طاهر الجنيد - عند استعراضنا بعض عوامل القوة والضعف في المواجهة بين المقاومة الإسلامية والعدو الإسرائيلي، نجد أن اليهود يعتمدون على دعم الحلف الصليبي وصهاينة العرب في استراتيجيتهم القائمة على الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في سعيهم لتحطيم إرادة الشعب الفلسطيني، مع أن حقائق التاريخ تؤكد أن إرادة الشعوب من إرادة الله، وأنها لا تُقهر؛ وأن الإجرام مهما امتلك من قدرات وإمكانيات فإنه سرعان ما ينهار ويُهزم بوسائل بسيطة..
الإمبراطورية الأمريكية جرَّبت حظها بعد خروجها منتصرةً في الحرب العالمية الثانية في أكثر من بقعة أو منطقة جغرافية منها فيتنام.. حشدت قواتها والمتحالفين معها واحتلت فيتنام ولم تدرك فداحة ما أقدمت عليه إلا في نهاية الحرب، ولم تتعلم من تجارب الاحتلال الفرنسي أو الياباني اللذين سبقاها وربما أنها حسبت ذلك لصالحها باعتبار أنها ستواجه شعباً مُنهَكاً دمرته الحرب..
بينما امتلك الفيتناميون إرادتهم التحررية واعتمدوا علي استخدام أسلوب الإنفاق للاحتماء من كل الأسلحة المحرمة التي استخدمها الأمريكيون، والشجاعة في القتال حتى آخر رمق، بالإضافة إلى الحصول على الدعم من المعسكر الاشتراكي بشقيه السوفييتي والصيني..
وعند مقارنة ذلك مع المقاومة الفلسطينية سنجد استخدام الإنفاق والشجاعة في المواجهة، فتفوقت المقاومة الفلسطينية بإيمانها بالله والشهادة في سبيله، في مقابل عقيدة الاستبسال والقتال حتى آخر قطرة دم.. وتفوق الفيتناميون بمصادر الدعم المادي والمعنوي والعسكري من قِبَل المنظومة الاشتراكية في مقابل الحصار المفروض على المقاومة مما جعلها تعتمد على الذات في توفير العتاد والسلاح..
عملت أمريكا على تنصيب حكومات موالية لها وهو ذات الأمر الذي استخدمه العدو الإسرائيلي واتّباع سياسة واستراتيجية القوة والتنكيل والقصف الجوي باستخدام مختلف الأسلحة المحرمة دولياً مما أدى إلى إبادة قرى بأكملها، وكان الأخطر من كل ذلك اتّباع سياسة الفتنمة (قتال الفيتناميين بعضهم)، وهي ذات الأساليب التي يتبعها العدو الإسرائيلي..
أرسلت أمريكا أكثر من نصف مليون جندي بالإضافة إلى جنود مختارين من المتحالفين معها "استراليا والفلبين" وغيرهما، وتوسعت في عدوانها حتى شملت ضرباتها الدول المجاورة لمنع الإمدادات..
العدو الإسرائيلي يعتمد على نفس الأساليب والوسائل حيث يعمد إلى اغتيال رجال محور المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا وإيران وضرب الأهداف المدنية كما في اليمن، بضرب خزانات الوقود في الحديدة، ويستفيد من الأحلاف العسكرية في تزويده بالمعلومات كالتحالف العسكري (حلف المنامة السعودية والإمارات ومصر والبحرين وإسرائيل).. ويعتمد على حلفائه لتوفير ممر اقتصادي آمن لمواجهة الحصار العسكري الذي أعلنته اليمن بمنع مرور سفن الإمداد والتموين للجيش الصهيوني والمتحالفين معه تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية وضمان تحقيق الأمن والسلم الدوليين بمنع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني على أرض غزة وفلسطين، وأيضاً حتى يتم رفع الحصار الإجرامي عن أهلنا في غزة والذي أدى إلى استشهاد الآلاف جوعاً وفي مقدمتهم الأطفال والنساء..
الممر الاقتصادي جاء نتيجة تعاون أمريكا والإمارات والمتحالفين مع العدو الإسرائيلي في قمة العشرين التي عُقدت في الهند كرابط استراتيجي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا من خلال شبكة (نقل عبر الحدود موثوقة وفعالة من حيث التكلفة من السفن وخطوط السكة الحديدية والتمكن من نقل السلع والخدمات من وإلى الهند والإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل)، وصولاً إلى أوروبا، ومن وجهة نظر الحلف يمثّل انجازاً تاريخياً لدعم العدو الصهيوني وإنقاذه من حصار الجيش اليمني..
يراهن العدو الصهيوني على الدعم والإسناد اللامحدود من الحلف الصليبي الذي تقوده أمريكا وحلف الخيانة والعمالة من الأنظمة العربية والاستعانة بجهود المرتزقة خاصةً من الطائفة الدرزية الحاملين أسماء عربية لكنهم لا يفترقون عن اليهود والنصارى في العداوة وأيضاً الاستعانة بالحكومات والأنظمة العميلة لقمع الشعوب حتى لا تدعم قضية ومظلومية الشعب الفلسطيني..
المقاومة الإسلامية تعتمد على إيمانها العميق وثقتها المطلقة بالله سبحانه وتعالي وتأخذ بالأسباب في إعداد العدة والسعي في تقديم التضحيات إرضاءً لله ومقاومة الظلم والإجرام والاستكبار الصليبي الصهيوني، وهو ما اعترف به رئيس وزراء العدو الصهيوني، وحسب ظنه أنها ستكون المعركة الأخيرة..
الصمود البطولي الأسطوري للمقاومة الإسلامية ودعم وإسناد محور المقاومة حوَّل مسار الرأي العام العالمي والشعبي في معظم الدول المتقدمة لصالح دعم مظلومية الشعب الفلسطيني، وفي المحافل الدولية والعالمية أيضاً، فقد عرف العالم أجمع حقيقة الإجرام الصهيوني من خلال جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما سيؤدي حتماً إلى التسريع بإزالة وزوال الاحتلال الاستيطاني بكل جرائمه وما اقترفت يداه، ولن يطول أمده والمتحالفين معه لتوسيع دائرة الاستهداف لدول محور المقاومة، بل إن ذلك سيُسرّع من سقوطه ونهايته..
لقد هُزمت أمريكا والمتحالفون معها في فيتنام رغم الدمار الذي سُلّط عليها ورغم امتداد الحرب لتضرب خطوط الإمداد والتموين، حتى الصين والدول المجاورة، لكن الهزيمة أنهت أسطورة الجيش الأمريكي البالغ تعداده أكثر من نصف مليون مقاتل، ولن يشفع للجيش الصهيوني الاستعانة بالمجرمين من مختلف الجنسيات سواءً تحت يافطة حب المال وإغراءاته أو القتال بالاستعانة بتعاليم التوراة والإنجيل المحرفَّيْن أو غير ذلك، لأن الله تكفَّل بنصر أوليائه وخذلان أعدائه، وهو تعالى مجيب دعوة المضطر إذا دعاه، فما بالك إذا كان مظلوماً، فقد جاء في الحديث القدسي قوله تعالى: "وعزتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين".
|