يحيى نوري - لا ريب أن سعادة وابتهاج البعض بقرار الإدارة الأمريكية القاضي باعتبار "أنصار الله" جماعة إرهابية خارجية، تعكس حالة من الشلل في المسئولية الوطنية، وتنم عن نظرة قاصرة لمآلات هذا القرار وأهدافه على المستويين القريب والبعيد؛الأمر الذي يتطلب من جميع القوى اليمنية إدراك أنها لن تكون في منأى عن أن يُوجَّه لها هذا الاتهام في قادم الأيام، كما سبق أن وُجّه لجماعات وأفراد مثل جماعة الإخوان والسلفيين وغيرهم، خاصةً بعد أن أصبح الإرهاب صناعة أمريكية بامتياز وأداة وحيدة لفرض الهيمنة على مختلف الشعوب، توجهه واشنطن باتجاه خدمة مصالحها الاستراتيجية
وتُعِد له السيناريوهات والإمكانيات السياسية والإعلامية والمادية الهائلة في سبيل بلوغ أهدافها، بل والقيام من خلاله بممارسة الابتزاز السياسي للعديد من الأنظمة وإخضاعها لإرادتها تحت مبررات متطلبات القضاء على الإرهاب.. وتلك باتت حقائق واضحة وجلية أولتها مراكز البحوث والدراسات السياسية اهتماماً كبيراً حتى تمكنت بصورة علمية ومهنية من كشف أسرار وألغام السياسات الأمريكية المناهضة للإرهاب..
ولعل أحدث دليل على هذا التوظيف الخطير للإرهاب من قِبَل واشنطن ما أقدمَ عليه ترامب -الخميس الماضي- بتوقيعه قراراً تنفيذياً يقضي باستبعاد كل الطلاب الأجانب في الجامعات الأمريكية الذين أبدوا تعاطفاً مع حركة حماس وحزب الله؛ وهو إجراء يعكس توظيف الإرهاب ضد المقيمين على أراضيها، ضاربةً بعرض الحائط كل ما تزعمه من حريات تتمتع بها أمريكا،
وهذه خطوة تأتي في إطار نهج ترامب في مكافحة الإرهاب، وهو نهج لا يعبّر عن موقفه فحسب، بل عن الاستراتيجية الأمريكية المعلَنة في مكافحة الإرهاب، وبغض النظر عمَّن يهيمن على البيت الأبيض جمهوريين أو ديمقراطيين..
وخلاصةً.. إن إقدام أمريكا على اتهام أي جماعة يمنية أو أي أفراد يمنيين بالإرهاب ما هو إلا خطوة لجعل ما تسمّيه بالإرهاب في اليمن بمثابة الأرضية القوية والصلبة التي تفرض من خلالها إرادتها على اليمنيين وسلب سيادتهم واستقلالهم وجعلهم رهينة لمطامحها غير المحدودة..
وبالتالي فإن مواجهة ذلك تتطلب من كل اليمنيين -بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم- اتخاذ موقف حاسم في مواجهة الإرهاب الأمريكي؛ وأن يتجاوزوا خلافاتهم وتبايناتهم من أجل اليمن ومصالحه العليا،
وحتى لا يذهب الجميع إلى مهلكة الإدارة الأمريكية التي باتت تؤمن اليوم بمبدأ أمريكا أولاً، وعلى حساب مقدرات وإمكانات كل شعوب المعمورة،
وفي مواجهة خطر أكبر يتمثل في ربط الإرهاب بأي عمل عربي مقاوم ينتصر للقضية الفلسطينية..
وهذا لا شك خطر سيكون له تداعياته الخطيرة التي من شأنها الإضرار بقضية العرب المركزية، ومن ثَم الضياع والتوهان بين مفهومي المقاومة والإرهاب،
بعد أن تمكنت واشنطن من دمجهما في اطار معنى واحد هوا الارهاب بالصورة التي تخدم العدو الصهيوني. |