يحيى نوري -
الأحد الماضي كان النائب سلطان العتواني أمين التنظيم الشعبي الناصري قد عقب على اليمين المغلظة لزعيم كتلة الإصلاح بالبرلمان ذلك شأنه وبأن ما التزم به أحزاب المشترك غير معنية به ، مؤكداً أن أحزاب المشترك - والحديث ما زال للعتواني - لقناة الجزيرة متمسكة بشروطها التي لن تتنازل عنها إطلاقاً وبأن تصويتها على مشروع التعديلات على قانون الانتخابات سيظل مرهون بمدى تنفيذ اشتراطات المشترك.
موقف واضح وجلي عكس مدى تشدد أحزاب المشترك وإصرارها باتجاه المزيد من التشدد ، لكنه أي هذا الموقف قد تغير تماماً فالعتواني الذي رفض وزملائه من أحزاب المشترك حضور جلسة النواب الاثنين ووجدناه وعبر قناة الجزيرة يحاول عبثاً إخفاء الحقائق ويهون الأمر لموقف أحزب المشترك ويعلل ببساطة متناهية أن عدم حضور كتل المشترك إلى مجلس النواب كان سببه الوحيد هو في تأخر الحزب الاشتراكي من تقديم قائمة بأسماء من سيمثلونه في عضوية اللجنة العليا للانتخابات وهو سبب أقبح من ذنب – خاصة وأن هذا السبب لو كان صحيحاً فانه لا يستدعي مقاطعة جلسة النواب – حيث كان بإمكان كتل المشترك الحضور والتصويت على مشروع تعديلات القانون وعندما يكتمل الاشتراكي من تسمية من سيمثله في اللجنة يتم لاحقاً معالجة هذا الموضوع الذي لا يعد ووفقاً لكثير من المهتمين والمختصين عائقاً أو مشكلة عويصة تستدعي مقاطعة جلسة النواب.
والمهم في هذا الأمر أن النائب العتواني قد حاول عبثاً كما أشرنا إخفاء الحقائق وتضليل الرأي العام فقد تناسى تماماً موقفه الصارم والمتشدد من عدم الحضور إلى البرلمان الذي عبر عنه –الأحد - بهدف التصويت بل وجدناه يذهب بعيداً ليطلب عبر قناة الجزيرة تدخل فخامة الرئيس شخصياً لإنهاء ما وصفه بالأزمة السياسية ، متناسياً الجهود الدؤوبة التي يبذلها فخامة الأخ الرئيس من أجل تحقيق الوفاق بين الأحزاب حول مشروع التعديل على القانون الانتخابي وهي جهود وبالرغم من أهميتها لم تجد تفاعل أحزاب المشترك ، بل وجدناها أي هذه الأحزاب للأسف الشديد نظرت لمواقف الرئيس كموفق ضعف وصَّور لها خيالها السياسي المريض إمكانية استغلال هذا الضعف لممارسة المزيد من الضغط باتجاه تحقيق أهداف وأجندة حزبية تهدف بالمقام الأول إلى إجراء اقتسام أو ضمان دوائر انتخابية برلمانية قبل عملية الاقتراع .
هذا من جهة النائب العتواني إما من جهة الآخرين والذين ازدحموا أمام كاميرا قناة الجزيرة فقد ذهبوا إلى قضايا معاكسة تماماً لما ذهب له العتواني يوم الأحد الماضي حيث وجدنا قيادات إصلاحية تتمسك الاثنين برأي العتواني يوم الأحد متناسية تماماً هذه القيادات الإصلاحية اليمين المغلظة لرئيس كتلة الإصلاح النائب بافضل والذي حاول بيمينه المغلظة إضافة إلى استخدامه كافة أدوات التعبير في الترجي والتهدئة لتأكيد حضور جميع نواب المشترك جلسة الاثنين .
أما ما سمعناه من تصريحات نارية بشأن المسجونين فقد حاول أصحابها الهروب من خلالها إلى الأمام وراحوا يشككون عبر أكثر من قناة تلفزيونية بمصداقية توجهات فخامة رئيس الجمهورية بشأن إطلاق المسجونين وهو إطلاق يعلم أصحاب هذه التصريحات النارية أنه يحتاج إلى وقت خاصة وأن هذا الإطلاق لا بد أن يتم في إطار من الإجراءات الإدارية والقانونية ، لكنهم بالرغم من هذا فضلوا المزيد الغوص في أتون المكايد السياسية في الوقت الذي يدركون مدى فظاعة الانحطاط السياسي الذي منيو به جراء إفراطهم هذا في ممارسة المزايدة والكيد السياسي.
وإزاء ما تقدم فإن أحزاب المشترك التي سارعت إلى تحميل النظام كافة التبعات التي اتخذها مجلس النواب في جلسته الاثنين وهو تحميل نجده لا يحمل في طياته أية أبعاد ومدلولات سياسية موضوعية أو منطقية تعبر عن حكمة سياسية لدى هذه الأحزاب وقياداتها خاصة وأن أحزاب المشترك تعلم هي الأخرى بأنها لو كانت في موقف المؤتمر الشعبي العام وكتلته البرلمانية لقامت بما قامت به كتلة المؤتمر.
وهو موقف لم يكن معبراً عن حالة من التهميش والإقصاء لهذه الأحزاب بقدر ما كان خطوة مهمة على طريق الانتصار للاستحقاق الانتخابي القادم وضمان عدم دخول البلاد في أتون الفراغ الدستوري ، وهو الفراغ الذي يتفق بشأنه مختلف المحللين السياسيين للحدث على الساحة اليمنية من أنه أي هذا الفراغ كان وما يزال يمثل هدفاً لأحزاب المشترك لكونها تجد فيه مرتعاً للمزيد من الممارسات والمواقف المضرة تماماً بالمصلحة الوطنية العليا والإضرار الكامل بالتجربة الديمقراطية اليمنية .
وكلها مواقف لا ريب تفتقد للمنطق والعقل أو أدنى استشعار بالمسئولية الوطنية .
وأخيراً وإزاء هذا المشهد السياسي العبثي الذي شكلته مواقف أحزاب المشترك نجد أنفسنا اليوم في حالة انتظار لما ستئول إليه الأمور على الساحة السياسية للتعرف على ما إذا كانت أحزاب المشترك ستدرك أخيراً فظاعة ما ارتكبته في حق الوطن وحق قواعدها من خطأ تاريخي حتى يتم معالجة آثار خطئها هذا وهو خطأ ستظل تدفع ثمنه كثيراً باعتبارها من خلاله قد انتصرت لمصالحها وضربت بعرض الحائط بالمصلحة الوطنية في أفظع صور الانحطاط السياسي التي سجلتها بدرجة عالية من الامتياز .