الميثاق نت -
د/ رؤوفة حسن - قال الشاب اليانع الذي أجبرته أمه على أن يشاهد حلقة نقاشية كنت أنا أحد أطرافها، أنه لم يفهم المقصود بالكوتا. واستمر المذيع والمتحدثات في البرنامج التلفزيوني يناقشون الموضوع وكأن الجمهور المتفرج يعرف المقصود بهذه الكلمات الكبيرة الصعبة. فمن كان جهاز التحكم في يده حول على القناة التلفزيونية الأسهل حيث تغني نانسي وترقص هيفاء.
والحقيقة ان المتخصصين والعاملين في مجال التنمية أوالسياسة، يندمجون في عالم تصبح فيه الكلمات مصطلحات لأشياء يدركونها وحدهم وتغيب عنها مساحات إدراك أوسع القطاعات الشعبية حاجة للفهم.
ويأتي طفل أو أمي بسيط فيقول لهم ما تقولونه يبدو وكأنه عربي لكنه غير مفهوم. ومصطلح الكوتا بالذات يثير هذه الأيام ضجة حيث صار مصطلحا له من يؤيده ومن يعاديه دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الشرح لما يقصدون.
والمسألة ببساطة هي حصة من عدد المقاعد التي يجب التصويت للحصول عليها في برلمان أو غيره، تعطى لفئة من الناس لسبب أو لآخر. فتكون هناك "كوتا" أي حصة للعمال والفلاحين في المقاعد البرلمانية في مصر مثلا. ويعتبر ذلك ضرورة كي يتم منع احتكار الفئات الثرية والقادرة لمقاعد البرلمان لهم وحدهم.
وقد تكون هناك حصة لفئة من المواطنين بسبب أنهم يشكلون أقلية عرقية أو دينية كما هو حال الشركس في البرلمان الأردني حيث يمتلكون"كوتا" أي نسبة أو حصة محددة من المقاعد تتناسب مع حجم تواجدهم في المجتمع ذلك أنهم أقلية لا يستطيعون من خلال الانتخابات العادية أن يفوزوا بأي مقعد. والأمثلة لمثل هذا النوع من التخصيص كثيرة، وهو نوع من التوازن الديمقراطي الذي يمنح الأضعف فرص التواجد مع الأقوى.
الكوتا اليمنية:
اليمن لا تتحدث اليوم في نقاشها لقضية الديمقراطية عن الأقل عددا في كل الشرائح بل تبدأ بشريحة من السكان ليست أقلية لكنها ضعيفة التأهيل والخبرة وهن جموع النساء اليمنيات اللواتي رغم أن عددهن يزيد عن عدد السكان من الذكور في كثير من مناطق الجمهورية إلا أنهن بالكاد حصلن على مقعد واحد في الانتخابات البرلمانية الماضية. ولهذا يتم وضع قضية الكوتا أي تخصيص نسبة من المقاعد لهن لا تقل عن خمسة عشر بالمائة حسب مبادرة رئيس الجمهورية.
وهنا فقط نسمع الأصوات تعلو باسم الديمقراطية، فيعتبر البعض تحت مسوح الديمقراطية أن إعطاء نسبة للنساء هو منحهن امتيازاً غير ديمقراطي بحيث توجد منهن خمس عشرة امرأة كلما وجد خمسة وثمانون رجلا، ويقولون أن هذا يصادر حق الناخبين من الذكور والإناث في اختيار من يرغبون. ولا يشعرون أن الفجوة بين الرجال والنساء في هذه المقاعد هي السبب في المطالبة بهذه النسبة كنوع من الوقوف مع الجانب الأضعف حتى يقوى ويصبح بغير حاجة إلى حصة مخصصة.
فلو كانت إرادة الناخبين حرة فعلا لما سمعنا عن أزواج يهددون زوجاتهم بالطلاق اذا انتخبن شخصا غير من يحددونه لهن. ونسمع عن أشكال مختلفة من الضغوط تمارس على الرجال مثل ما تمارس على النساء لتقضي على ارادتهم الحرة.
الديمقراطية خطوة خطوة:
يتسرع البعض ويعتقد ان اليمن الموحد بثلاث انتخابات برلمانية وبمرتين من الانتخابات الرئاسية ومرتين من الانتخابات المحلية، وفي طريق الانتخاب غير المباشر الأول من نوعه للمحافظين، قد صار في عداد الدول الديمقراطية العتيدة.
لكن الواقع والفترة الزمنية تؤكد فقط أننا في طريق الدمقرطة باتجاه الديمقراطية خطوة خطوة. وأن نحاول تقديم حصة محددة للنساء لنشجعهن على المبادرة في معترك الحياة السياسية ونشجع الرجال على الثقة بهن انطلاقا من أنهن يحملن مسؤولية الأجيال التي يلدنها جيلا بعد آخر، فإن مستقبل هذه الأجيال أيضا يتحدد بمشاركة النساء في صنع القوانين التي تضمن حياتهم.
ويوم غد الأحد ينعقد مؤتمر ينظمه ملتقى الرقي والتقدم ليناقش آلية ضمان إنجاح النساء إلى البرلمان، وهو يختار هذا اليوم الذي يتم فيه انتخاب المحافظين الذكور للتذكير بإنه يوم ديمقراطي منقوص في طريق لا يزال تحقيق اكتمال الديمقراطية فيه بحاجة
إلى كل الجهود.
[email protected]
*عن الثورة