الميثاق نت -
بالقدر الذي تبدو فيه الحاجة إلى توافق سياسي، يقوم على الثقة والتفاهم والانسجام بين أطراف المنظومة الحزبية على الساحة الوطنية تبرز وبذات الأهمية - أيضاً- الحاجة إلى استيعاب تلك الأطراف للآليات والشروط الموصلة إلى مثل ذلك التوافق والأسس التي يمكن أن يستقيم عليها وعلى نحو تكون فيه الغلبة للصوت المتزن والمتوازن والرؤى الناضجة التي تسمح بإحلال روح الشراكة الوطنية والديمقراطية بدلاً عن ذلك النزق الحزبي، الذي عادة ما يثير الشكوك والهواجس ويوسع هوة التباينات بين مكونات العمل السياسي والحزبي.
ولن نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا أن أهم ما يعيق قيام التوافق بين شركاء الحياة السياسية ويحول دون بلوغ أهدافه، يتمثل بدرجة أساسية في إصرار قيادات بعض أحزاب المعارضة على تفسير مبدأ الشراكة الوطنية على هواها ووفقاً لمترتبات خاطئة وقاصرة تتصادم كلياً مع قواعد الديمقراطية وما أفضت إليه الإرادة الشعبية في الدورات الانتخابية أي أن هذه الأحزاب تنظر إلى الشراكة الوطنية من زاوية التقاسم والمحاصصة، معتقدة أنها بهذا الأسلوب قد تنجح في تحقيق بعض المصالح والمكاسب السياسية والحزبية لتعويض ما عجزت عن تحقيقه من خلال صناديق الاقتراع.
وتبرز ملامح هذا النزوع الأناني في مضمون البيان الأخير الصادر عن أحزاب اللقاء المشترك، حيال ما يتصل بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، حيث أعلنت في ذلك البيان وبشكل صريح انقلابها وتملصها عن ما سبق وأن قبلت به واتفقت عليه تلك الأحزاب مع الحزب الحاكم، بخصوص تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة.
وما يثير الدهشة -حقاً- أن ما يرفضه المشترك اليوم هو ما كان قد طرحه وتبناه بالأمس بل عمل على تسويقه في وسائل إعلامه من أجل اقناع الآخرين بجدواه لضمان استقلالية وحيادية الإدارة الانتخابية.
وبصرف النظر عن حجم كل حزب على الخارطة السياسية والبرلمانية، فإن الضرورة تقتضي أن تتعزز القناعة لدى كافة القوى السياسية والحزبية من أنه يستحيل على أي طرف حزبي أو سياسي امتلاك قوة التأثير والحضور الفاعل على الساحة الوطنية عن طريق إبرام الصفقات والالتفاف على الديمقراطية ونتائج صناديق الاقتراع.
بل إن اكتساب هذه المكانة يأتي عبر خدمة الجماهير والاقتراب من همومها وتطلعاتها وتبني البرامج التي تسهم في النهوض بالوطن وتطوره وتقدمه إلى جانب التطبع على ثقافة الديمقراطية واحترام الإرادة الشعبية والتعامل مع مبدأ الشراكة الوطنية من منطلق ما يفرضه من مسئوليات وليس ما تفرضه الرغبات الذاتية والأهواء الشخصية.
وبالتالي فإن على أولئك الذين يعمدون كل ما حان موعد أي استحقاق ديمقراطي أو انتخابي افتعال العراقيل بهدف الضغط على الحزب الحاكم، وابتزازه بوسائل مختلفة، أن يدركوا جيداً، أن النهج الديمقراطي هو حق شعبي وليس هناك من يمكن له منازعة الشعب على هذا الحق.
ويخطئ من يعتقد أن بوسعه استنزاف الجهد الوطني في معارك هامشية ومهاترات عبثية لأن المرحلة لم تعد تقبل بمثل تلك النزعات الضيقة وأساليب الانفعال والمراوغة والتي لا تعني سوى خداع الذات والمتاجرة بمشاعر الناس الذين ينظرون إلى ما يعتمل في الوطن من نشاط انمائي بأنه يشكل جسر العبور نحو المستقبل المشرق والمزدهر.
*افتتاحية صحيفة الثورة