محمد رشاد العليمي* -
كشفت أحداث التمرد في بعض مديريات محافظة صعدة المؤامرات التي تواجه هذا الوطن وشعبه والحقد الدفين على مبادئ وأهداف الثورة اليمنية ونظامها الجمهوري وعلى الدستور والنظام والقانون والخروج على الدولة إلا أن هذا التمرد احتوى على كافة الظواهر السلبية التي كانت أساساً في إشعال الفتنة واعتماد العناصر المتمردة على التقطع والسلب والنهب الذي أباحه مشعلو الفتنة وذلك انطلاقاً من مبادئهم الهدامة القائمة على التطرف والعنصرية والتعصب الأعمى الذي اتخذ طابعاً ذا نفحة أيديولوجية مذهبية مسنودة بمصالح إقليمية ودولية كانت أجندتها الخاصة في إعادة هندسة مجتمعات المنطقة «الجزيرة العربية».
إضافة إلى استناد قادة التمرد وعناصرها إلى فكر متعفن وعقيم نظراً للتعبئة الخاطئة التي ضللت اتباعها وغررت بهم في إطار تحقيق أهداف وأغراض سياسية تضر بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وعبر دوافع خفية أنانية لتحقيق مصالح ذاتية ضيقة لتجرد نفسها عن الهوية الوطنية وشرف الانتماء إلى هذا الوطن.
إلا أن هذا التمرد أثبت حقائق جلية دلت على أن تلك العناصر عبارة عن مرتزقة يعملون ضد مصالح الشعب العليا لتحيك الدسائس والمؤامرات لتفريق وحدة الصف اليمني تحيكها أياد أجنبية تقدم كافة الدعم المادي والعسكري والمعنوي.
حقيقة لا شيء يبقى في الظلام لتنكشف على حقيقتها ولتخرج من أوكارها المتهالكة، فتلك المؤامرات الحقيرة والدنيئة على هذا الوطن وشعبه تعيش في كهوف الخيانة والعمالة لتحقيق أهدافها عبر دعوتها الضالة التي استهدفت النظام الجمهوري ووحدته الوطنية ومقدراته وقيادته لتعصف بهذا الوطن وتولجه في مستنقع الشتات والتفرقة حتى تقود البلاد إلى هاوية الهلاك وهذا ما تسعى إليه من خلال أعمالها الإجرامية والوحشية فأصبحت هذه الفتنة واضحة الكراهية وجلية في أهدافها.. المؤامرة خطيرة أحبطتها ارادة الله وارادة شعب وقيادة سياسية حكيمة وأبطال شجعان من أبناء القوات المسلحة والأمن ابتداءً من مولد الفتنة في يونيو 2004م وانتهاءً بمقتل قائد التمرد الصريع حسين الحوثي لتبدأ مرحلة التمرد الثانية في يوليو 2005م بزعامة عبدالملك الحوثي لتبدأ المواجهة التي أسدلت الستار عن حقيقة التمرد وما يقف وراءه من الطابع السياسي الإقليمي عبر التفجيرات بالعاصمة صنعاء التي استهدفت الدوائر الحكومية.
لذا من المستحيل لفئة ضالة وموهومة بأصواتها المأزومة أن تقف عقارب الزمن وتشويه الحقائق بمعتقداتهم وأفكارهم.. معتقدين أن حساباتهم صحيحة بأن الإمامة ستعود من جديد حسب زعمهم الضعيف متناسين أن ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م لم تأت من فراغ ولم تكن وليدة بين ليلة وضحاها بل جاءت من معاناة شعب طيلة فترة العهد الإمامي البائد والذي قدم هذا الشعب تضحيات جسيمة وعظيمة ودماءً زكية وطاهرة أروت تراب هذا الوطن يجني الوطن ثمار الحرية والعدل والمساواة.
لم يكن هذا الفكر إلا عقيماً بحد ذاته يهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف في ممارسة أنواع الزيف وإثارة الفتن لإذكاء السلالية والمذهبية في أوساط المجتمع، مستهدفاً جوهر الثوابت الوطنية العليا ومخترقاً لكافة الأنظمة والقوانين الوطنية منتهجة القيادة السياسية إزاء هذا الفكر الرجعي سياسة عدم المجازفة باعتماد فخامة الرئيس، في كل الأحوال، على منهج ومبدأ الحوار بكل سماحة قلب بحجم قائد عظيم الذي حاول بشتى الطرق وأكثر المحاولات احتواء الموقف حيال التمرد والفتنة دون إراقة الدماء حتى لا يحدث تصدع في الصف الوطني فعبر الوساطات المتمثلة بمختلف اللجان الوطنية من مشائخ وعلماء ونواب وأعضاء مجلس الشورى الذين بذلوا جهوداً مضنية لإقناع المتمردين ممثلاً بقادتهم الحوثي والرزامي وذلك بالعدول عن أفكارهم الخاطئة والعودة الجادة إلى الصواب وترك التمرد بما فيه مصلحة الوطن وتسليم أنفسهم ومن معهم حقناً للدماء ودماء غيرهم وأن يعودوا مواطنين صالحين شأنهم شأن غيرهم من مواطني الشعب اليمني.
إلا أن هذه الدعوات الوطنية والنداءات لم تلق أي استجابة وقوبلت بالرفض القاطع للعديد من لجان الحوار والوساطات الوطنية الوطنية فما كان إلا أن تسير الدولة في طريقها الشرعي في محاربة وملاحقة فلول التمرد والفتنة بحكم أنها محدودة المكان والأفراد فأصبح قتالهم واجباً ومطلباً وطنياً لاستئصال هذه الفتنة وإلى الآن، فهم أعداء للوطن وللشعب بأكمله لايقاتلهم أبناء القوات المسلحة بمفردهم بل أضحى كل أبناء محافظة صعدة الشرفاء جنداً ميامين يدافعون ويحرسون مناطقهم إلى جانب إخوانهم في القوات المسلحة ويشاركونهم في ملاحقة فلول التمرد من سهل إلى سهل ومن جبل إلى جبل حتى يدرأوا هذا الخطر عن باقي مناطق محافظة صعدة.
فهناك جملة من الشروط كان قد وضعها مجلس الدفاع الوطني الذي أنعقد في 13 فبراير 2007م في بداية التمرد وذلك لاحتواء الموقف مبكراً ولكن الاستمرار في الأعمال الإجرامية من قبل المتمردين كان بمثابة السند الشرعي لوقفهم عند حدهم.
إن ما آثاره مشعلو التمرد والفتنة في محافظة صعدة أصبح المتضرر منه الوحيد هو الوطن وشعبه وإعاقة حركة التنمية الوطنية عن طريق الإضرار بالمصالح الاقتصادية الوطنية وذلك لما مارسته تلك العناصر من أبشع الإرهاب القائم على تدمير المنشآت الحيوية والهامة في تلك المناطق وإقلاق السكينة العامة في الوطن فأساءت إلى الوطن وآمنه واستقراره.
رغم كل هذا ظلت القيادة السياسية متمسكة بأسلوب الحوار مع المغرر بهم وإعادتهم إلى الرشد وهذا ما كان يدعو إليه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح دوماً في كل المناسبات واللقاءات وعبر تصريحاته الصريحة دوماً حتى تم تشكيل لجنة من مجلسي الشورى والنواب ضم كل أطياف العمل السياسي من رؤساء الكتل النيابية والشوروية وتم نزولها الميداني إلى منطقة صعدة فجاءت مهمتها عقب اتفاق توسطت فيه القيادة القطرية الشقيقة لدى القيادة السياسية بإقناع المتمردين بالقاء السلاح والالتزام بالنظام والقانون والقبول بالحلول السلمية لإنهاء الفتنة بوقف إطلاق النار وإخلاء مراكز تمركز المتمردين وسيطرة القوات الحكومية عليها.
فمثلت أحداث التمرد في بعض مناطق محافظة صعدة واثبتت مدى الوعي والعمق الوطني في وحدة الصف اليمني بين أبناء الوطن الواحد الذي استنكر هذه الفتنة ونبذ التمرد ومستنكرين لتلك الأفعال والأهداف الهدامة التي لا تخدم المصالح الوطنية.
من جهة ثانية أظهرت فلسفة الأخ الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة في اتباعه الفكر الوطني الأعلى للوطن اتباعه الحلول السلمية وميله إلى التسامح الذي يأتي من موقع القوة في الموقف خصوصاً عندما كان التمرد يلفظ آخر أنفاسه عندما باتت نهايتهم قريبة واشتداد الخناق عليهم من قبل القوات المسلحة والأمن.
فالقوات المسلحة والأمن هي سيدة الموقف وهي الحارس الأمين لكل منجزات ومكاسب الثورة وصمام أمان مسارات وتحولات بناء اليمن الجديد والمتطور.
فالرحمة على شهداء الوطن الأبرار وتحية إجلال وإكبار لكل الشرفاء في ربوع الوطن الحبيب.
ولكل الحاقدين الذل والهوان،،
*عضو مجلس النواب