلنا إلى حديقة خلفية لتلك الدول.. وهنا نعود للمربع الأول ونعيد التنبيه إلى ضرورة اتخاذ المعالجات السريعة لمواجهة هذا الخطر المحدق باستقلال وسيادة البلد، وهذا لن يتحقق إلا من خلال اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية، منها استهداف تلك الدول في عقر دارها، وضرب المواقع النفطية فيها (أرامكو وادنوك) لغرض تحييد منابع التمويل الاقتصادي لتلك الدول التي دأبت ومنذ اليوم الأول للعدوان على فرض الهيمنة العسكرية على بلدنا..
ودعا المسني في ختام حديثه إلى أهمية توحيد الصفوف والجهود الوطنية في مختلف المحافظات لنبذ الخلافات البينية وتطبيق مبدأ المصالحة الوطنية والاحتكام إلى الشراكة الوطنية وتنفيذه على الواقع العملي، وتعزيز الجبهة الداخلية لتفويت الفرصة على قوى الاستكبار والوكلاء الإقليميين وسعيهم لتعميق الشرخ المجتمعي الداخلي، وحتى لا تزداد الأوضاع المأساوية تجذُّراً، ويصبح من المستحيل معالجتها مستقبلاً..
إيمان عميق
المحلل السياسي/ أنس القاضي، يشدد على ضرورة توحيد الصفوف لمواجهة التحديات التي وصفها بأنها "استعمارية".. وأضاف لـ "الميثاق": إن كل الشعوب تقف مُدافعة عن استقلالها الوطني، وقد حققت معظم بلدان المستعمرات القديمة استقلالها الوطني، إلا أن معركة صون الاستقلال الوطني على مختلف المستويات ما زالت قائمة؛ وأن السبيل إلى وحدة الشعب لمواجهة تحديات كهذه يتطلب إيماناً عميقاً بالقضية الوطنية وهي الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وجعلها الأولوية، وتقديم التنازلات في الداخل الوطني أولاً بين الأطراف الوطنية وبحث الخلافات والمشاكل داخل الصف الوطني المواجِه للعدوان بجدية لتقوية هذه الجبهة الوطنية، انطلاقاً من قناعة بأن اليمن بلد الجميع، وثروتها لليمنيين جميعاً.. ولكل اليمنيين حق في الحياة السياسية والاقتصادية، وحق الوصول إلى السلطة والحكم..
لافتاً إلى أنه عندما يترسخ لدى الجميع أن اليمن لكل اليمنيين، فسوف تكون حوافز الدفاع عن وطن الجميع أكبر..
والمسالة الأخرى هي بحث مسألة معالجة الأزمة اليمنية داخلياً، وفتح خطوط تواصل مع القوى اليمنية العميلة في الداخل، والعمل قدر الإمكان على تحييد الأطراف اليمنية لتكون المعركة مباشرة مع المستعمر الأجنبي ومع اليمني الخائن الذي رفض كل العروض والمساعي وآثر إلا أن يكون مرتزقاً ضد وطنه..
احتلال مباشر
الصحفي/ أحمد داؤود -مدير تحرير صحيفة المسيرة- قال في هذا الصدد: إنه لم يعد خافياً على أحد أن التحركات العسكرية الأمريكية والبريطانية والسعودية والإماراتية المحتلة في المحافظات الجنوبية والشرقية، تأتي في سياق السيطرة على ثروات اليمن، ونهب خيراته، والتحكم بالملاحة البحرية من خلال احتلال جزيرة سقطرى، وعدن والمخا بتعز، وشبوة وحضرموت الغنيتين بالمعادن والنفط، والغاز والثروات، وإطلالهما على بحر العرب.. مُضيفاً: أن ما يحدث هو سياق احتلال مباشر لليمن، ويأتي في ظل التواطؤ والخيانة من قِبَل المرتزقة الذين يدَّعون أنهم حكومة تدير البلاد، وما هم إلا مجرد أبواق وكومبارس لهذه القوى الكبرى العالمية والإقليمية الطامعة في خيرات اليمن..
وقال داؤود لـ "الميثاق": يجب أن نعي جيداً طبيعة المعركة التي نمر بها، وأن مساندة القوات المسلحة اليمنية التي تخوض حرباً شرسة مع القوى العالمية في البحرين الأحمر والعربي، هي مقدمة لتحرير البلاد من رجس الغزاة والمحتلين، لذا علينا أن نقف وراء القيادة الثورية ممثلةً بالسيد القائد/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- فهو لا يرضى بالضيم، ولن يقبل ببقاء اليمن تحت هيمنة الاحتلال، لكن لكل شيء وقته، وزمانه، وعلينا أن نتحرك مع السيد في الوقت والزمان المناسبين..
مطامع استعمارية
المحلل السياسي/ عبدالرقيب البليط أشار إلى أن التحركات العسكرية العدوانية البريطانية والأمريكية في المحافظات الجنوبية والشرقية وكل المناطق والجزر والمياه الإقليمية اليمنية -سواءً أكانت بصورة مباشرة أو عبر أدواتهم العدوان السعوإماراتي- تندرج ضمن مخططاتهم التآمرية والعدوانية والاحتلالية والاستعمارية ولتحقيق مآربهم الخبيثة وأهدافهم القذرة التي تأتي في إطار الاحتلال والاستعمار ونهب الثروات الطبيعية والمعدنية وغيرها.. لافتاً إلى أن هناك مطامع استعمارية في احتلال الساحل اليمني الذي يمتد من بحر عمان وحتى البحر الأحمر، وكل المنافذ البرية والبحرية وأهمها خليج عدن وباب المندب والبحر العربي والمحيط الهندي؛ والسبب الرئيسي والأهم لكل ذلك هو موقع اليمن الاستراتيجي، علاوةً على أنه حلقة وصل رئيسية للعالم بثلاث قارات "آسيا وأفريقيا وأوروبا"؛ كما أن اليمن يشكّل القوة الاستراتيجية والعمق الدفاعي لكل دول الخليج والشرق الأوسط كله، وخير دليل على ذلك ما تقوم به اليمن وقواتها المسلحة اليمنية من عمليات عسكرية في البحار الأحمر والعربي والأبيض المتوسط والمحيط الهندي وفي عمق كيان العدو الصهيوني بفلسطين المحتلة مُسانَدةً للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وفلسطين والمقاومة اللبنانية حزب الله اللبناني ولبنان وشعبها في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وما حققته من انتصارات عظيمة وساحقة على كيان العدو الصهيوني والعدوان الأمريكي والبريطاني والأوروبي في هذه المعركة الجهادية المقدسة، وكبَّدتهم الخسائر الفادحة اقتصادياً وعسكرياً..
موقف موحد
لذلك يجب على كل اليمنيين في كل أرجاء اليمن الحبيب أن يقفوا صفاً واحداً إلى جانب القيادة الثورية والسياسية والقوات المسلحة اليمنية وأن يكونوا داعمين ومساندين لهم في هزيمة المعتدين المحتلين والمستعمرين "الصهيوأمريكية بريطانية أوروبية سعوإماراتية" ليتم تحرير كل المناطق والمدن والجزر والمياه الإقليمية اليمنية المحتلة وطردهم منها وتطهيرها من دنسهم ورجسهم واستعادة كل الثروات المختلفة المنهوبة والاستفادة منها في تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي وكل المجالات المختلفة لليمن وشعبها ورقيّهم وتطورهم وازدهارهم..
وتطرق البليط إلى ضرورة مساندة ودعم ما تقوم به القوة الصاروخية اليمنية.. منوّهاً إلى أن استهداف اليمن هو نتيجة طبيعية لوقوف الشعب اليمني مع اخوانهم في فلسطين ولبنان؛ لذا من المهم دعم ومساندة ومباركة كل العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر والعربي والأبيض المتوسط والمحيط الهندي، التي تنفذها في عمق كيان العدو الصهيوني، مساندةً ونصرةً للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية والشعبين الفلسطيني واللبناني ضد الكيان الصهيوني وداعميه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأوروبا وعملائهم، حتى تتم إزالة المعتدين المحتلين والمستعمرين لفلسطين المحتلة وجنوب لبنان والجولان السورية والعراق وغيرها، ليكون زوالهم الأبدي والقريب جداً من فلسطين المحتلة والمنطقة بأكملها ونهائياً وإلى الأبد..
تماسك وطني
المحامي والناشط السياسي/ عبدالسلام المخلافي، يدعو إلى ضرورة استشعار اليمنيين لخطر التواجد الأجنبي في بلادهم.. ويرى أن ذلك لن يكون إلا من خلال العمل السياسي والجماهيري والتوعية الشعبية بهذا الأمر.. وأشار إلى ضرورة أن تقوم حكومة صنعاء بتوحيد الصف الوطني من خلال توسيع رقعة المشاركة السياسية في عملية اتخاذ القرار السياسي وعلى مستوى أداء الحكومة.. لافتاً إلى أن العدو دائماً ما يتسلل لبلادنا من خلال استغلال الظلم السياسي والاجتماعي، ولذلك لن تنجح الجهود العسكرية مهما بلغ شأنها في كبح جماح التمدد الأجنبي إلا إذا كانت مسنودة بتلاحم شعبي وسياسي حقيقي.. واختتم بالقول: هذا ما يجب أن نعمل عليه جميعاً لتفادي ما هو أكبر، وذلك بتقديم التنازلات واستشعار خطورة الوضع وصعوبة النجاح على الأجنبي إلا بتماسك متين في الجبهة الوطنية. |