د.عبدالوهاب الوشلي - يعد تدشين المهرجانات الانتخابية لمرشحي رئاسة الجمهورية منعطف تاريخي في الحياة السياسية في اليمن، واعتبر جازماً أن هذا الحدث كان من اهم اسبابه تلك المبادئ الديمقراطية التي اسسها الرئيس الصالح في يمن الحكمة والايمان والشورى، ومن هذه المبادئ الديمقراطية ما يلي:
الديمقراطية والتنمية
كثير من المجتمعات في مختلف انحاء العالم النامي اصبحت تواجه الآن المهمة الصعبة المتمثلة ليس فقط في مواجهة التحول نحو الديمقراطية بل مواجهة عملية الاصلاح الاقتصادي وصعوبة الظروف الاقتصادية المتولدة في المراحل الاولى للاصلاح بالاضافة الى الآمال المتوقعة من قبل الجماهير، تشكلان بدورهما تحدياً امام التحول الديمقراطي، ويوضح لنا الرئيس هذه العلاقة قائلاً:
«انه لابد ان ترتبط عملية الديمقراطية بالتنمية.. وان الديمقراطية ستظل مهددة اذا لم يكن هناك دعم كامل لبرامج التنمية مثلما هو الدعم القائم لدول الديمقراطية أو النهج الديمقراطي».
الصلة بين التنمية والديمقراطية صلة بدهية حيث ان التنمية عملية شاملة ومستمرة أكثر من كونها مجرد حدث من الاحداث وان الديمقراطية عملية تنمو وتزدهر ويتعين الحفاظ عليها على مدار الزمن.
وقد اكد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان الذي عقد في فيينا عام ٣٩م، علاقة التعزيز المتبادل بين الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الانسان.. ويؤكد الرئيس هذا بقوله:
«الديمقراطية هي سمة هذا العصر، واساس النهوض الحضاري وهي السبيل الامثل لتحقيق النمو والتطور والاستقرار والسلام والتقدم، ولكي تحقق الديمقراطية غاياتها المنشودة فلابد من ربطها بعملية التنمية الشاملة للشعوب ومصالحها الاقتصادية».
إن الشعب اليمني بزعامته وقيادته الرشيدة وبعد ان حقق حريته ووحدته قد جعل الديمقراطية والنهج الديمقراطي ركناً رئيسياً في حياته السياسية والاجتماعية والدستورية، وفي مسيرته نحو التنمية الشاملة وتحقيق التقدم والارتقاء للبلاد لما فيه خير وسعادة وكرامة المواطنين كافة، وبما يكفل ويحقق لليمن السعيد المكانة اللائقة به وبحضارته العريقة وتاريخه المجيد بين الشعوب والدول المختلفة.
وبدون شك فإن التحديث القائم على التنمية سيؤدي حتماً الى تراكم الثروة الوطنية ونمو الطبقة الوسطى وتعزيز قناعتها بالنظام وانتهاج قيم سياسية تقوم على الاعتدال والرضى ومن ثم تقليص الاحتمالات للتوتر والقلق الاجتماعي الذي يشكل عادة البيئة المناسبة للتطرف السياسي والديني، كما سيؤدي الى الحد من الحقد الاجتماعي والحد من تفاقم مشكلة توزيع الثروة، وحُمَّى الاستقطاب الاجتماعي والكبت والمعاناة لدى المواطنين.
الديمقراطية أساس السلطة
يجب أن تكون الديمقراطية وسيلة وهدفاً من اجل الوصول للحكم.. هذا الاطار اكد عليه الرئيس:
«إن على كل حزب يأتي الى السلطة من خلال الديمقراطية، يجب ان يحترم الديمقراطية ويجسدها في تعامله في صفوفه ومع الآخرين وان يلتزم بالمبادئ والثوابت والقوانين في المجتمع التي لا ينبغي الانحراف عنها أو تجاوزها».
ويضيف: «يجب ان يتعود الناس على الديمقراطية التي يعبر الناس من خلالها عن آرائهم بحرية وان تكون صناديق الاقتراع هي الاسلوب الحضاري الامثل الذي يلتزم به الجميع للوصول الى السلطة بدلاً من الانقلابات والتآمرات».
«نحن دولة مؤسسات لا نحتكم سوى للنظام والقانون».. تتطابق هذه المقولة مع فكرة «صولون» احد اهم وابرز القادة العظام الذين وضعوا اسس ومجد اثينا الديمقراطية حيث اعطى للمواطن الاثيني فرصة كبيرة للمشاركة وربط الديمقراطية والحياة السياسية بالمساواة بين المواطنين، وكان يرى في القانون وسيادة القانون الحارس الأمين للديمقراطية والشعب.
الديمقراطية رديف المسئولية الوطنية
لابد من الالتزام بمقتضيات الدستور وتعميق الممارسة السياسية بعبارة اخرى يجب ان تلتزم جميع اطراف العملية السياسية بالدستور وبالقيم السياسية التي تعمق الوحدة الديمقراطية وعدم استغلال الخصوصيات المحلية الكامنة بين منطقة واخرى، وتعبئة منطقة ضد اخرى واثارة الحساسيات والعصبيات القبلية والمناطقية والجهوية وتكريس التمايزات والاتجاهات بغرض تجييره سياسياً لهذا الحزب أو ذاك، وتقتضي الديمقراطية اشاعة روح التوافق والحلول الوسطية للخلافات الحزبية القائمة وتغليب الولاءات الوطنية على ما عداها من ولاءات طائفية أو عقائدية.. وعن هذه الروح التي يجب ان تسود الساحة الديمقراطية يقول الرئيس:
«ان يتعامل الجميع مع الديمقراطية كمنظومة متكاملة ومترابطة بعيداً عن الانتقائية والمزاجية والفوضى، فالديمقراطية هي رديف المسئولية واحترام الدستور والقانون، وينبغي على الجميع خوض معارك الديمقراطية بمسئولية وطنية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والديمقراطية مهما بدت صعبة أو صاحبها في البداية بعض الاخطاء أو التجاوزات فإنها بالممارسة تصبح سلوكاً راسخاً يتقبله الجميع كما أن تصحيح الاخطاء الديمقراطية لا يكون إلاّ بمزيد من الممارسة الديمقراطية».
الديمقراطية خيار الشعب
كون الديمقراطية اصبحت تفرض نفسها كمعطى وخيار شعبي يستحيل تجاهلها لاقامة اي نظام يريد ان يعتمد على المشاركة الشعبية.. وعن حتمية هذا الخيار قال الرئيس:
«علينا ألا ننزعج من الديمقراطية ابداً فخيار الديمقراطية هو خيار الشعب وعلينا ان نحترم هذا الخيار ونقبل به كيفما كانت نتائجه».
ولإبداء الرأي بصورة انجح أو على الاقل اكثر مباشرة كمطلب اساسي ومشروع شأنه في ذلك شأن التمثيل النيابي يبدو طبيعياً تأطير الديمقراطية بإطارها الدستوري والقانوني لكي تمارس بالشكل الصحيح.. وفي ذلك يقول الرئيس:
«ان الديمقراطية خيار شعبي لتسيير شئون حياته وقد حرصت الدولة اليمنية الجديدة على تأطيرها من خلال الدستور والقوانين والمؤسسات التشريعية والشعبية ونحن حريصون كل الحرص على حق شعبنا في ممارسة حقوقه السياسية والديمقراطية المشروعة في اطار هذه المؤسسات واحترام الرأي والرأي الآخر».
وكون الديمقراطية قوة فاعلة تتنامى سياسياً وتنمو وتزدهر بالممارسة المستمرة يصرح: «وانها لمناسبة نهنئ فيها جماهير شعبنا على النجاح الكبير في ممارستهم لحقهم في انتخاب رئيس الجمهورية.. مؤكدين بذلك السلوك الحضاري الواعي والعزم والحرص على تعزيز الممارسة الديمقراطية واثرائها وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، والذي يمثل اليوم لكل ابناء شعبنا خياراً وطنياً لا تراجع عنه ابداً وتقليداً راسخاً يؤسس لمستقبل افضل أكثر أمناً وازدهاراً».
ويضيف مبشّراً بمستقبل الديمقراطية في اليمن:
«اليوم عندنا جيل ما يسمى جيل ١٢ سنة خلال فترة حكمي، هذا الجيل سيكون مختلفاً تماماً.. تترسخ في ذهنه الديمقراطية بدءاً بانتخابات المجالس المحلية، والانتخابات التعاونية وانتخابات مجلس الشورى، وانتخابات البرلمان الاول بعد الوحدة والبرلمان الثاني بعد الوحدة، والآن انتخابات الرئاسة، هذا جيل غير الجيل الذي عنده صراع مع الماضي العنصري الطائفي، هذا عنصر جديد متفتح ومتنور ووطني ديمقراطي، يعني ليس لديه اي انشداد الى الماضي».
|