علي إبراهيم* -
عندما أعلن تجمع يضم مئات من المشائخ وسياسيين وشخصيات قبلية في صنعاء قبل أكثر من أسبوع إنشاء هيئة فضيلة لمراقبة الأخلاق العامة في المجتمع، لم يكن واضحا الكيفية التي ستعمل بها هذه الهيئة وما هي حدود سلطتها وعلاقتها بأجهزة الدولة المعنية بتطبيق القانون العام والحفاظ عليه.
وفضلا عن التساؤلات عن المبررات التي أدت الى هذا الحماس لإنشاء مثل هذه الهيئة في مجتمع معروف بانه محافظ للغاية، ولم تظهر فيه أي مظاهر أو مؤشرات تدل على غير ذلك فان توقيت إعلان هذا الكيان الجديد وبتأثير من قياديين من تيار معين في حزب الإصلاح اليمني المعارض الشريك سابقا في الحكم يعطي الانطباع بان الأهداف سياسية أكثر منها أي شيء آخر.
فإذا كان لا يوجد شيء في اليمن يدعو الى الإحساس بان الفضيلة في خطر بما يستدعي إنشاء هيئة خاصة لإنقاذها فان الاستنتاج المباشر هو اما انها مجرد فكرة جانبها الدعائي أكبر من العملي لتعزيز نفوذ سياسي لتيار معين، أو انها محاولة من هذا التيار لتأسيس بداية سلطة موازية لسلطات فرض القانون ومنازعة الدولة اختصاصاتها.
وكان لافتا ان بيان أحزاب المعارضة الأخرى المشتركة في تحالف معارض للحزب الحاكم مع حزب الإصلاح الذي شارك قياديون منه في الاجتماع التأسيسي لهذه الهيئة انتقد بشدة الفكرة ورفضها بعبارات قوية، وكان هناك ايضا قياديون من حزب الإصلاح وقعوا على البيان الذي هاجم الهيئة المذكورة.
ولو تركنا قليلا الجانب المتعلق بمواقف أطراف العملية السياسية وخلافاتها الى الأفق الأكبر المتعلق باليمن ككل لا بد ان يشعر أي مراقب بالحيرة فاولويات البلاد ليست مراقبة سلوكيات الأفراد بقدر ما هي البحث في مستقبل التنمية وتحسين مستويات المعيشة ومعالجة قضيا أكثر الحاحا مثل مسألة حمل السلاح والخلافات القبلية، وايضا علاج جذور مشكلة صعدة والتمرد الذي قاده الحوثيون هناك وأدى الى آلاف القتلى على مدار عدة جولات قتال في السنوات الماضية بحيث لا يتكرر ذلك سواء هناك او في أي محافظة اخرى.
والمؤكد أن الفضيلة ليست في خطر في اليمن ولا تحتاج الى مؤتمر، وما تحتاجه البلاد هو حشد الجهود والعقول في عملية التنمية والاصلاح الاقتصادي أكثر من أي شيء آخر فهذا هو الطريق نحو الاستقرار، والمستقبل، واليمن ليس فقيرا في الإمكانيات فهو لديه القوة البشرية أهم عوامل التنمية لو أحسن استغلالها ولديه ثرواته وموقعه الاستراتيجي وامكانات سياحية هائلة يمكن أن تكون مصدر ثروة إذا جرى استثمارها، كما ان لديه موقعه الاستراتيجي التي تجعله نقطة وصل بحرية وتجارية هامة للعالم. وفوق كل ذلك فان موجود في منطقة تتمتع بفوائض مالية كبيرة حالية وتبحث عن أسواق استثمارات جديدة، وبالطبع فان الاستثمارات تبحث دائما عن اسواق مستقرة سياسيا وتستطيع ان تقرأ مستقبلها بشكل واضح.
*عن الشرق الاوسط