عبدالملك الفهيدي -
أن تكون إعلامياً عاملاً في (صحافة الإنترنت أو الصحافة الإلكترونية) في اليمن فستجد نفسك مجبراً على التعايش مع مسالة عدم اعتراف الآخرين بحقك المهني.
وإذا كان لنا –تجاوزاً- أن نبحث لمؤسسة رسمية كوزارة الإعلام عن مبرر لعدم اعترافها بالعاملين في هذا النوع كونه لا يزال صحافة غير مقوننة- رغم مرور أكثر من خمس سنوات على ظهورها في اليمن- فمن أين لنا بعذر لنبرر به رفض زملاء لنا يفترض -نظرياً على الأقل- أن يكونوا هم من يقودون بوصلة المهنة الصحفية في اليمن بحكم مسئوليتهم النقابية.
ولعل ما يدعو للأسف والعجب في الوقت نفسه أن يرفض من يدعون بمشروعية مسؤوليتهم في الدفاع عن حرية التعبير والصحافة منح جزء من زملائهم وتحديدا العاملين في الصحافة الاليكترونية مجرد بطاقة عضوية في نقابة الصحافيين لا لسبب إلا لكونهم "بتاع مواقع اليكترونية".
لا أحد من مسئولي النقابة يستطيع أن يبرر لك سبب رفضهم للاعتراف بصحافة المواقع الاليكترونية والعاملين فيها بحجة قانونية تقنعك بكونك لا تستحق أن تملك ولو على الأقل بطاقة انتماء لنقابة المهنة.
وما دمت في اليمن فليس غريباً أن تجد أن من يرفض منح صحفيي الانترنت بطاقة نقابية يصم أذنيك حديثاً وبيانات ويوزع الاتهامات شمالا ويمنياً ضد السلطة ومؤسسات الدولة بمبرر إغلاق المواقع الصحفية، ويعتبرها توجهات من السلطة والحكومة والحزب الحاكم لمصادرة حرية الإعلام، وقضاءً على الهامش الديمقراطي ،وانتهاكاً للدستور والقوانين حسب تعبيرات أساتذتنا في نقابة الصحفيين . الأمر الذي يدعو للتساؤل عما إذا كانت حرية الإعلام عند مسئولي النقابة لا تعني سوى مجرد أن تظل تلك المواقع بـ"غثها وغثائها" مفتوحة دون أن يكون للعاملين فيها حق الانتماء إلى نقابة الصحافيين.
وإذا كان صحيحاً أنه ليس كل من يعمل في المواقع صحفياً، وليس كل المواقع يمكن إدراجها ضمن مفهوم الصحافة، إلا أن الصحيح أيضاً أن ثمة مواقع صحفية لم يعد من عائق أمام أن تكتسب مشروعية الاعتراف النقابي بها وبمن يعملون فيها سوى مزاجية القائمين على النقابة فقط.
لندع الحديث عن مجاملات ومعايير سياسية ..الخ كان لها دور في منح بطاقات النقابة لكثر بدون حتى استكمالهم لمتطلبات الانتساب،ولنكتفي بتذكير أساتذتنا في نقابة الصحافيين بسيل البيانات التي (دوخونا بها) على مدى السنوات الماضية والتي لم تترك شاردة ولا واردة إلا وشملتها، ولنذكرهم ببيانات التنديد والاستنكار لما تعرض له بعض زملاء لنا يعملون في مواقع صحفية ولنسألهم: هل كانت تلك البيانات تعبيراً عن الاعتراف بصحافة الإنترنت والعاملين فيها؟! أم لمجرد (الإعلان) عن كيان اسمه النقابة؟! .
ألا يحق لنا أن نسأل أساتذتنا في النقابة عن مبرر الفاكسات ورسائل البريد التي أرسلوها لننشرها –باعتبارنا جزءاً من المنظومة الصحافية في اليمن- وعن مبرر أن يطلبوا منا تبني مواقف نقابتهم ونشرها دون أن يكلفوا أنفسهم حتى مجرد النظر إلى طلبات العضوية التي تقدمنا بها؟!
ألا يحق لنا أن نسألهم ماذا كانوا باتوا على قناعة بصحافة الإنترنت؟! أم أن دفاعهم المستميت عنها وعن عدم المساس بها باعتبارها جزءاً من حرية الإعلام والتعبير مجرد تسجيل مواقف وتصفية حسابات سياسية ما انزل الله بها من سلطان ،أم أن مواقع الانترنت حين ترتبط بموضوع منح بطاقة النقابة تصبح خارج مفهوم حرية الإعلام والتعبير ،وخارج نطاق منظومة النظام الديمقراطي والتعددي والسياسي.
لا ندري ما هي الشروط والمعايير التي تقف وراء رفض النقابة منح الصحفيين في المواقع الاليكترونية بطاقات عضوية ،وهل المبرر هو ذاته الذي تورده وزارة الإعلام ،وإذا كان كذلك فهل انسلخت النقابة من عباءة المجتمع المدني لتتحول إلى وزارة إعلام بمسمى غير رسمي ؟!.
وإذا كانت هناك معايير يتطلب أن تنزل علينا من المريخ ليقتنع مسؤولوا النقابة بمشروعية صحافة الانترنت ومشروعية حصول الممتهنين للعمل فيها على بطاقات عضوية فليقولوا لنا ما هي ،وليتمتعوا –على الأقل –بشجاعة مسئولي وزارة الإعلام الذين يبررون عدم دعوتهم لتلك المواقع لحضور المؤتمرات والفعاليات بحجة عدم وجود قانون ينظم عمل هذا النوع من الصحافة .
هناك سؤال أخر يبحث عن إجابة من مسئولي النقابة مفاده هل هناك حاجة لحوار بين العاملين في مواقع الانترنت وبين النقابة من اجل بطاقة العضوية على غرار الحوار بين الأحزاب السياسية حول موضع تشكيل لجنة الانتخابات ؟!! فربما يفضي مثل هكذا حوار إلى إقناعهم بدستورية عمل المواقع الاليكترونية وبتمتع العاملين فيها بحقوق المواطنة المتساوية التي يكفلها الدستور والذي تعمل هذه المواقع تحت ظل وحماية نصوصه .
أخيرا ليس أمام الأساتذة الإجلاء والزملاء الأعزاء في نقابة الصحافيين سوى أن يمنحونا صكوك الغفران النقابية ،أو فليصمتوا من الآن فصاعداً وليحذفوا من قاموس عملهم النقابي مفردات الحديث عن حرية الإعلام، وليوقفوا إصدار البيانات التي تتحدث عن التضييق على حرية هذه الوسائل الصحفية التي لا يعترفون بها ..ذلك أن ازدواجية المعايير والمواقف، والتناقض لا تمت بصلة لمفهوم العمل النقابي ،وقبل ذلك لمفهوم مهنة البحث عن المتاعب التي شاءات الأقدار أن تجعل من امتهانها مصدر أرزاقنا وأرزاقهم !