راسل القرشي -
الاحتفالات التي تشهدها عموم محافظات الجمهورية هذه الأيام.. بأعياد الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر تحمل العديد من الدلالات.. أولاها في أنها تأتي وشعبنا يعيش الاستعدادات والتحضيرات لتنفيذ مراحل المشهد الانتخابي البرلماني الرابع، وهو المشهد الذي من الآن نكاد نتلمس معالمه ونشتم موسمه الكبير..
والذي سيذهب إلى رصيد التجربة الديمقراطية ويعزز من مسيرتها.. وإلى المشروع الحضاري والمدني المتراكم لليمن الجديد.. ويعزز أيضاً من حضورنا في عالم لامكان فيه لغير المشاريع القادرة على الإيفاء بمتطلبات التجدد والتحصن ضد كل أشكال التخلف والرجعية.
وثاني تلك الدلالات تتمثل في الاستمرارية المتطورة للثورة - الأرض والإنسان - والقدرة على استلهام متطلبات البناء والنمو والتطوير.. وهي القدرة التي نراها تتجسد من خلال العمل الجاد والمتواصل، الهادف إلى ترجمة مبادىء ومضامين الثورة والجمهورية والوحدة.. والارتقاء بالوطن إلى كامل أمانيه وطموحاته بعيداً عن كل نزعات الوصاية والهيمنة التي مازلنا نراها تتسيّد عقول بعض القيادات الحزبية وتسيّرها دون حياء أو خجل.
> إن الثورة بناء وعمل متواصل في شتى ميادين ومتطلبات الحياة.. وكونها كذلك نرى لوحتها البديعة اليوم بعد 45 عاماً من عمرها تنشر أمزانها على قمم الجبال والسهول والأودية.. بالعمل والإنجاز، بانتصارات دائمة النماء.. بارتياد مراحل أكثر تطوراً وأشمل عطاءً مهما كانت الصعاب والتحديات.
الثورة اليوم هي عقارب الزمن المتجهة بكل الصدق والمسئولية صوب المستقبل.. وتحقيق أعلى معدلات التنمية في قطاعات ومؤسسات الدولة المختلفة.
الثورة .. هي الحدث الأجمل الذي نعيشه في استحقاقات متواصلة.. محورها الإنسان وغايتها الوطن.. وهدفها المستقبل والتأسيس لكل ماهو جدير بالافتخار.
> هي الثورة التي نرى اليوم من يستغل وقعها ومناسبتها وألقها المستمر ويعمل ويجتهد في إعادة التلاعب بأحداثها لاستعراض مواهبه الخائبة في الرقص على الجراح والتشفي بإدماء الذات ونزف الضمير الوطني.
بعض من مثيري الشغب ودعاة الكراهية حاولوا استغلال هذا اليوم المميز في تاريخ الوطن الواحد وتحويله إلى مناسبة لإشعال الحرائق..
خُيّل لهم أن تزوير التاريخ سيمكنهم من تمرير أهدافهم المليئة بالأحقاد على الشعب والوطن الكبير.
خيل لهم أن دعواتهم التحريضية على إثارة الشغب والإضرار بالوطن ومكاسبه ستكون كفيلة بعودة عقارب الساعة إلى الوراء حيث الشمولية وحكم الفرد وتسلط الحزب الواحد.
قابلوا لغة التسامح والعفو بالمزيد من الحقد ومخادعة النفس ومغالطة الذات والإصغاء للوساوس المحبوسة في قعر الليل وبركة الحسابات الملوثة بالأهواء والكراهية.
أصروا على أن تظل وجوههم قبيحة كنفوسهم التي قادتهم بالأمس إلى خيانة الوطن دون حياء أو خجل ودفعتهم للهروب وغرس رؤوسهم تحت التراب.
> اليوم يعيدون الكرّة من جديد، وكأن العفو ولغة التسامح اللذين قوبلوا بهما في الأمس القريب هي من ستكون ماثلة اليوم وغداً.
يخطئون كثيراً إن اعتقدوا ذلك أو تصوروا أن المناداة بمعاداة الوطن والإضرار بثوابته الوطنية تندرج في إطار الديمقراطية والحرية المتاحة.
يخطئون ألف مرة إن تصوروا أن يد العفو والتسامح التي مدت لهم بالأمس ستظل ممدودة لهم في كل وقت وحين..
يجب على هؤلاء أن يدركوا أن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية عناوين ثابتة لاتتغير بتغير الزمان أو بالإمكان فرض الوصاية عليها من حزب أو فرد أو جماعة من الناس..
هي ملك الشعب.. والشعب هو الأقدر على حمايتها وقطع اليد التي تفكر مجرد التفكير باجتزائها أو النيل من مكاسبها العظيمة.