افتتاحية الثورة -
يظل العلم الوسيلة الحقيقية للتغلب على التخلف وتحقيق التنمية وإبداع البدائل والأساليب اللازمة لعملية التجديد والتطور والملبية لمقتضيات التقدم من مرحلة النمو إلى مرحلة الرقي.وإلى بواكير العملية التنموية التي تبلورت وفق المفهوم الهادف لبناء الإنسان باعتباره وسيلة وغاية التنمية تعود الجذور الأولى والفعلية للمنجز التعليمي الهام الذي شاهدنا معالمه المضيئة في حفل تكريم خريجي الجامعات الحكومية يوم أمس برعاية كريمة من قائد مسيرة التنمية الشاملة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وهو من تبنى وأطلق ذلك المفهوم البنائي الإنساني للتوجهات والأهداف الإنمائية.ومن خلاله أيضاً نتطلع إلى الأفق المستقبلي الممتد لاستكمال بناء اليمن الجديد ودولته الحديثة فليس كالتعليم من ساحة لتشكيل الوعي المستجيب لضرورات تحقيق النهضة الحضارية الشاملة.وغاية المراد من التعليم في ارتباطه الحضاري بمجريات الحياة اليمنية الراقية أن يتكثف في عطاءاته حول قضية تنمية التفكير العلمي لدى شبابنا وأجيالنا القادمة وتلك هي المهمة التي ينبغي العمل على إيصال وتيرتها إلى أعلى مراتب الإنجاز معززاً بالتوصل إلى المدخلات التأهيلية التي تفضي إلى المخرجات الإنتاجية التي تجمع بين توفير احتياجات سوق العمل وتعزيز عملية التنمية بمتطلباتها البشرية.وتلك هي الخطوة بعيدة المدى المتطابقة مع الوجهة الاستراتيجية للاستفادة من طاقات الشباب والحيلولة دون وقوعه تحت طائلة وضغط البطالة بما تنطوي عليه من مؤثرات سلبية وسالبة لملكاتهم وطاقاتهم ودفعها في الاتجاه المعاكس للتطلعات التحديثية المنشودة.ولا شك فيما تؤديه ساحات التعليم وقاعات الدراسة من دور وطني توحيدي بين عناصر الأجيال الجديدة الذين يتوافدون إليها ويلتحقون بصفوفها من مختلف المناطق والنوعيات الاجتماعية ونشوء ألفة الزمالة التي لا ينقطع حبل ودها مدى الدهر بينهم.ويظل مع ذلك على المؤسسات التعليمية أن تواكب التحولات التي يشهدها الوطن اليمني في ظل وحدته وديمقراطيته بحيث يصدر شقها المنهجي من هذه المنابع الصافية للتعايش والتلاحم في إطار التنوع.ويحفل تاريخنا القديم والحديث برصيد هائل من التجارب ودروسها وعبرها الكافية لإجلاء حقيقة أن خير اليمن وازدهارها في تلاحمها ووحدتها السياسية والوطنية وما دون ذلك الضياع ومما يتيحه لنا تاريخنا الحديث جداً والمصاغ بقيم ومبادئ الديمقراطية أن نربي في أبنائنا روح الاختيار الحر واعتماد الحوار والاقتناع سبيلاً إلى ذلك في الإطار الديمقراطي القائم على الاعتراف بالرأي الآخر والتعبير عنه على قاعدة التعايش والشراكة في تحمل المسئولية فيما يتعلق بالشأن الوطني العام.ويتكامل الدور التعليمي مع الجهد العام في تنقية البيئة المحيطة بالشباب من أسباب الانحدار الفكري في مهاوي التطرف والانغلاق الذهني والنفسي وتجفيف منابعهما الاقتصادية بالدرجة الأولى.ويمكن للجهد العام هنا أن يتبلور على أرض الواقع من خلال العمل المشترك على أن تجد الاستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب طريقها إلى التطبيق الكامل.وواجب على جميع الآباء الاجتهاد من أجل إبعاد أبنائهم من نقاط ومناطق العبث السياسي والتوتر الفكري والاجتماعي.وإيكال أمر مستقبلهم إلى مجتمع خال من الأحقاد والثأرات الجاهلية مزدهر بأجواء المودة والتكافل خير وأبقى من استعدائهم ضد بعضهم البعض وجعلهم يواجهون المصير المجهول ولا تنتج البغضاء سوى المصير المظلم والمستقبل يمر من ساحات العلم والعلم نور والجهل ظلمات.