علي ناصر محمد - بعد حرب الإبادة والتهجير القسري في غزة لأربعة عشر شهراً كاملة، والعدوان على لبنان في 17 أكتوبر، ثم العدوان على حلب في 27 نوفمبر، وأخيراً حماة في 5 ديسمبر، لم يعد بأيدينا سوى التصديق بأن مؤامرات متعددة الأطراف وموحدة الغايات تُحاك ضد ثلاثي الجوار لدولة العدوان، ولن تتوقف أو تنتهي إلا وفق المشيئة الإسرائيلية – الأمريكية، بإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة تتجاوز معاهدة سايكس- بيكو السرية عام 1916م، وترسم خريطة جديدة تشرعن الاحتلال الصهيوني وتوابعه، بما في ذلك رسم خريطة للإسلام السياسي - الغربي الهوى المتعايش مع الكيان الغاصب..
سيشمل هذا التغيير في مرحلته الأولى الشام التاريخية، ثم يعبر إلى غيرها من الكيانات القِطرية العربية، مستوعباً إيجابيات وسلبيات هذا التغيير الجيوستراتيجي الأشد خطورةً في تاريخ المنطقة المعاصر ودروسه المستفادة، ومنها على وجه التحديد قبول ورضوخ العرب لما يُخطط لهم وهم نُوَّم، أو في أحسن الأحوال ظهورهم في الجدار..
لقد نأى العرب بأنفسهم عن دعم غزة ولبنان وسوريا دعماً فعلياً مُجدِياً يتجاوز الإعلام المتذاكي والازدواجية السياسية والغموض الدبلوماسي، لأن ما كان متوقَّعاً هو أن يفعل العرب، على الأقل، ما تقوم به دول غربية عِدة علناً وبدون خوف، لأننا لم نعد في حساباتها سوى أصفار، بالسماح لمن يريد من المواطنين العرب دعم المقاومات بالقتال في صفوفها، وهنا لن يؤاخذنا أحد على ذلك لأن حلفاء إسرائيل من أوروبا، حتى الأرجنتين فعلوا ذلك..
هذه الدول، وفي مقدمتها أمريكا، سمحت لليهود الصهاينة وغير اليهود بالاشتراك في قتل الفلسطينيين الغزاويين، بما يفضي إلى اتهامها بالمشاركة في جرائم الإبادة الجماعية، التي كان أحدث من أيَّدها منظمة العفو الدولية الأسبوع الماضي، ومعها جريمتي التطهير العِرقي والتجويع المتعمد..
لم يَبدُر من العرب حتى كتابة هذه السطور حتى الاعتراض الرسمي السياسي والدبلوماسي على تسليح إسرائيل، على سبيل المثال..
ومما زاد الطين بِلّة أن جامعة الدول العربية، استجابةً منها لرغبة بعض الدول الأعضاء، قررت تأجيل عقد اجتماع لوزراء الخارجية في مقر الجامعة بالقاهرة يوم الأحد الموافق 8 ديسمبر الجاري، لبحث الوضعين السوري والفلسطيني بدعوة من فلسطين وسوريا..
لا جديد في تكرار القول بأن أمتنا تعيش أحلك أيامها سواداً، التي لها ما بعدها في المستقبل القريب، ولا بد لحماية هذا المستقبل، كما أكدنا دائماً، من وجود مشروع عربي ينهض بالأمة من هذا الواقع المرير.
|