أ.د. عبد الرحمن ثابت - مر الأسبوع الثاني من الدعاية الانتخابية ويبدو كافياً لإعطاء الناخب صورة واضحة لماهية المرشحين للانتخابات الرئاسية ليظهر بوضوح الطرح المسؤول والتناول الموضوعي لقضايا الوطن وهموم أبنائه وآمالهم وطموحاتهم والذي لمسناه من خطابات مرشح المؤتمر الشعبي العام الأخ/ علي عبد الله صالح حفظه الله، وفي مقابل ذلك مواصلة أساليب المزايدة والكيد السياسي ومخاطبة العواطف بدلاً من العقول..
والذي لمسناه من خطابات مرشح أحزاب اللقاء المشترك الذي يحاول إقحام أبناء القوات المسلحة والأمن في الدعاية للانتخابات .. وعليه أن يدرك انه بذلك إنما يكشف مدى العجز الذي يعانيه اللقاء المشترك في فهم الديمقراطية ، وكيفية خوض معاركها التي تقتضي التعاطي مع مؤسسة الوطن الدفاعية والأمنية برؤية ترتقي إلى مستوى شموخ تاريخها وعظمة دورها في الماضي والحاضر والمستقبل ، وفي تأمين مسيرة الأمن والاستقرار الذي هو أساس لأية تنمية.لقد تمادى مرشح اللقاء المشترك للرئاسة في إطلاق الشائعات في حملته الانتخابية بتزييفه الحقائق متعمداً بث الشقاق رغم أنها لم تجد آذاناً صاغية أو ميلاً لتقبلها.. ومما لا شك فيه أن الهدف الأساسي من الشائعات التي يطلقها مرشح اللقاء المشترك هو هدف شخصي نفعي وآني مقصود منها المزايدة على أبناء القوات المسلحة والأمن في محاولة منه لزجهم في الصراع الانتخابي غير مدرك أن أبناء القوات المسلحة والأمن هم اكبر بكثير من أن تؤثر فيهم مثل هذه المغالطات التي لا تعبر إلاَّ عن فشل بن شملان في كسب تعاطف المواطنين في حملته الدعائية والذي لم يتردد عن إلصاق وصف المتسولين بمنتسبي الجيش والأمن من خلال قوله" لابد أن نعطي هذه القوات في الجيش والأمن الرواتب الكافية حتى تعز نفسه وتكون مستغنية عن مد يدها للمواطنين وغيرهم" إضافة إلى تشكيكه بولائهم الوطني من خلال ربطه لدفاعهم عن الوطن بما يتقاضونه من مرتبات، حيث قال: " كيف نطلب من منتسبي الجيش والأمن أن يحموا الوطن ويدافعوا عنه ويحفظوا للمواطن الأمن والاستقرار وهم يحصلون على هذه الرواتب الزهيدة".وفي سياق الحملة الانتخابية التي أفلس فيها مرشح المشترك عن كسب ثقة الشعب من خلال برامج ووعود يصدقها الناس فلجأ إلى شن هجوم غير مبرر بقصد الإساءة والنيل من أبناء القوات المسلحة والأمن الباسلة بهدف النيل من جيش الشعب الذي يشكل حزب الوطن الكبير ولولاه لما استطاع أن يتحدث بهذه الحرية والشفافية.. وهو مالم يكن متاحاً في أيام حكم الحزب للشطر الجنوبي من اليمن حين كانت تكمم الأفواه.
رسالة مقدسة
أقول لمرشح اللقاء المشترك إذا كان في المجتمع من شيء مقدس فهو الجيش وينبع هذا القول من قدسية الرسالة التي ينذر العسكري نفسه لها، رسالة الجندية التي تجعل صاحبها مستعداً لبلوغ أقصى درجات التضحية دفاعاً عن الوطن فما الذي يجعل فكرة الموت في حياة ابناء المؤسسة العسكرية من اجل الآخرين مقبولة؟ إنها تلك الفضائل العسكرية المتمثلة في التضحية والرجولة والشجاعة والتقشف والنزاهة وروح الجماعة، هذه الفضائل يعيشها العسكري في حياته اليومية ويجسدها في سلوكه، فيما ابن شملان وأحزاب اللقاء المشترك اكثر انشغالاً بالوقائع الآنية للحياة.
وبذلك فإن الجندية تصبح اكثر بكثير من وظيفة أو وسيلة لكسب العيش كما ردد مرشح اللقاء المشترك بن شملان، إنها تضامن النفوس الطامحة في اندفاعها نحو هدف سامٍ: الذود عن الوطن وشعبه وتراثه وكيانه ومقومات وجوده. فمؤسسة الجيش تجمع أبناء اليمن على اختلاف مناطقهم وانتماءاتهم وتصهرهم في وحدة تستند إلى القيم والمثل العليا والأهداف المشتركة لابناء الوطن الواحد، وهي في ذلك تعتمد التربية القاسية والنظام لتجعل من المنضوين تحت لوائها مثالاً للرجولة، فيتمكنون من الحفاظ على شرف الوطن وكرامته، وهم الذين نذروا أنفسهم بموجب القسم لليمن ونصرته فانصرفوا لأداء الواجب مستحقين شرف الانتماء إلى الجيش وشرف الدفاع عن الوطن.
والجيش اليمني مؤسسة تطبق الأنظمة والقوانين وترعى حقوق العسكريين و تتفاعل وتتعاون مع بقية النظم في الدولة لتحقيق أهداف المجتمع.. غير ان الدور الذي تتولاه المؤسسة العسكرية في مجالات الدفاع والأمن يعطيها من الخصوصية والأهمية والقدرات ما يفوق تلك المعطاة لسائر المؤسسات الأخرى في البلاد لذلك فإن تطبيق الأنظمة والقوانين يكون السبيل الوحيد من جهة حسن انتظام العمل في المؤسسة العسكرية وبالتالي نجاحها في اداء مهامها، ومن جهة أخرى انتظام علاقاتها بسائر مؤسسات المجتمع بما يتيح استقراره وازدهاره وتطوره.
إن الالتزام بالقوانين والأنظمة هو من القيم والمبادئ الراسخة لدى العسكريين وذلك سواءً أكان الأمر متعلقاً بتصرفاتهم داخل المؤسسة العسكرية او في ما يخص علاقة الجيش كمؤسسة وسائر مؤسسات الدولة والمجتمع، فالقانون سيد الأحكام وهو الكفيل بحماية ورعاية حقوق الجميع وبتطبيق ما تفرضه عليهم واجباتهم.. وكون الجيش مؤسسة تشكل القوانين أساس بنيانها فهي على هذا الأساس تتولى رعاية حقوق العسكريين وتتكفل حمايتها والسعي لحصولهم عليها في المجالات كافة. ولقد غاب عن ذهن مرشح اللقاء المشترك أن الجيش اليمني يتميز بابتعاده عن الحزبية ليظل أميناً لدوره في حماية الشرعية الدستورية وان يظل على مسافة واحدة من الجميع، وتلك المسافة التي تحددها القوانين من شأنها إبعاده عن الصراعات الداخلية خصوصاً ان التجارب التي مر بها اليمن من قبل جعلت استخلاص الدروس والعبر في هذا المجال من البدهيات.. ويعتبر الجيش اليمني نموذجاً للمؤسسة الوطنية الجامعة التي ترتكز إلى مبدأين أساسيين:الولاء الوطني المطلق والمتعالي عن الولاءات الضيقة والتضامن من اجل تحقيق أهداف وطنية عامة وبحيث يكون الجيش ضمانة لجميع الفئات ويمثل وفاقها في إطار الدولة وقوانينها، ويحفظ التوازن بينها ويحول دون انجرار أي منها إلى مغامرة تهدد الاستقرار. وليعلم مرشح اللقاء المشترك ان مؤسسة الجيش تضم في صفوفها مختلف فئات الشعب اليمني وتعمل على تنشئة أفرادها وفقاً لمبادئ الولاء الوطني التي تتعالى على الانتماءات الضيقة، طائفية كانت أم مناطقية، او حزبية... فالجيش لا يعرف إلا ولاءً واحداً هو الولاء لليمن وطناً نهائياً للجميع.
ولكي يظل الجيش في منأى عن التجاذبات الانتخابية يفترض عدم تدخل منتخب المشترك في شؤونه الداخلية كمؤسسة أعطاها القانون استقلالية.
إنهم يسيئون للوطن
والجيش من موقعه كحارس أمين لمكتسبات الوحدة ولمقومات وجوده، حريص على اليمن وطناً نهائياً لجميع أبنائه وفقاً للخيارات التي ارتضوها وعبروا عنها و منها الإيمان بوحدة الأرض والشعب والنظام كخيار وحيد لديمومة الوطن.. ولهذه المقولة أهمية أساسية فهي تقوم على الاعتقاد الراسخ بأن ديمومة اليمن ترتبط ارتباطاً حتمياً بوحدة أرضه وشعبه وبالحفاظ على نظامه الديمقراطي الذي اختاره اليمنيون شكلاً للحكم بما يوفره من الحرية، العدالة والمساواة.
و اليوم حينما انعم الله علينا بنعمة الوحدة والحرية والديمقراطية فإن أحزاب اللقاء المشترك لم يحسنوا استغلالها وتوظيفها لخدمة مصالح الوطن العليا بقدر ما عمدوا إلى تسخير هذه النعمة التي يتفرد بها اليمن بين شعوب المنطقة لخدمة مصالحهم الأنانية الضيقة والتي تسيئ بالدرجة الأولى إلى أحزابهم ثم إلى الوطن بشكل عام..
إن من يتأمل جيداً في الحملة المنظمة والمتعمدة لمرشح اللقاء المشترك ضد المنجزات المهمة التي حققها حزب المؤتمر الشعبي العام بهدف النيل من الوحدة الوطنية ومحاولة دغدغة عواطف المنتخبين من خلال الشعارات الرنانة والوعود الكاذبة سيجد إنها تفتقد للموضوعية والهدف منها شق الوحدة الوطنية لا سيما في ظل ما وصلت إليه اليمن اليوم من مكانة كبيرة.
لقد أطلق فيصل بن شملان مرشح أحزاب اللقاء المشترك الرئاسي اتهاماته لمنطقة بن عيفان الواقعة في مديرية حور/ سيئون محافظة حضرموت بأنها مركز للمخدرات وبأن الحكومة تتستر عليها وتوجه في حملته الانتخابية بالسؤال إلى المواطنين ألا تقرأون التقارير الآتية من الخارج.
وذكَّر فيصل بن شملان مرشح المشترك الرئاسي أبناء مدينة سيئون بسياسة التأميم التي كان يتبعها الحزب الاشتراكي اليمني أحد الأحزاب الخمسة التي سمته رئيساً عنها في الانتخابات الرئاسية وهذا يتضح من خلال اتهام الحكومة بالمماطلة في إعادة الأراضي إلى أهلها وفق الوثائق التي يمتلكونها من قبل أن يصادر الحزب الاشتراكي أراضيهم إبان حكمه للشطر الجنوبي من اليمن قبل الوحدة.
و حرَّض مرشح المشترك الرئاسي في خطاب له أمام حشد متواضع بمدينة سيئون حضرموت بعض محافظات اليمن ضد محافظات أخرى متحدثاً عن استئثار محافظات بالوظائف وحرمان المنتجة للنفط،وهي ( حضرموت - مأرب - شبوة - الجوف ) من الامتيازات، حيث قال في خطابه " أنتم لكم هذا الدخان، وتلك الغازات أما الوظائف في شركات النفط فهي لغيركم".
و تناسى فيصل بن شملان مرشح المشترك الرئاسي( لأنه كان تحت تأثير النظارة السوداء والدخان المتصاعد من آبار النفط).
خلط وتناقض
إن أسلوب الخلط وتناقض الطرح كان لافتاً في خطابات مرشح اللقاء المشترك نتيجة للتناقضات الواضحة بين تباينات أحزاب المشترك وأجنحتها المتنافرة وهو ما أوقع بن شملان في ورطة وأصبح من المستحيل الحديث عن حصوله على قبول شعبي ولو في صفوف المعارضة .
ولذلك فإن محاولة مرشح المشترك الرئاسي تزييف الوعي من خلال النيل المتعمد من القوات المسلحة والأمن والمنجزات الواضحة للمؤتمر الشعبي العام بهدف شق وحدة الصف الوطني بهذا الأسلوب المكشوف على أمل أن ينجح في تحقيق المآرب الشريرة لأحزاب اللقاء المشترك الذين في الأساس يشكلون أعداء الحرية والديمقراطية بالإضافة إلى إن لجوءهم إلى هذا الأسلوب في حملتهم التشكيكية يدل بشكل قاطع على فشلهم الذريع في تحقيق مآربهم وكسب ثقة الجماهير.
ابتزاز وإفلاس
ويكفي القول إن محاولة التأثير على عواطف منتسبي القوات المسلحة والأمن من قبل مرشح أحزاب اللقاء المشترك.. الذين لا يخرجون في الواقع عن المفاهيم والخطابات المستهلكة لم يعد مجدياً.. وهم كذلك لا يكفون عن الابتزاز بكيل الشتائم والتشكيك في حقائق البناء التنموي الذي تحقق بجهود المؤتمر الشعبي العام والتضليل بعد أن وصلوا قاع الإفلاس.. وليس لديهم ما يمكن أن يقدموه للوطن والمواطن غير المزيد من الابتزاز والمزايدة..! فماذا ينتظر الشعب وقواته المسلحة والأمن من تلك النفوس المأزومة غير المصائب والنكبات.. لذلك ينبغي على منتسبي القوات المسلحة والأمن التسلح الدائم باليقظة والحذر والجاهزية العالية خلال الفترة القادمة، وفي كل الأوقات لإفشال كافة دسائس ومؤامرات الحاقدين.. وأبناء القوات المسلحة والأمن هم اكثر استيعاباً وإدراكا أين هي مصلحة الوطن ومن هو الجدير الذي يجسد مصلحتهم..!
وعليه فإن المطلوب من أحزاب اللقاء المشترك تهذيب خطابهم الإعلامي و العمل على إنجاح الانتخابات الرئاسية والمحلية التي يستعد لها كل أبناء الشعب اليمني بحماس شديد لأنها ستشكل بدون شك إضافة نوعية وتعزز من التجربة الديمقراطية التي تعيشها اليمن منذ قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 90م. ولعل من ابرز المهام الماثلة اليوم أمام منتسبي القوات المسلحة والأمن تهيئة المناخ الملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية في أجواء آمنة و مستقرة.
وعلى ضوء ما تقدم أقول لأحزاب اللقاء المشترك تعلموا من الجوانب الإنسانية المنضوية في أعمال وقرارات وخطابات وأحاديث وكلمات القائد الرمز علي عبد الله صالح لأنه القائد الإنساني الفذ الذي أنجبته الأرض اليمنية وتجلت صفاته القيادية وإنسانيته للعالم بأسره وبرزت رؤيته الثاقبة من خلال أعماله وإنجازاته العظيمة التي حققها للمجتمع اليمني الذي عرف علي عبد الله صالح وعرفته الأرض اليمنية بسماته القيادية الفطرية وبسجاياه الإنسانية ونفاذ بصيرته وجلده وشجاعته النادرة وقوة شكيمته وحبه لأبناء وطنه جميعها منذ شبابه ان المواقف الإنسانية التي تحلى ويتحلى بها القائد الرمز علي عبد الله صالح في كافة الظروف والمنعطفات التاريخية التي مر بها الوطن والشعب اليمني تتيح المجال أمام الباحثين فالجميع يدرك الوضوح والصدق والجرأة التي يتسم بها في خطاباته وكلماته التي تتناول كافة القضايا الإنسانية والوطنية والقومية والدولية وهذا نابع من مواقفه الصادقة وسلوكه الإنساني النبيل.
|