الميثاق نت - قسم التحقيقات : - الابتزاز الإلكتروني من الجرائم التي تهدد أمن وسلامة الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه، وترتكز على نشر الخوف في نفس الشخص المستهدَف والضغط عليه وتهديده بإلحاق الضرر به أو بالأشخاص المقربين منه من خلال استخدام تقنيات الاتصال والتهديد بنشر صور فاضحة له أو معلومات حساسة وطلب الحصول على أموال..
وغالباً ما تكون النساء عرضة لمثل هذا الابتزاز والضغط عليهن إما للحصول على أموال أو بهدف الابتزاز الجنسي، ويرجع انتشار هذه الجرائم إلى التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال والتواصل عبر شبكة الانترنت وهي من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.. ولا يخلو مجتمع من المجتمعات من مثل هذه الجرائم بما في ذلك مجتمعنا اليمني، الذي يجب تحصينه من خلال نشر الوعي بين أفراده حول مخاطر وأضرار هذه الجرائم وكيفية الحد منها..
فما الذي يمكن أن يلعبه الإعلام بكل وسائله لمكافحة هذه الجريمة التي تهدد حياة وأمن وسلامة المجتمع ؟
• في البداية تحدثت الإعلامية نجلاء البعداني، قائلةً: الابتزاز الالكتروني من الجرائم الشائعة في مختلف المجتمعات التي لا تستهدف فقط الأفراد العاديين بل تتعدى ذلك إلى رجال الأعمال والسياسيين والشركات وتهدد الأمن القومي للدول، والهدف منها إما الحصول على الأموال، وهذا يأتي في المقام الأول..، أو الابتزاز الجنسي بالنسبة للنساء، وهي جرائم يعاقب عليها القانون وتجرّمها الشرائع الدولية..
وأضافت: لهذا يجب أن يلعب الإعلام بمختلف وسائله دوراً فاعلاً وإيجابياً في توعية شرائح المجتمع بمخاطر هذه الجريمة وأشكالها والتحذير من الوقوع ضحيةً في شِباكها..
جرائم بشعة
وأشارت نجلاء إلى أن التوعية يجب أن تبدأ من الأسرة بحيث تحرص على توعية أبنائها وبالذات البنات، بعدم تحميل أي صور أو معلومات حساسة على الهاتف او اللابتوب، وعدم تبادل أي صور مع الأصدقاء والصديقات في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مهما كانت درجة الثقة، حتى لا تتحول هذه الصور والمعلومات إلى وسيلة للابتزاز.. فقد يتعرض الهاتف للسرقة أو للضياع وربما وصلت هذه الصور عن طريق قرصنة الحساب الخاص بهذه أو تلك، ورغم بشاعة هذه الجريمة وما تلحقه من أضرار مادية ونفسية إلا أنه في معظم الأحيان يصعب الوصول إلى مرتكبها لاستخدامه أرقاماً وحسابات مجهولة وغير معروفة..
وتختتم البعداني حديثها بالقول: سوء استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها جعلها أداة للجريمة، ومع الأسف في مجتمعنا يفضّل من يتعرض للابتزاز الإلكتروني الصمت خشية الفضيحة، كما تلجأ بعض الفتيات إلى الانتحار نتيجة تعرضهن للابتزاز..
التوعية مسئولية الجميع
• من جانبه قال الناشط الإعلامي ياسر مغلس: المشكلة أن جرائم الابتزاز الالكتروني لم تعد فردية يقوم بها أشخاص لأسباب مادية أو شخصية، بل أصبحت جريمة منظمة تُدار عبر شبكات ومؤسسات وأجهزة أمن تتبع دولاً، ويقوم بها محترفون في مجال الكمبيوتر والإنترنت وفن القرصنة بهدف السطو على الأموال والمعلومات واختراق حسابات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من مسؤولين وسياسيين ورجال أعمال وفنانين وحتى ناس عاديين يقعون ضحية لهؤلاء؛ وتختلف طرقهم بحسب المستهدَفين بما فيها إرسال روابط بمجرد فتحها يتم السطو على جميع الملفات الموجودة داخل الجهاز من صور ومعلومات وغيرها وتصبح مادة للتشهير والابتزاز..
وأضاف: الانستجرام والفيسبوك يكتظ بصور بنات ونساء من مختلف الأعمار ومن مختلف البلدان وهي صور مخلة بالشرف؛ وباعتقادي أن هذه الصور نُشرت معظمها بغير علم ومعرفة هؤلاء الفتيات وإنما تم نشرها عن طريق القرصنة وكُنَّ ضحايا للابتزاز الالكتروني، ومع الأسف كثير من البنات في مجتمعنا يقعن ضحية حبيب مخادع أو صديقة منحرفة..
ويختم مغلس بالقول: يجب على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة تخصيص مواد وبرامج توعوية حول هذه الجرائم وطرق مكافحتها؛ كما يمكن لشركات الاتصالات أن تساهم في هذا الجانب من خلال إرسال رسائل نصية للمشتركين، فالتوعية بهذه الجريمة مسؤولية الجميع..
جرائم لا أخلاقية
إلى ذلك قال الإعلامي محمد الحاج : الابتزاز الالكتروني من الجرائم الشائعة في عصرنا الحاضر ووقع ضحيتها الكثير من الناس رجالاً ونساءً، ولم تسلم بلادنا من مثل هذه الجرائم اللاأخلاقية في المقام الأول، ويهدف مرتكبها إما الحصول على المال أو الانتقام أو الابتزاز الجنسي، وقد تُـنُـووِلَتْ هذه الجريمة في الكثير من المنشورات والمقالات في عدد من المواقع باعتبار ذلك من باب المسؤولية والواجب الديني والوطني..
وأضاف الحاج: كنتُ شاهداً على تعرُّض بعض الأشخاص لجرائم الابتزاز، لدرجة أن أحدهم وصل إلى حالة نفسية دفعته للانتحار نتيجة الخوف من تبعات هذا الابتزاز على أسرته، والموجع أن من مارس عليه الابتزاز كان من أقرب أصدقائه المقربين..
وذكَّر الحاج -في سياق حديثه- بما تعرضت له الزميلة سحر علوان من ابتزاز وتهديد دفعها لمحاولة الانتحار؛ ومن سرَّب صورها الشخصية كانت أيضاً من صديقاتها، وهنا تكمن المأساة عندما تأتي الطعنة ممن تثق به وتشاركه أسرارك وتأتمنه عليها..
واختتم بالقول: الهواتف الذكية أصبحت في متناوَل الجميع نساءً وأطفالاً ورجالاً، والانترنت متاح، ووسائل التواصل الاجتماعي بلا رقابة، وهذا يزيد من انتشار هذه الجرائم، الأمر الذي يتطلب التعاطي معها بجدية والحرص على تلافي الوقوع ضحية الابتزاز، وهذا ما يجب أن تضطلع به وسائل الإعلام المختلفة وتكثيف حملات التوعية بهذه الجريمة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، والتركيز على أولياء الأمور باعتبارهم الأساس في حماية أبنائهم وبناتهم؛ ولا نغفل أيضاً دور المساجد في هذا الجانب..
تجريم هذه الأفعال
• وتعتبر الدكتورة شريفة المقطري جرائم الابتزاز الالكتروني من الجرائم التي يعاقب عليها القانون وتصنف من الجرائم الهادئة والعابرة للقارات، فهي لاتحتاج إلى العنف أو استخدام السلاح لتنفيذها، وإنما تحتاج إلى التقنية المتاحة وهو ما يجعلها أكثر خطورةً على السلم الاجتماعي وتعرُّض الأمن القومي للدول لمخاطر كبيرة، ولهذا شددت الأمم المتحدة في أكثر من قرار -بما في ذلك قرار هافانا 1990م وما تبعه من قرارات- على حثّ الدول الأعضاء على تكثيف الجهود للحد من جرائم إساءة استخدام جهاز الكمبيوتر ووضع القوانين والتشريعات التي تجرم وتعاقب مرتكب جرائم الابتزاز الالكتروني سواءً على الأفراد أو المؤسسات..
وتشير المقطري إلى أن القانون اليمني يجرم مثل هذه الجرائم ويعاقب عليها مستنداً في ذلك إلى المادة 313 من قانون العقوبات التي تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات أو بالغرامة أو بهما معاً كل من أثار في نفس شخص الخوف والإضرار به أو بشخص آخر يهمه أمره وتحمله بسوء قصد تسليمه أو تسليم شخص آخر مالاً أو سنداً قانونياً..
وهو ما يضع هذه الجريمة من الجرائم الجسيمة لدى المشرّع اليمني..
واختتمت المقطري بالقول: إن التوعية من أهم العوامل الأساسية لمكافحة ظاهرة جرائم الابتزاز الالكتروني، كون أغلب ضحاياه من الذين يجهلون وجودها ولا يعرفون كيفية التعاطي معها، وبالذات الفتيات والأطفال؛ وهنا يأتي دور الإعلام بكل مؤسساته في نشر التوعية في أوساط المجتمع وحثّ الأسر على متابعة أبنائهم وبناتهم والتفتيش الدوري للتلفونات وأجهزة الكمبيوتر، وتعريفهم بمخاطر جرائم الابتزاز وكيف تتم ونتائجها الكارثية على الأسر والمجتمع.
تهديد حياة واستقرار المجتمع
• أما المحامي والإعلامي ناصر منصور، فقد قال: لا يوجد قانون محدد يعاقب على جرائم الابتزاز الالكتروني ويتم اللجوء إلى قانون العقوبات في مادته 313 التي تعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات أو بالغرامة أو بهما معاً لكل من يرتكب جريمة الابتزاز الالكتروني؛ والأهم أن هذه الجريمة ليست من الجرائم المعروفة والتي تتوافر أركانها من أدلة وشهود وغيرها فهي تتم عبر استخدام الانترنت وفي أغلب الأوقات تستهدف ابتزاز النساء مادياً وجنسياً، ومن الصعب على النساء رفع قضية خوفاً من الفضيحة في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، ومع ذلك ننظر إلى هذه الجريمة من حيث خطورتها التي تهدد حياة واستقرار المجتمع بكل شرائحه، وأنا أحمّل الأسرة أولاً مسؤولية تعرُّض ابنها أو ابنتها لجريمة الابتزاز ليس فقط لعدم متابعتهم والرقابة على تلفوناتهم وتفتيش حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما أيضاً من خلال زرع الخوف في نفوسهم وهو ما يجعلهم يخافون إخبار الأب والأم بما يتعرضون له من ابتزاز..
وأضاف ناصر: التوعية مهمة جداً في المدارس والجامعات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة، فالوعي المجتمعي هو الكفيل بمكافحة هذه الجريمة ومحاربتها والحد من مخاطرها، وعلينا كإعلاميين أن نتحمل مسؤوليتنا من أجل حماية أبنائنا وبناتنا ومجتمعنا..
ويختتم حديثه بالقول: نحن -والحمد لله- مجتمع مسلم متمسك بقِـيَـمه وأخلاقيات دينه الإسلامي، وإنْ حصلت بعض الجرائم فهي فردية على عكس ما نراه في الدول الأخرى من انحلال وتفسُّخ للمجتمع المسلم.
|