بقلم/ افتتاحية الثورة -
تحتضن صنعاء اليوم تظاهرة قومية كبيرة تتمثل في انعقاد المؤتمر القومي العربي والذي سيكرس أعماله لمناقشة الأوضاع العربية الراهنة وما تواجهه شعوب الأمة من تحديات على أكثر من صعيد بدءاً من التطورات المتفاقمة حالياً في لبنان ومروراً بالتداعيات الجارية في فلسطين والعراق والصومال ودارفور والتي تقتضي جميعها حشد الطاقات العربية من أجل إخراج منطقتنا من دائرة الاستهداف وتسخير امكانات ومقدرات شعوبها في معركة بناء المستقبل.
إن انعقاد هذه التظاهرة القومية الكبيرة في صنعاء العروبة وفي هذا الشهر الذي أعاد فيه شعبنا اليمني تحقيق وحدته المباركة في الـ22 من مايو 1990م ليقدم لأمته بذلك إنجازاً عظيماً ارتبط بحلم غالٍ ظل يراودها في سعيها إلى تحقيق الوحدة العربية الشاملة حيث مثلت الوحدة اليمنية شمعة مضيئة في ليل الإحباط العربي وحملت معها رسالة ذات دلالة عميقة عبرت عن مدى تلهف أبناء الأمة العربية لليوم الذي يتجاوزون فيه عوامل الفرقة والانقسام والتمزق وبلوغ أهدافهم في التوحد، ولذلك فقد كانت مباركتهم للإنجاز الوحدوي اليمني باعتباره يشكل مرتكزاً للوحدة العربية .
وما يثير الدهشة ويدعو للأسف أن انعقاد تلك التظاهرة القومية بصنعاء قد أغضب الأخ ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي الذي لم يجد ما يقوله عن هذه التظاهرة سوى أنها محاولة لمنح التأييد لليمن وصرف الانظار عما يجري في الجنوب ولا ندري ما الذي يجري في الجنوب بحسب فهم الأخ ياسين وهل يقصد بذلك تلك الاعتصامات والمسيرات وقيام أعضاء من حزبه بنهب الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرقات وإقلاق السكينة العامة.
ثم من الذي أعطى له الحق أو لحزبه للحديث باسم الجنوب أو ادعاء الوصاية عليه.. وهو الذي يعرف بأن الحزب الاشتراكي قد اقصى نفسه بقيام بعض قياداته المتنفذة بإشعال فتنة الحرب والانفصال في صيف عام 1994م والارتداد عن الوحدة المباركة وقد دفع شعبنا اليمني نتيجة تلك الفتنة ثمناً باهظاً من الأرواح والممتلكات وحلت محل تلك القيادات الاشتراكية التي انقلبت على وحدة الشعب قيادات وحدوية من أبناء المحافظات الجنوبية ممن دافعت عن هذا المنجز ورسخت دعائمه وانتصرت للشرعية الدستورية وهي اليوم تضطلع بدورها الفاعل في مسيرة بناء الوطن ونهضته وتقدمه.
لقد أخطأ الأخ ياسين سعيد نعمان الفهم مرة أخرى وهو الذي كنا نظن فيه الحصافة والعقلانية ولم نكن نتوقع منه أن يضع نفسه في ذلك الموقف بتوجيهه سهام النقد لفعالية قومية تحتضنها صنعاء بمشاركة نخبة متميزة من السياسيين والمفكرين من أبناء الأمة والذين جاءوا لليمن تغمرهم مشاعر الاعتزاز والفخر بموطن «مهد العروبة» الذي انطلقت منه تلك الرسالة الوحدوية العظيمة التي طالما تطلع اليها الوحدويون من أبناء الأمة والمخلصون لها.
ومن الغريب ان تسيطر على أمين عام الحزب الاشتراكي مثل تلك النظرة القاصرة التي دفعت به للقفز على حقائق الواقع في حين أنه الذي لا يجهل ان دور أحزاب المعارضة ينبغي أن يوظف لخدمة قضايا الأمة وتعزيز مقدراتها ودرء الأخطار التي تتعرض لها بدلاً من محاولات الاصطياد في المياه العكرة واستنزاف جهد الوطن في مسالك ومتاهات جانبية لاهدف من ورائها سوى التشكيك في كل عمل صادق ومخلص يصب في مصلحة الأمة.
وقد كان من المعول من الأخ ياسين سعيد نعمان أن يكون مع الإجماع الوطني وأن يلتزم العقلانية والموضوعية بدلاً من التغريد خارج السرب كما يفعل هو والبعض من رفاقه في الحزب والذين لم يستوعبوا الدروس ولم يتعظوا من عبر الماضي أبداً.
|