موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
قضايا
السبت, 09-سبتمبر-2006
‮ ‬د‮. ‬طارق‮ ‬المنصوب‮ ‬ -
سبقت الاشارة في مقال سابق ان برنامج مرشح المؤتمر الشعبي العام فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية شمل كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين بجميع فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية والعمرية بعيداً عن المبالغة او الاسفاف او المزايدة، كما تميز بالربط بين قضايا التنمية والديمقراطية وتحقيق الامن والاستقرار على اساس ان التنمية رديف للاستقرار السياسي.. كما اتسم بالانطلاق من الواقع المحلي والمنجزات والحقائق الموجودة على الارض للبناء عليها وتنميتها وتعزيزها، والاعتماد على ان العمل التنموي- وخاصة في مجال الاصلاح السياسي وتحديث اسس الدولة اليمنية- هو عمل تراكمي يعتمد اللاحق منه على ماتحقق في المرحلة الماضية باعتبار نهج الاصلاح السياسي هو نهج مستمر ومتطور ومتتابع.. ولايمكن ابداً الانطلاق من الصفر او من العدم.. يعزز هذا الاتجاه طبيعة الوعود التي حملها البرنامج والتي تؤكدها الوقائع الممارسة على أرض اليمن.. وهي الوعود المتمثلة في تعزيز دولة المؤسسات وتطوير التجرية اليمنية في مجال السلطة المحلية.. وزيادة تمكين المرأة من المشاركة والاسهام في مختلف مجالات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وترسيخ النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة.. وغيرها من الوعود التي تدخل ضمن اطار نهج الاصلاح السياسي الذي انتهجته القيادة السياسية اليمنية طوال الفترة الماضية، وهو مايدحض الكثير من ادعاءات احزاب المشترك ويبين زيف مادعا اليه برنامج مرشحهم‮ ‬لانتخابات‮ ‬الرئاسة‮ ‬وماذهب‮ ‬اليه‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬المجال‮.‬
والمتتبع لخطاب فخامة الاخ الرئيس يجده جاء متسقاً سواءً من حيث الألفاظ ام الوعود مع التجربة السياسية الطويلة التي قضاها على رأس أعلى سلطة في بلادنا، وحتى لايتهمنا القارئ بأننا اتبعنا اسلوباً انتقائياً في التعامل مع خطاب مرشح المشترك واننا تحيزنا عند تحليله مقارنة بما قلناه عند الحديث عن برنامج الاخ علي عبدالله صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام او ماسنقوله في هذه التناولة.. وان كنا نعتبره - في ظل التعددية السياسية والحزبية التي يسمح بها دستورنا وقوانيننا- انحيازاً مشروعاً يبيحه حق كل مواطن يمني في اختيار المرشح والبرنامج الذي ينسجم مع مبادئه وآماله وطموحاته باسلوب ديمقراطي.. سنحاول ان نعود مع القارئ الى العديد من الخطابات التي ألقاها الرئيس علي عبدالله صالح في مناسبات سابقة حتى على الاستحقاق الانتخابي الحالي، حتى يلمس بنفسه ذلك الاتساق والانسجام مع النهج الثابت لفخامة الاخ الرئيس القائم على اتباع سياسة تحديثية واصلاحية متدرجة تنسجم مع طبيعة التركيبة الاجتماعية والثقافية لمجتمعنا اليمني، وتنطلق من احترام تاريخه وثوابته وهويته وقيمه، وهو النهج الذي مكن اليمن من تبوء المكانة التي تحتلها اليوم، وجعل تجربته في المجال السياسي تقطع كل هذه المسافة من التطور والاستمرار وغايتنا من كل هذا ان ندفع القارئ الى عقد مقارنة بسيطة بين كل ما تحقق او ماسيتحقق له مستقبلاً في ظل قيادتنا السياسية، وبين ما يعده به بعض المرشحين من اوهام وخيالات حتى يعرف الاسباب الحقيقية التي دفعت العديد منا‮ ‬الى‮ ‬التمكس‮ ‬بالاخ‮ ‬الرئيس‮ ‬وبنهجه‮ ‬في‮ ‬الاصلاح‮ ‬السياسي‮.‬
وسنحاول‮ ‬هنا‮ ‬تناول‮ ‬الخطاب‮ ‬السياسي‮ ‬لفخامة‮ ‬الاخ‮ ‬علي‮ ‬عبدالله‮ ‬صالح‮ ‬مرشح‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬لرئاسة‮ ‬الجمهورية‮ ‬اليمنية‮.‬
وللاشارة فالخطاب السياسي هو النص المنطوق او المكتوب الذي يعبر من خلاله الفاعل السياسي في مجتمع ما عن موقفه او مواقفه وتصوراته حيال مايرسمه من سياسات او تبرير ما يتخذه من قرارات بهدف التأثير على المتلقي لذلك الخطاب.
التحديث‮ ‬السياسي
اذاً بات من البدهي اليوم القول : ان اشكالية التحديث او الاصلاح السياسي وبناء الدولة اليمنية الحديثة ظلت تحتل حيزاً مهماً ضمن مفردات الخطاب السياسي اليمني على المستوى الرسمي وشكلت على الدوام ثابتاً اساسياً من ثوابت الخطاب السياسي في المجتمع اليمني، وعلى الرغم من ان الخطاب السياسي اليمني لا يستخدم كلمة التحديث السياسي بصورة متواترة حيث لم نسجل حضوراً في الخطاب السياسي الرسمي بكيفية مباشرة سوى لمرات محدودة ارتبطت في معظم الاحيان بقضايا ومجالات متعددة معظمها يصب في خدمة الاهتمام بالدولة اليمنية الحديثة فإن ذلك لاينفي الاهمية التي اولتها وتوليها القيادة السياسية اليمنية للتحديث السياسي باعتباره واحداً من الاولويات سواء في الماضي، ام في المرحلة القادمة.. وهي المرحلة التي تتطلب تضافر جهود الجميع، سواء في السلطة ام المعارضة حيث ورد في احدى الخطابات قول الرئيس علي عبدالله صالح ان بلادنا على اعتاب مرحلة جديدة من البناء والتحديث وهذا يتطلب تضافر كل الجهود الوطنية واسهام كافة القوى السياسية في السلطة والمعارضة في مسيرة بناء الوطن، وان نضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات والمصالح الحزبية فالوطن فوق الجميع..
دلالات‮ ‬التحديث
‮ ‬والاصلاح‮ ‬السياسي
‮ ‬في‮ ‬الخطاب‮ ‬السياسي‮ ‬اليمني
يمكن‮ ‬الاشارة‮ ‬الى‮ ‬ان‮ ‬الخطاب‮ ‬السياسي‮ ‬اليمني‮ ‬يستعمل‮ ‬معاني‮ ‬ومرادفات‮ ‬كثيرة‮ ‬ومتعددة‮ ‬لكنها‮ ‬ذات‮ ‬دلالات‮ ‬وثيقة‮ ‬الصلة‮ ‬بمفهوم‮ ‬الاصلاح‮ ‬والتحديث‮ ‬السياسي‮ ‬منها‮ :‬
‮- ‬مفهوم‮ ‬التنمية‮ ‬الشاملة‮ :‬
حيث يشير الرئيس علي عبدالله صالح الى ان التنمية الشاملة ستظل هي الهدف الرئيسي لشعبنا في المرحلة المقبلة وفي كل مراحل العمل الوطني باعتبارها الوسيلة المثلى لصنع المستقبل الافضل للوطن وتحقيق كافة الاهداف والغايات المنشودة والنهوض الحضاري الشامل..
- كما يستخدم فخامة الرئيس في خطابه مجموعة من المفاهيم الاخرى في سياق الحديث عن موضوع التحديث مثل : استمرار جهود بناء الدولة الحديثة، دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات، الديمقراطية، التطور، التقدم، وهي كلها -وكما تشير العديد من ادبيات التسمية السياسية- مرادفات لمعنى واحد هو التحديث والاصلاح السياسي.. وهذا يؤكد على أن مسألة التحديث السياسي احتلت حيزاً كبيراً في اهتمامات قيادتنا السياسية، كما تعكس المكانة المتمزية التي شغلتها في الخطاب السياسي اليمني. حيث لايكاد يخلو نص او خطاب من ذكر واحد او اكثر من تلك المفاهيم ويمكن تتبع ذلك الحضور البارز من خلال تحليل مضمون الخطاب السياسي لفخامة الاخ الرئيس في مناسبات متعددة، وكذا من خلال ما جاء في برنامجه الانتخابي حتى تتضح مختلف الدلالات التي اعطيت لهذا المفهوم وكذلك حتى يتضح المنحى الذي تسير فيه عملية التحديث السياسي في‮ ‬المجتمع‮ ‬اليمني‮.‬
ويمكن الاشارة الى ان غياب دراسات سابقة مرشدة تتعلق بتحليل مضمون الخظاب السياسي حول التحديث السياسي بوجه عام، والخطاب السياسي اليمني بصفة خاصة، حدت كثيراً من قدرة الكاتب على التعامل مع نصوص الخطاب السياسي، حيث اقتصر على التحليل الكيفي لمضمون الخطاب دون الدخول‮ ‬في‮ ‬التحليل‮ ‬الكمي‮ ‬بكيفية‮ ‬متكاملة‮.‬
فقد وردت اشارات متعددة في الخطاب السياسي اليمني تفيد بأن بناء الدولة اليمنية الحديثة يحتل مكانة الصدارة ضمن اولويات واهتمامات السلطة السياسية، وباعتبارها تمثل المهمة الكبرى التي تستدعي تضافر كل الجهود من أجل تنفيذها.. ويمكن عند تحليل نصوص الخطاب السياسي ملاحظة ذلك الاهتمام بكيفية واضحة ففي احدى الخطابات يذكر الرئيس علي عبدالله صالح ان مواصلة جهود بناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على اساس العدل والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والالتزام بالنظام والقانون تمثل المهمة الكبرى التي ينبغي ان تتكاتف جهود‮ ‬ابناء‮ ‬الوطن‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الاضطلاع‮ ‬بها‮..‬
اذاً‮ ‬يحدد‮ ‬الخطاب‮ ‬السياسي‮ ‬اليمني‮ ‬اركان‮ ‬الدولة‮ ‬اليمنية‮ ‬الحديثة‮ ‬في‮ :‬
‮١- ‬العدل‮.‬
‮٢- ‬الحرية‮.‬
‮٣- ‬والديمقراطية‮.‬
‮٤- ‬واحترام‮ ‬حقوق‮ ‬الانسان‮.‬
‮٥- ‬والالتزام‮ ‬بالنظام‮ ‬والقانون‮.‬
‮٦- ‬ويضيف‮ ‬لها‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬الخطابات‮ ‬ركن‮ ‬المساواة‮.‬
وهي نفس الاسس التي قامت عليها الدولة الحديثة (الدولة-الامة) في المجتمعات الغربية واذا كان الأمر يبدو عادياً في سياق الحديث عن المجهودات التي تبذل لبناء الدولة اليمنية الحديثة فإن الامر الذي ينبغي التنبيه اليه هو ان محتوى تلك الاسس يختلف بحسب طبيعة التأويل-‮ ‬التفسير‮ ‬او‮ ‬القراءة‮ ‬التي‮ ‬يعطيها‮ ‬لها‮ ‬كل‮ ‬طرف‮ ‬من‮ ‬الاطراف‮ ‬المحلية‮ ‬او‮ ‬الدولية‮.‬
فهذه الاسس تنبع من الشريعة الاسلامية وتصطبغ بتلاوين محلية تتناسب مع هوية وخصوصية المجتمع اليمني، وان لم تختلف كلياً عن المحتوى الذي اعطي لها في المجتمعات الاوروبية والغربية عموماً، وهكذا يبقى الخطاب السياسي اليمني وفياً للثوابت التي يعتقد المجتمع اليمني بان السلطة تتنبناها وتدرس كل جهودها لأجل تنفيذها في حين انه يرسل اشارات متعددة للاطراف الدولية على ان السلطة ماضية في سياسة الاصلاحات السياسية وبناء الدولة الحديثة، وهو ما يجعلها مستحقة لدعم الاطراف الدولية لتشجيع استمرار النهج الديمقراطي واحترام حقوق الانسان‮.‬
الاصلاح‮ ‬السياسي‮ ‬باعتباره‮ ‬مسئولية‮ ‬وطنية
كما تتضمن الفقرة السابقة اشارة واضحة الى ان مسئولية بناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة ليست مسئولية القيادة وحدها وانما هي مسئولية يشترك فيها مختلف قطاعات الشعب اليمني قصد تحقيق نوع من التوازن في »التصور« الذي يعطيه الخطاب مضموناً متعدد الابعاد الاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والثقافية‮.. ‬
على ان الخطاب لايميز بين تلك الابعاد وذلك خوفاً من ان يطغي احدها على الآخر حيث يقول الرئيس : وان المستقبل ينتظر منكم المزيد من العطاء على طريق بناء اليمن الجديد.. يمن العزة والكرامة والتقدم الاجتماعي.. من اجل ذلك فإن على مؤسسات الدولة وكل قطاعات الشعب وكافة الاحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية ان يتحملوا مسئولياتهم في انجاز المهام الوطنية المرتبطة ببناء الدولة اليمنية الحديثة.. دولة المؤسسات والنظام والقانون.. ورفع مستوى الاداء والانتاج بما يحقق التوازن في التطور في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والثقافية‮ ‬وغيرها‮.. ‬مؤكدين‮ ‬بان‮ ‬مهمة‮ ‬بناء‮ ‬الوطن‮ ‬يتحملها‮ ‬الجميع‮ ‬دون‮ ‬استثناء‮..‬
وباعتبار الاهمية الكبرى التي توليها القيادة لقضية التحديث السياسي وبناء الدولة اليمنية الحديثة والولوج الى العصر فان الجميع مطالب بالوقوف جنباً الى جنب مع السلطة لتحقيق تلك الغاية ولايخرج عن هذا الاطار حتى احزاب المعارضة، او من يطلق عليهم الخطاب تسمية المعارضة الحقيقية تمييزاً لها عن المعارضة السلبية التي لا تهتم - برأيه- سوى بابراز السلبيات ولهذا فهو يرى ان من واجبها ان تقف جنباً الى جنب مع السلطة للتغلب على كافة المعوقات والتحديات التي تحول دون الوصول الى تلك الغاية حيث يعتبر الرئيس ان من واجب الجميع سلطة ومعارضة رص الصفوف الوطنية لمواجهة تحديات التنمية والبناء الداخلي وسائر القضايا الماثلة امام الوطن وفي مقدمتها ترسيخ بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون واحترام حقوق الانسان.. باعتبار ان المعارضة تمثل الوجه الآخر للحكم والامر يقتصر هنا على المعارضة‮ ‬التي‮ ‬ينعتها‮ ‬الخطاب‮ ‬بالمعارضة‮ ‬الوطنية‮ ‬المسئولة‮ ‬والبناءة‮ ‬وهي‮ ‬تلك‮ ‬التي‮ ‬تمارس‮ ‬دورها‮ ‬بهدف‮ ‬الاصلاح‮ ‬وتحقيق‮ ‬المصالح‮ ‬الوطنية‮ ‬العليا‮ ‬مدركين‮ ‬ان‮ ‬قوة‮ ‬النظام‮ ‬السياسي‮ ‬تقوم‮ ‬على‮ ‬قوة‮ ‬السلطة‮ ‬والمعارضة‮.‬
يتفق ماجاء في هذه المقولة مع طبيعة الرؤية التي حكمت على الدوام فهم القيادة السياسية اليمنية لطبيعة دور القوى السياسية المعارضة والتي تقوم على مفهوم »التعاون = رص الصفوف« الذي يتضمن المشاركة في المسئولية في بناء الوطن.. وخارج اطار هذا الدور لاتعترف السلطة للمعارضة بأي دور وهذا يدفعنا الى الحديث عن الكيفية التي تعاملت بها السلطة مع قضية الديمقراطية باعتبارها الوسيلة التي تحقق تفعيل ذلك الدور وصولاً الى تحقيق الغاية الكبرى المتمثلة بانجاز مهام بناء الدولة اليمنية الحديثة، وتحقيق التنمية بمختلف ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي بدونها تصبح العملية برمتها مجرد شأن نخبوي ولا علاقة لها بالهموم اليومية للمواطن اليمني، وايضاً للحديث عن الرؤية التي حكمت تصور السلطة لطبيعة تلك الديمقراطية.
العلاقة‮ ‬بين‮ ‬التنمية‮ ‬والديمقراطية‮ :‬
وردت في الخطاب السياسي الوطني العديد من الاشارات الصريحة التي ربطت بين الديمقراطية والتحديث او بناء الدولة اليمنية الحديثة فعلى اعتبار ان الوحدة اليمنية جاءت متزامنة مع الاعلان عن تبني الخيار الديمقراطي كنهج وحيد لدولة الوحدة اليمنية، شدد الخطاب السياسي على مفهوم الديمقراطية واعطى له اهمية بالغة لم تحظ بها كثير من المفاهيم الواردة في الخطاب.. وفي هذا الصدد يقول الرئيس علي عبدالله صالح : يجب ان تقوم علاقة وثيقة بين الوحدة من جهة والديمقراطية والعصرنة من جهة اخرى، والخيار الذي قمنا به هو خيار اجمالي تحقيق الوحدة‮ ‬الوطنية‮ ‬وتوطيدها‮ ‬يسيران‮ ‬جنباً‮ ‬الى‮ ‬جنب‮ ‬مع‮ ‬تعميق‮ ‬الديمقراطية‮ ‬الذي‮ ‬يجعل‮ ‬من‮ ‬اليمنيين‮ ‬المواطنين‮ ‬الاحرار‮ ‬لبلد‮ ‬موحد‮ ‬ومتضامن‮ ‬لذلك‮ ‬انخراطنا‮ ‬منذ‮ ‬اليوم‮ ‬الثاني‮ ‬للاستفتاء‮ ‬في‮ ‬اطلاق‮ ‬العملية‮ ‬الديمقراطية‮..‬
كما جاء في نفس الخطاب الذي ألقاه الرئيس علي عبدالله صالح بمناسبة العيد الاول لاعادة توحيد شطري اليمن، اشارة الى اعتبار الديمقراطية الخيار الذي ارتضاه المجتمع اليمني لتحقيق نهضته وبناء الدولة اليمنية الحديثة، وهو يشير الى ذلك بقوله : ستظل الديمقراطية هي خيارنا‮ ‬الوحيد‮ ‬الذي‮ ‬لن‮ ‬نحيد‮ ‬عنه‮ ‬ولن‮ ‬نفرط‮ ‬فيه‮ ‬ابداً‮.. ‬فالديمقراطية‮ ‬هي‮ ‬خيار‮ ‬بناء‮ ‬ونهضة‮...‬
ولم يتوان الخطاب السياسي ولمرات متعددة عن التأكيد على هذه النقطة اي اعتبار الديمقراطية خياراً وطنياً ونهجاً وحيداً لبناء الدولة اليمنية الحديثة »فبالديمقراطية يقول الاخ الرئيس : »برهن الشعب اليمني على قدرته في بناء مشروعه الحضاري للنهضة يمن الوحدة والديمقراطية‮«..‬
ويمكن الاشارة الى ان الخطاب السياسي اليمني يربط بين الديمقراطية والتنمية باعتبار ان الاولى شرط لتحقيق الثانية، وربما مثلت الاشارات التي وردت في الخطاب السياسي بخصوص تلك العلاقة قطيعة مع مفردات الخطاب السياسي اليمني السابق لمرحلة تحقيق الوحدة اليمنية وتغيراً جوهرياً في بنية الخطاب السياسي اليمني الذي ظل يعتبر ان تحقيق التنمية »بالمعنى الاقتصادي« بمثابة الشرط الضروري لتحقيق الديمقراطية والواقع ان العلاقة بين الديمقراطية والتنمية ليست احادية الاتجاه بل تكتسي طابع العلاقة الجدلية، فالتنمية الاقتصادية ضرورية لتحقيق الديمقراطية كما ان هذه الاخيرة تمثل المناخ الطبيعي لخلق ظروف لتحقيق التنمية الاقتصادية وهما معاً ضروريان لتحقق الاستقرار السياسي، وقد ربط الخطاب السياسي اليمني ولأول مرة بين الديمقراطية والتنمية في سنة 1998م حيث يعتبر ان الديمقراطية ليست غاية في حد ذاها بل تأتي اهميتها من اعتبارها تمثل الاداة والوسيلة لتحقيق التنمية وباقي الغايات الوطنية حيث يوضح الاخ الرئيس »ان الديمقراطية هي اداة التطور واداة التغيير نحو الافضل وهي ليست غاية فقط بل وسيلة لتنمية المجتمع وتحقيق الغايات الوطنية«..
وهذا يعكس الادراك والوعي كما تعبر عنه الفاظ الخطاب ومفرداته الذي اولاه الخطاب السياسي اليمني لضرورة الربط بين التنمية وقضية الديمقراطية، وعدم امكانية الفصل بينهما باعتبارهما مقومين اساسيين لبناء الدولة اليمنية الحديثة ولايمكن الاهتمام باحدهما دون الآخر فالربط بين التنمية والديمقراطية اعتبر في العديد من المناسبات مسألة في غاية الأهمية لارتباطها بعامل الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تحتاج اليه الدولة اليمنية باعتبارها دولة ديمقراطية ناشئة اذ انه دون تنمية شاملة تلبي احتياجات الانسان اليمني الاساسية وتحقق له الرخاء فإن مسار الديمقراطية يصبح قابلاً للاهتزاز وعرضة للاخطار وقد اشار الرئيس في خطابه الذي القاه في الجلسة الافتتاحية لــ»المنتدى الدولي للديمقراطيات الناشئة« الذي انعقد في العاصمة صنعاء خلال الفترة من 27 - 30 يونيو 1999م الى أهمية الربط بين التنمية والديمقراطية‮ ‬باعتبارهما‮ ‬عاملين‮ ‬مهمين‮ ‬لتحقيق‮ ‬الاستقرار‮ ‬السياسي‮..‬
وباعتبار هذه العلاقة الوطيدة بين التنمية والديمقراطية التي أكد عليها الخطاب بكيفية متواترة ومتواصلة برفع الخطاب من مكانة الديمقراطية باعتبارها الخيار الحضاري للشعب اليمني ليجعل منها احدى الثوابت الوطنية التي يحرم ويمنع المساس بها، يقول الرئيس علي عبدالله صالح‮ : »‬ويستكمل‮ ‬جهود‮ ‬البناء‮ ‬والتنمية‮ ‬في‮ ‬اطار‮ ‬الالتزام‮ ‬بالثوابت‮ ‬الوطنية‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‮ ‬الثورة‮ ‬والوحدة‮ ‬والجمهورية‮ ‬والديمقراطية‮ ‬واحترام‮ ‬الدستور‮«..‬
والحديث عن هذه النقطة يطرح العديد من التساؤلات : فإذا كانت الديمقراطية تمثل الخيار الحضاري الذي اختاره الشعب اليمني ليكون وسيلته لتحقيق التنمية- التحديث وبناء الدولة اليمنية الحديثة، فما طبيعة ذلك الخيار؟ وما النموذج الذي تستمد منه التجرية اليمنية ملامحها؟ او بمعنى اكثر تحديداً ما المرجعية التي يستند اليها الخطاب السياسي اليمني في بناء وتحديد ذلك الخيار؟ هل المرجعية الحضارية العربية الاسلامية؟ ام ان النموذج الغربي في التحديث له افضلية في هذا المجال؟
الخيار‮ ‬الحضاري‮ ‬للتحديث‮ :‬
بين‮ ‬خطاب‮ ‬الهوية‮ ‬والانفتاح‮ ‬على‮ ‬الآخر‮ - ‬العصر
يحفل الخطاب السياسي اليمني بالعديد من الايحاءات التي تعطي الانطباع بان التجربة الديمقراطية اليمنية في مجال التحديث وبناء الدولة الحديثة تنطلق من احترام العديد من الثوابت والقيم التي يؤمن بها المجتمع اليمني كمكونات للهوية الحضارية للمجتمع اليمني على ان الرغبة في الحفاظ على تلك المقومات التي تمثل المرجعية التي يقوم عليها النظام والتجربة السياسية اليمنية، والتي لايمكن ابداً التفريط بها لا تعني الجمود والانغلاق بل تعني التفاعل الايجابي مع معطيات العصر باعتبار ان المجتمع اليمني الذي له ماض حضاري عريق ظل على الدوام‮ ‬يؤمن‮ ‬بأهمية‮ ‬الانفتاح‮ ‬على‮ ‬الآخر،‮ ‬والتفاعل‮ ‬مع‮ ‬مختلف‮ ‬الحضارات‮.‬
وفي هذا الصدد يمكن الاشارة الى قول الرئيس علي عبدالله صالح الذي يعتبر ان اليمن هي منبع الحضارة والشورى وموطن الايمان والامان والحكمة والتسامح وشعبنا الاصيل المتمسك بدينه وعروبته يؤمن بالانفتاح على الآخرين والاستفادة من تجاربهم الايجابية دون جمود او انغلاق او تفريط في عقيدته ومبادئه السامية والنبيلة.. كما يتجسد في تأكيده بان الشعب اليمني لم يصنع حضارته التليدة إلاّ بفضل ما قدمه من عطاءات سخية وما بذله من عرق وجهد في شتى المجالات من أجل بناء صرح تلك الحضارة التي ينبغي علينا اليوم في الوطن افراداً واحزاباً حث الخطى‮ ‬لتتواصل‮ ‬مع‮ ‬امجادها‮ ‬العريقة‮ ‬والدخول‮ ‬الى‮ ‬آفاق‮ ‬العصر‮ ‬الجديد‮ ‬باقتدار‮ ‬كبير‮ ‬فالعصر‮ ‬هو‮ ‬عصر‮ ‬العلم‮ ‬والتكنولوجيا‮ ‬عصر‮ ‬الحرية‮ ‬والديمقراطية‮ ‬والتنمية‮ ‬والسلام‮.‬
على ان الرغبة في التفاعل مع تجارب الآخرين لاتعني بالضرورة ان التجربة اليمنية هي ثمرة لاستيراد نماذج جاهزة في التحديث او الديمقراطية بل على العكس من ذلك يعتبر الخطاب السياسي اليمني، ان التحدي الكبير الذي يواجه المجتمع اليمني يندرج في اطا رالبحث عن الكيفية التي يتمكن بها من انجاز مشروعه في الدولة الحديثة مع احترام خصوصية المجتمع اليمني، باعتباره المشروع الحضاري الذي تتضافر في سبيل انجازه كل الجهود وفي هذا الصدد نلمس تأكيد الرئيس علي عبدالله صالح الذي يذهب الى ان : »التحدي الكبير في هذا الطريق هو ان نجعل من الديمقراطية‮ ‬تجربة‮ ‬خاصة‮ ‬بنا‮ ‬كشعب‮ ‬له‮ ‬صلته‮ ‬العميقة‮ ‬بممارسة‮ ‬الشورى‮ ‬وبالعمل‮ ‬الجماعي‮ ‬التعاوني‮.. ‬وباحترام‮ ‬حقوق‮ ‬الانسان‮«.‬
وفي نفس السياق ينفي الرئيس علي عبدالله صالح ان تكون التجرية اليمنية قد جاءت نتيجة ضغط او فرض من احد، كما ينفي ان تكون التجربة اليمنية نسخة مقلدة لأية تجربة اخرى سواء التي عرفتها بعض المجتمعات العربية ام تجارب الديمقراطية على المستوى الدولي، حيث يؤكد على ان : »العملية الديمقراطية لم تكن تقليداً او مفروضة من احد على شعنبا اليمني بل هي خيار وطني اخترناه ونهجناه برضانا جميعاً.. والتجربة الديمقراطية من صنعنا جميعاً وهي ليست نظرية فلسفية من هنا او هناك.. بل هي تجربة وطنية توفرت عن قناعة لدى كافة القوى السياسية في‮ ‬الساحة‮ ‬الوطنية‮«..‬
وكما يؤكد الخطاب السياسي اليمني على رفضه استيراد او تقليد نموذج جاهز للديمقراطية والتحديث السياسي، نجده يؤكد رفضه لتصدير تجربته او نموذجه في الديمقراطية والتحديث الى المجتمعات الاخرى حيث يشير الرئيس علي عبدالله صالح الى ذلك بقوله : »ما نود ان نؤكد عليه ان الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية وحرية الصحافة واحترام الرأي والرأي الآخر وحقوق الانسان ستظل هي الخيار الحضاري الأمثل الذي لا حياد عنه للبناء والتقدم وترسيخ اسس الدولة اليمنية الحديثة وتحقيق المشاركة الاوسع لكل ابناء الوطن وقواه السياسية والاجتماعية وهي شأن غير قابل للتصدير يخص ابناء الشعب اليمني الذي اختاروه نهجاً لحياتهم انطلاقاً من ارادتهم الحرة وقناعتهم الراسخة بذلك.. في اشارة واضحة الى دول الجوار التي ظلت تتخوف من انعكاسات ونتائج التجربة اليمنية في مجال الديمقراطية وبناء الدولة اليمنية‮ ‬الحديثة‮.‬
تلك القراءة التي قمنا بها للعديد من خطابات الاخ الرئيس علي عبدالله صالح تؤكد للقارئ والمتتبع للشأن اليمني ان الخطاب السياسي لفخامة الاخ الرئيس مرشح المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح ظل منسجماً مع نفسه ومع ممارساته في السلطة، وهو ينطلق من العديد من الثوابت الوطنية والدستورية كما ينطلق من قراءة موضوعية للواقع والموروث الثقافي والاجتماعي والسياسي لمجتمعنا اليمني بعيداً عن فكرة المزايدة او البحث عن نموذج مثالي قد لايصلح للتطبيق في مجتمعنا اليمني، وبعيداً عن البحث عن مشاريع وهمية للاصلاح السياسي.. وأكثر من هذا ينطلق من فكرة اساسية تقوم على ان الاصلاح السياسي وبناء الدولة اليمنية الحديثة يبدأ بما هو ممكن ومتاح لا بما هو غير ممكن، وعلى اساس القول المأثور : ان نفعل ما لانقول خير من ان نقول مالانفعل، ولذا فالمواطن اليمني مطالب اليوم باختيار بين من يعد وهو قادر على‮ ‬الوفاء‮ ‬بما‮ ‬وعد‮ ‬وبين‮ ‬من‮ ‬يعد‮ ‬وهو‮ ‬غير‮ ‬قادر‮ ‬على‮ ‬الوفاء‮ ‬بوعوده‮..‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا"

عناوين أخرى

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)