د. عبدالوهاب الروحاني - قالوا إننا أهل حكمة وليس فينا ذرة من عقل، وقالوا إننا "أرق قلوباً
وألين أفئدة" وطلع مافيش عندنا لا قلوب ولا حناجر ولا أفئدة..
قالوا إننا أهل غَوْث ونجدة، ونحن أهل تخاذل وإعراض ولا مبالاة، نرى البسطاء من أهلنا يتشردون ويجوعون ويعرون ونضاعف من بؤسهم ومعاناتهم..
قالوا نحن كرماء ونحن "أبخل من مادر"، نأكل من قصعة الشعب ونعبث بما تبقَّى فيها، ننهب أموال ضعفائنا ونأكل مرتبات موظفينا، ونختطف اللقمة من أفواه جَوْعانا..
قالوا إننا شجعان وأوفياء، ونحن "أجبن من صافر"، أهل غدر نستقوي على الضعفاء منا، نقتل وننهب بعضنا، نحن "أذل من وتد بقاع".. ضعفاء أمام الأوصياء والكفلاء، أسلمناهم رقابنا وقرار بلدنا.. نحن شجعان في العوافي، ونحن من ينطبق عليه قول أحدهم:
وإذا ما خلا الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
قالوا نحن قبائل أشداء ذو منعة وعزة، وهزمتنا الفئران، وسيطر علينا الأُمّيون والجهلة..
لا أقول هذا جَلْداً للذات.. أستغفر الله من كل ذنب عظيم، وإنما أنا أُفْصِح عن واقع الحال وحقيقة ما يجري في بلدنا المنكوب.. فنحن على مدى عشر سنوات نتحارب وندمر، ونقاتل بعضنا ولا ندري لماذا.. !!
أعني، أن من به حكمة لا يقاتل لمجرد أنه يقاتل، وإنما يقاتل لتحقيق السلام؛ ومن به عزة وإباء لا يفرّط بسيادة أرضه ولا يرهن قرار بلده لغير وطنه؛ والشجاع لا يقطع طريقاً، ولا يصادر حقوق وممتلكات الغير، ولا يستقوي على الضعفاء من أبناء وطنه..
هُنا بيت الحكمة..
شبع المواطن اليمني حرباً وتشرُّداً ومعاناةً، لم يعد اليوم يبحث إلا عن عيش آمن في وطن آمن.. وهو بمجرد أن يسمع عن لقاءات أو تقارب هناك أو هناك تبرق في عينيه ومضات أمل رغم اليأس..
بمعنى أن أخبار التوافق، وتواصل اللقاءات بين أطياف العمل السياسي أياً كانت، تمثّل للمواطن البسيط تحريكاً ممتعاً للمياه الراكدة؛ لكن الأجمل والأهم أن لا يكون هذا "الإمتاع" فقط لالتقاط الصور، وإصدار بيانات المدح والردح بحق هذا أو ذاك، وإنما يريدها أن تقف على معاناة الناس وتتحسس أوضاع معيشتهم..
نريد أن يلتقي الكل مع الكل على العقل، ومن أجل الوطن، لا من أجل أحزابهم ومصالحهم، نريدهم أن يلتقوا على إعادة الأمل للمواطن اليمني، وتركه يعيش حياته بدون جبايات ولا ملاحقات ولا قطع طرقات ولا مداهمات..
نريد القوى والأحزاب وكل سلطات الأمر الواقع أن تلتقي جميعها على خمس :
* وقف الحرب، ولجم البندقية في كل أرجاء الوطن.
* توحيد المؤسسات الدستورية.
* إعادة توحيد الريال والبنك المركزي وكل المؤسسات النقدية.
* صرف مرتبات الموظفين بدون فرز حزبي أو عنصري أو طائفي أو مناطقي أو جهوي، والتعامل مع الجميع بكونهم مواطنين يمنيين صالحين.
* تحرير القرار السياسي اليمني من السيطرة الخارجية ليعود يمنياً خالصاً..
هذا هو ما ينشده المواطن اليمني، وهذا هو بيت الحكمة والشجاعة، فحتى نكون نحن اليمنيين أهل "إيمان وحكمة" لا بد أن ننشد السلام ونعمل على تحقيقه.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..
|