عبدالرحمن الشيباني - المنطقة العربية اليوم تمر بمنُعطف خطير، وما حدث في سوريا لن يكون العرب بمنأى عن ، تداعيات ذلك ستكون كبيرة مستقبلاً، في كل المعارك المصيرية لا يمكن اللعب على التوازنات وإبرام الصفقات، ولا لتقديم التبريرات فمنه ينحدر ويسيل الدم أكثر ويعبر الحدود، فالقارب المتعدد المجاديف والأهداف فيه غالباً لا يصل ، خلال الأيام التي أعقبت سُقوط النظام السوري بتلك الصورة الدراماتيكية ، يمكننا قراءة المشهد السوري ، بأن هُناك بلد عربي يجري تشكيلة بحسب رؤية أخرى مُغايرة تتوافق مع المصالح الإقليمية والدولية ، وهو ما بدأ واضحا من خلال التحركات الاخيرة التركية والامريكية والاوربية، لا سيما التركية التي يستعد الجيش التركي في احتلال مناطق واسعة في شمال سوريا ،وإحداث تغيير ديموجرافي فيه كان قد بدأه في وقت سابق ، وكذا تفكيكه للجدار الحدودي والتقدم لاستهداف المناطق الكردية ،وقبل كل ذلك الإسرائيلية التي باغتت الجميع لنيل نصيبها من الكعكة السورية ،من خلال قيامها بقضم أجزاء واسعة من الأراضي السورية من خلال توغلها داخل الأراضي السورية في محافظات درعا والقُنيطرة وريف دمشق وجبل الشيخ الاستراتيجي، وموازاة لذلك شنها ضربات عسكرية على مقدرات الجيش السوري حتي لا تكون سوريا مستقبلا مصدر قلق وخطر عليها، نعم لا يمكن طرد وطن من التاريخ لكن ايضا بالإمكان تفتيته واضعافه، لتبقي الأماني مشروعة في جدوى استعادته وحتى تحين اللحظة الحاسمة يتطلب الأمر وقت طويل.
لقد ظلت سوريا لعقود طويلة كجبهة ممانعة في الشرايين القومية وقلب عروبي نابض كما انها الموقع الجيو سياسي لسوريا وتشابكها مع جيرانها والمنطقة العربية ككل يجعل من الأمن لتلك الدول واستقرارها مرهون بالوضع فيها ، لذلك الجميع اليوم يترقب كيف سيكون الوضع فيها خلال الايام والاسابيع والشهور المقبلة، فهل يمكن ان تكون سورية الجديدة مُختلفة ؟ مبنية علي قيم المواطنة ودولة المؤسسات والنظام والقانون ومراعاة التنوع في المجتمع السوري؟ ، هذه اسئلة مُلحة لا يعلم احد كيف سيتعامل الحُكام الجُدد في دمشق معها، فلا احد يُمكن لاحد التكهن بما سيحدث في المستقبل ، لكن التصريحات الضبابية التي تأتي من هناك، وإن بدت مُطمئنة لكنها تحتمل اكثر من تأويل فالشيطان يكمن في التفاصيل، وفي هذا الاثناء لانري معادل عربي قوي إزاء ما يجري من ترتيبات إقليمية ودولية لسوريا، إلا من دافع رد فعل سياسي وانتقامي علي موقفها السياسي من حركات المقاومة ، مثّلت فرصة لارتواء من ثار وتصفيه حسابات قديمة ،يفكر بها العقل السياسي العربي الرسمي خصوصا الخليجي منه ،هذه العقليات التآمرية التي تتفنن في ممارسته ،لم تكن محصورة علي سوريا فقط ، بل هي سياسة مُتبعه في أكثر من قُطر عربي، السودان اليمن ليبيا، وقد تكون هناك دول مرشحة لهذا الاستهداف طالما وأمريكا تريد ذلك ، تبقي الأماني مُشرعة هنا في أن يتعافى هذا البلد العربي المهم ، والذي دائما ما يُوصف بأنه قلب العروبة النابض ،فهل سيبقى للعرب نبضاً فيه؟ ام ان هناك تيار آخر سيجرفه كما جرف بُلدان أخُري ما تزال تئن تحت وطأته ؟
|