الميثاق نت -
ناقش المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل، أمس الأربعاء، مشروع الدراسة الوطنية للبطالة في اليمن: أسبابها، واتجاهاتها الاقتصادية والاجتماعية؛ التي من المقرر أن تنفذ هذا العام. وأوضحت رئيس المركز، فاطمة مشهور، خلال ورشة العمل الخاصة بمناقشة الدراسة، إن الدراسة تأتي ترجمة للبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية علي عبدا لله صالح للحد من البطالة والاهتمام بالشباب، مشيرة إلى أن المركز من خلال هذه الدراسة يسعى إلى الخروج برؤية واضحة للمعوقات الاقتصادية والاجتماعية التي تمثل سبباً في بروز هذه الظاهرة في كافة المؤسسات العامة والخاصة والمختلطة. وقالت "مشهور" لـ"السياسية" إن الدراسة تأتي ضمن توجيهات برنامج الإصلاح المؤسسي للحكومة، وتصبح ترشيداً للدولة في عملية القضاء على البطالة ومناقشة أسبابها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية. وكشفت أن من أهداف الدراسة التعرف على أسباب ظاهرة البطالة وآثارها المختلفة وبما يؤمن فهما وتحليلا عميقين بهدف المساعدة على تطوير القدرات الاستيعابية لسوق العمل اليمني ومن ثم معالجة البطالة السائدة من خلال استكشاف ديناميكيتها ومراقبة اتجاهاتها العامة خلال الفترة الممتدة حتى 2025، وهو العام الذي اعتبرته الرؤية الاستراتيجية لليمن محطة تقييم شامل لكافة استراتيجيات التنمية المعمول بها، إضافة إلى إبراز أبعاد هذه المشكلة ومظاهرها وتداعياتها على العاطلين عن العمل وعلى أسرهم ومجتمعاتهم المحلية والاقتصاد الوطني. وأشارت إلى أن أهمية القيام ببحث ظاهرة البطالة واستقصاء أسبابها الاقتصادية والاجتماعية، والتنبؤ بآثارها ومخاطرها الآتية والمستقبلية، حتى يتمكن صانعو القرار التنموي وراسمي سياساته من الوقوف على الحقائق الموضوعية لظاهرة البطالة وعلى آثارها المتوقعة على المجتمع، وما ينبغي اتخاذه تجاهها ليتسنى لهم اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية ووضع الاستراتيجيات والسياسات الوطنية الفعالة تجاه معالجة هذه الظاهرة. وتكشف المعطيات والبيانات الرسمية ارتفاع معدلات البطالة واتساع نطاقها الجغرافي والاجتماعي في اليمن، وتحذر من انعكاساتها السلبية المباشرة وغير المباشرة، على المجتمع، كون البطالة من المشكلات الرئيسية التي تؤرق القادة السياسيين وصناع القرار التنموي في البلاد. وطبقاً للتقارير الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء فإن معدلات البطالة يتزايد عاماً بعد عام فقد بلغت في عام 2006 حوالي 16.3 %، فبلغت في الحضر حوالي 18.8 % مقابل 14.7 % في المناطق الريفية. وفي تحذير آخر من مخاطر البطالة، كشف تقرير حكومي خسائر يتكبدها الاقتصاد الوطني جراء البطالة المتفشية، بلغت تقريباً 458 مليار ريال، 2.3 مليار دولار، عام 2005، مقابل 427 مليار ريال، 2.150 مليار دولار، عام 2004. وأوضح تقرير لوزارة التخطيط والتعاون الدولي أن البطالة مشكلة خطيرة تواجه عمليات التنمية الاقتصادية بخسائر اقتصادية كبيرة للبلد تتمثل في قيمة الناتج المحلي الذي كان يتعين أن ينتجه العاطلون في حالة استغلال طاقاتهم الإنتاجية، إضافة إلى الآثار الاجتماعية التي لا تقل خطورة، حيث ثبت أن ارتفاع البطالة وما يرافقها من حرمان ومعاناة تسبب للفرد اضطرابات نفسية وقيمية تقود إلى الانحراف والجريمة والعنف والتطرف والإرهاب، نظراً للزيادة المطردة في عدد الشباب الخريجين الذين لا تتوفر للكثير منهم فرص عمل جديدة. وتشير التقارير الرسمية إلى ارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب إذ تصل نسبتها إلى 18 %، وأن هذا الرقم مرشح للزيادة حيث تصل أعداد الخريجين في الوقت الراهن إلى حوالي 188 ألف شاب وشابة، ولا تستطيع المؤسسات الاقتصادية توفير فرص عمل كافية، إلا بمقدور 16 ألف وظيفة فقط، وبالتالي فإن ظاهرة البطالة تتسع وتتعاظم وتتجه نحو الزيادة عاماً بعد عام. وفي تصريحات سابقة لمسؤولين في الحكومة تعزز مخاوف زيادة البطالة من أن اليمن تحتاج إلى توفير 180 ألف فرصة عمل سنوياً، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل وجود بطء شديد في النمو الاقتصادي وعجز كبير في توفير الفرص الوظيفية لاستيعاب العمالة الجديدة. وتبرز أهمية هذه الدراسة كونها تمثل الدراسة الوطنية الأولى من نوعها التي تتوخى استكشاف أسباب تنامي ظاهرة البطالة والقيام بمحاولة استشراف ما يمكن أن تفضي إليه من آثار ونتائج حاضراً ومستقبلاً، حيث ستتولى الدراسة بحث ظاهرة البطالة ميدانيا في ثماني محافظات هي: شبوة وعدن ولحج والمهرة وحضرموت والضالع وتعز والأمانة. ومن ثم سوف تعمل الدراسة التي تبدأ بنزول ميداني ينفذه فريق البحث في شهر مايو القادم وتستمر حتى إعداد التقرير النهائي، على استخلاص النتائج التي يتوصل إليها البحث، ليتم تقرير التوصيات اللازمة لما ينبغي عمله لمواجهة المشكلة بتقديم ذلك إلى الجهات ذات العلاقة، سيما أن خطط التنمية الوطنية الشاملة في البلاد وبالأخص الخطط العامة كالخطة الخمسية والخطط القطاعية للمؤسسات الإنتاجية والخدماتية في الحكومة تتعثر كثيراً كونها أصبحت اليوم أكثر مما مضى عاجزة عن استيعاب المتغيرات التي تؤثر في تعاظم الظاهرة بسبب الاختلالات القائمة بين مخرجات التعليم الأكاديمي بمستوياته المختلفة. -السياسية