محمد محمد المقالح - ما تنقله لكم قناة الجزيرة وأخواتها عن المشهد السوري بعد رحيل الأسد هو أمران إثنان فقط..
الأول: الاحتفالات في شوارع دمشق والمدن السورية..
الثاني: معاناة المعتقَلين في السجون المرعبة التي لا تزال الجزيرة وأخواتها تبحث عن بقيتها من ناحية؛ ومن ناحية أخرى لا تزال تحفر تحت الأرض بالشاكوش والمطرقة لإخراج المعتقَلين من السجون المرعبة التي اكتشفتها، وعندما تخرجهم عدسات الجزيرة نجد أطفالاً ونساءً وشيوخاً بلا أسماء وبلا وجوه اعتُقلوا من قبل عقود من الزمن ولا يزال بعضهم أحياءً تحت الأرض.. يا لهول الماساة لماذا أيها المجرم بشار تعتقل الأطفال والنساء كل هذه العقود من الزمن عليك لعنات التاريخ يا هولاكو عصرك ..؟! (1)
والخلاصة ما تنقله الصورة هما فقط صورة الفرح بعد ذهاب الأسد، وبشاعة الجريمة قبل ذهاب الأسد ..!!
ولكن ماذا خلف عدسة الجزيرة وأخواتها في المشهد السوري؛ وهل هذا هو كل المشهد السوري بعد رحيل الأسد ..؟؟
الجواب طبعاً لا، فخلف الصورة وخلف عدسات الفضائية هناك مشهد مروع آخر في سوريا اليوم ولكن لا تنقله عدسات الكاميرات وإنْ نقلته فلِماماً وموجهاً باتجاه الأسد أيضاً ولا غير الأسد ..!!
نعم.. خلف الصورة يوجد نهب بنوك ومصارف واقتحام مؤسسات وسرقة وثائق الدولة الرسمية في الجيش والمخابرات العسكرية والأمنية وإتلاف وثائق السجل المدني والجوازات والهجرة واعتقال علماء وخبراء البحوث العلمية والتصنيع العسكري والزراعي وكبار ضباط الجيش السوري والتحقيق معهم عن مستوى التطور التقني والعلمي الذي وصلته سوريا، وكل هذا بإشراف المخابرات الصهيونية والتركية التي تعيث الآن ومنذ البارحة فساداً في عموم مؤسسات الدولة السورية وحتى تصوير ردهات القصر الرئاسي وهو مؤسسة حكومية لا ملكية خاصة بالأسد كله من أجل المخابرات الصهيونية لا من أجل الرأي العام ..
أما ثانياً: ففي المشهد السوري أيضاً إعلان إسرائيل إلغاء اتفاق الهدنة واقتحام الحدود السورية واحتلال المواقع الاستراتيجية في جبل الشيخ والمدن والبلدات والقرى في عموم محافظة القنيطرة وبعمق يتراوح بين 5 إلى 8 كم من خط الهدنة بالتوازي مع قيام الطيران الصهيوني بقصف المطارات العسكرية وتدمير الطيران الحربي والمروحي ومعسكرات الجيش وتدمير الدبابات والمصفحات والمدافع والصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى ومصانع ومخازن التسليح العسكرية والبحوث العلمية ..
أما ثالثاً: ففي المشهد اقتتال في الشمال والشرق السوري وتهجير وتطهير عِرقي لاكراد سوريا واحتشاد تركي لدخول إضافي لاحتلال شمال شرق سوريا بعد احتلال شمال غرب سوريا ..
أما رابعاً : ففي المشهد السوري ايضا حالة من الخوف والرعب غير مسبوقة لدى عموم ابناء دمشق والمدن السورية عموما ولدى ابناء المدن ذات الاغلبية العلوية والمسيحية والدرزية خصوصا ولا تصدق ما تنقله القنوات عن الاحتفالات في هذه المدن وحتى الاحتفالات المحدودة وغير المفبركة فدافعها الخوف لا الفرح ومحاولة حماية نفسها من الهمجية وكيف لا تخاف وهي ترى صور اللحاء غير المهذبة والملامح الغريبة والبنادق المفتوحة الأمان من قِبل مسلحين من كل الأجناس تجوب الشوارع وتقتحم المؤسسات وتنهب البنوك ، وكيف لا تخاف الأسر السورية في المدينة وتشعر بالرعب امام هذا النوع من البشر الذين يمكن ان يقتلك او يذبحك الواحد منهم لمجرد الشبهة لا رادع من دين ولا أخلاق، وبمعنى آخر، فإن هذا الرعب نفسه من المجهول لدى أبناء المدن هو ما يفسر إغلاق البيوت والمتاجر والأسواق ..
بل إن معظم المخابز مقفلة، فضلاً عن تعطل المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الحكومية المختلفة رغم كل دعوات الجولاني لعودة الموظفين ..
هذا كله وأكثر منه لا تنقله عدسات الجزيرة وأخواتها لكم حتى لا يشوش المشهد المرعب في سوريا المخطط الجاري لتدمير سوريا وتقسيمها واحتلال أراضيها في الشمال والجنوب بعلم ومباركة كل من أتى بهم المخطط لحكم دمشق اليوم ..
(1) لا أنفي ولا أؤكد عن أوضاع السجون في سوريا أو في السعودية أو في تركيا فجميعها مزرية ولكن تأكدوا في الصورة التي تنقلها الجزيرة عن أسماء السجون وأسماء المعتقَلين فقد تكون خارج سوريا أو في استوديو الجزيرة نفسها، ولا تستغربوا لذلك فقد سبق أن عملوها بليبيا وصوَّروا بأن أهم ساحات طرابلس قد سقطت في أيدي الثوار ليتبين أنها صورة مجسمة للمشهد من داخل الأستوديو نفسه، وهكذا في صورة تمثال صدام حسين قبل ذلك!!
|