موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


كيف تمكنت الإمارات من السيطرة على الجزر.. ولمصلحة مَنْ..؟! - في ذكراها الـ 77 ثورة الدستور.. الأولى في طريق إسقاط الإمامة - مواطنون لـ"الميثاق"شكوا الغلاء وصعوبة الظروف المالية:احتياجات رمضان تُـثقِل كاهلنا - 51199 مدنياً ضحايا العدوان على اليمن - النواب يُدين قمع الاحتلال الإماراتي للمتظاهرين بسقطرى - شركة الغاز تنفيذ نزولاً ميدانياً للمحافظات لهذا السبب - النواب يستمع إلى تقرير لجنة الدفاع والأمن - الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية لمناطق بالضفة - الرهوي يدشن العمل بقانون الدواء والصيدلة - مؤتمر سقطرى يدين ممارسات الاحتلال ومرتزقته في الأرخبيل -
مقالات
الميثاق نت -

الأحد, 23-فبراير-2025
د. عبدالوهاب الروحاني -
عَلَمٌ من أعلام اليمن، ورمز من رموز صنعاء التاريخ والثقافة والأثر؛ القاضي الجليل أحمد عبدالرزاق الرقيحي رحمة الله تغشاه، رحل وترك فينا ألماً موجعاً وحزناً كبيراً..
هو أحد أعمدة التنمية الثقافية في البلاد.. ترك بصمة إيجابية في الحفاظ على الآثار والمخطوطات.. في التحقيق والتصنيف في مكتبة الأوقاف، والدار اليمنية للمخطوطات، ومكتبة الجامع الكبير، وفي الحفاظ على مدينة صنعاء كواحدة من أبرز مواقع التراث الإنساني العالمي وفقاً لتصنيف اليونيسكو (1986م)..
لعب القاضي الرقيحي دوراً حيوياً ونشطاً في تقنين أحكام الشريعة من خلال عضويته بمجلس النواب لفترة طويلة، ورئاسته للجنة المختصة فيه خلال أكثر من ثلاث دورات انتخابية..
تميَّز القاضي الرقيحي بإلمامه ومعرفته الواسعة بعلوم الدين والعصر، فكان وسطياً معتدلاً، يرفض التشدد والمغالاة في المواقف والأحكام الشرعية..
عرفتُه وهو الأستاذ الجليل من خلال زمالتي له بمجلس النواب لدورتين انتخابيتين (1993-1997) ممتلئاً عقلاً وهدوءاً، عذب اللسان.. نبيلاً في أخلاقه وتواضع تعامله، متزناً في مواقفه.. فيه رجاحة عقل ورأي ومنطق..
كانت تربطني بالقاضي أحمد عبدالرزاق علاقة اُبوةِ ومودة، كنتُ أرجع إليه في أمور كثيرة، خاصةً حينما كنت أرغب بالإدلاء برأيي في نقاشات المجلس في أي قضية لها علاقة بالشرع، كنت أستمع إليه وآنس لرأيه أولاً، وأقول بقوله، لأنه كان مُقنِعاً، وحُجةً في قوله وفتواه..

اختار اللي يعجبك
أتذكر ذات يوم ناقش المجلس قضية من أخطر القضايا وأعوصها في المجتمع العربي والإسلامي، وفي مجتمعنا بصورة خاصة.. قضية زواج القاصرات، وكنت متحمساً جداً للحد من خطرها، فقد تحولت إلى جريمة بحق طفلات بريئات لا علاقة لهن بجشع أولياء الأمور ولا بمتوارَث جائر.. فسألته:
ما رأيك يا قاضي أحمد في زواج القاصرات؟!
قال والابتسامة تعلو محياه: وأنت ايش رأيك يا ولد عبدالوهاب؟!
قلت: رأيي ربما تحكمه مشاعر وآراء تخص سلامة الإنسان والمجتمع، وهو بالتأكيد رأي عام، لكن السؤال هو عن رأي الشرع..!!
قال: أما الشرع ففيه رأيان:
الأول، يذهب إلى صحة الزواج قبل البلوغ إذا زوجها ولي أمرها من كفؤ، وهو رأي غالب..
والثاني، ذهب إلى بطلانه وأنه لا يترتب عليه أثر، لثبوت ظلمه وأضراره الصحية والنفسية على المتزوج القاصر.. وعلى المجتمع أيضاً..
قلت: ولكن المتعصبين كُـثُر، وتؤيدهم اجتهادات وفتاوى..
قال: الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع هو من موجبات الشرع.. أما إذا ستترتب على هذا النوع من الزواج إشكالات، فالأنسب هو اتباع القاعدة الفقهية التي تقول بـ"درء المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة".. وعلينا نقول لهم اصبروا ولا تستعجلوا..!!
قلت: يعني أدافع باطمئنان عن الرأي الثاني ؟!
قال: اختار الذي يعجبك..!!
وجدتُ في رأي القاضي أحمد (رحمه الله) ما يعزز القناعة بضرورة إجماع الناس على منع هذه الظاهرة الخطيرة التي تتسع بشكل غير مسبوق.. أتذكر أنني تحمست كثيراً لمقاومة بل وتجريم زواج القاصرات، وطالبتُ حينها بسن قانون خاص بالأسرة، وحماية القاصرات والمرأة عموماً من العنف الأسري..

ثروة عطاء
كان القاضي احمد عبدالرزاق الرقيحي أحد أبرز علماء اليمن، ميَّالاً للحكمة، مندفعاً لفعل الخير وإصلاح ذات البين.. كل من عرفه يُجمِع على اعتداله، ورفعة أخلاقه وسمو تعامله..
برحيله خسر الوطن هامة علمية ووطنية كبيرة، وخسرت صنعاء الثقافة والتاريخ والأثر أحد أبرز أعلامها وروادها.. وخسرتُ أنا شخصياً أباً روحياً وصديقاً حميماً، لن أنسى لطفه وتواضعه وحُسْن تعامله..
عاش حياة بسيطة ومتواضعة، ظل قريباً من الناس، بل نذر حياته لخدمتهم، وخدمة علوم الشريعة.. كانت خطبه من منبر الجامع الكبير تعبيراً عن هموم المواطن البسيط وانعكاساً لحياة العامة.. دافع عن الحق وأهله من منظور ديني ووطني وإنساني.. فكان الإنسان الذي ترك وراءه ثروة هائلة من محبة الناس..
رحل القاضي أحمد عبدالرزاق الرقيحي، وترك أثره في أخلاق وسلوكيات أبنائه وتلامذته ومَنْ أحبه من الناس.. نجله المثقف الخلوق القاضي الجليل أكرم أخد عن ابيه جميل صفاته وكل مناقبه الحميدة..
في ذكرى رحيله نشعر بفقد كبير لعالم جليل، تركنا وترك وراءه فراغاً كبيراً في النواب، والمخطوطات، وصنعاء التي تفانى وأغرق في خدمتها.. تركنا وترك فينا عشقاً ومودة.. رحمة الله تغشاه.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
بقلم/ صادق بن أمين أبو راس- رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الرقيحي.. ترك فينا عِشقاً ومودة
د. عبدالوهاب الروحاني

أبو راس قائدنا
د. سعيد الغليسي

دونالد ترامب للعَقَارات !!
أدهم شرقاوي

عيد الشجرة في اليمن: دعوة لزراعة الأمل
عبدالسلام الدباء *

العالم سيدير شؤونه بعيداً عن أميركا الترامبية.
مروان الغفوري

شللية وسمسرة!!
خالد قيرمان

فلسطين.. والعرب الناكبون المنكوبون!!
أحمد الزبيري

حدث بالأمس.. حتى الركاب !!
عبدالرحمن بجاش

رفض عربي صارخ لتهجير الفلسطينيين يُشعل مواجهة مصيرية مع ترامب
عبدالله صالح الحاج

العالم العربي على أعتاب لحظة تاريخية!
د. طلال أبو غزالة*

التدخَّل الإماراتي واللامبالاة الغربية يشكّلان مزيجاً قاتلاً في السودان
ياسر زيدان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2025 لـ(الميثاق نت)