حسن عبدالوارث -
•• سبق لي الخوض في هذه القضية.. وهي تستحق الكتابة عنها والحديث حولها وتناولها باستفاضة على مدار الساعة..
نحن في حاجة ماسة إلى تعليم مادة حقوق الإنسان.. ويبدأ تعلمها من سن الرابعة إلى سن الرابعة والأربعين، على سبيل المثال..
فهذه المادة المعرفية هي الوحيدة الضائعة عن منهاج وزارة التربية والتعليم والحلقة الوحيدة المفقودة في سلسلة اهتمامات أهل الحل والعقد وصناع القرار المتصل بحياة الجيل ومصير النشء..
فالحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، مفاهيم مجردة ومعارف مطلقة، لن تتجسد على ارض الواقع المادي وصعيد الممارسة العلمية، بنصوص دستورية أو قرارات جمهورية.. إنما بترسيخها في ثنايا الوعي وتلافيف الوجدان على نحو جمعي..
ولأن معظم الأجيال المتعاقبة -في هذا الوطن- عاشت عهوداً من التوتاليتارية وعقوداً من الديكتاتورية، أكثر من تمتعها بفترة الوحدة والتعددية محدودة الأمد والأثر، فان الفرصة الوحيدة الباقية لنا -في هذا المضمار- تكمن في الزهور والسنابل، أي فلذات أكبادنا..
وقد كنا -ذات يوم قريب- سمعنا عن 'برلمان الأطفال'.. ثم لم نعد نسمع عنه شيئاً، إلاَّ موسمياً وعلى عجل.. وآخر نبأ سمعناه عنه هو سقوط أحد أعضائه مضرجاً بدمائه جراء عيار ناري طائش أو مجنون!!
أي أن'برلمان الأطفال' هذا، لم يكن في الأصل سوى 'بروبجندا' سياسية أو إعلامية، لا علاقة لها البتة بأية إستراتيجية منهاجية في سياق نشر وترسيخ التربية الديمقراطية والثقافة الحقوقية لدى النشء.
ذات يوم، قال احد الحكماء: 'من المفارقات العجيبة ان يكون أول ما يهتم به المرء هو أن يعلم الطفل الكلام.. ثم بعد ذلك يقضي العمر كله ليعلمه السكوت'!!
ويبدو أن أزمنة القهر والقمع والمطاردة والمصادرة التي عاشها المرء في ظل عهود الاحتلال والإمامة ثم التشطير، قد غرست فيه بذرة ديكتاتورية مقيتة، عكست عقدة الاضطهاد لديه تجاه أطفاله، بما يشبه حالة كالحة من ' البارانويا '..
ولذا يقال إن السجين السابق يغدو أكثر جوراً وجبروتاً وبطشاً في حال أصبح سجاناً لاحقاً!!
[email protected]