د. عبدالعزيز المقالح -
هل كانت المبادرات المختلفة المصادر والمواقع والهادفة للتوفيق بين الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها فتح وحماس، هل كانت وراء ما يعاني منه الفلسطينيون من تصاعد استمرار التطاحن والشقاق؟ وهل جاءت آخر مبادرة في القاهرة بما لم تأت به المبادرات السابقة فكانت بذلك أكثر المبادرات تفجيراً للمواقف وتصعيداً للاختلافات؟ وهل يمكن جمع تلك المبادرات في "خلطة" وطنية فلسطينية تشكل بوادر للانقاذ العاجل من العذاب اليومي الذي يتعرض له مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني في غزة المحاصرة حتى الموت جوعاً وتهميشاً وتناسياً؟ وهل استطاع الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية أن يفتح نافذة للأمل بعد سنوات من "التطنيش" والتجاهل الفاحش؟؟. أسئلة كثيرة يطرحها الواقع الفلسطيني بمرارة وربما كان السؤال الاول أجدرها بالوقوف والتأمل لأن كل ما حدث من تصاعد في الخلافات ومن تماد في الحصار ناتج عن إفشال تلك المبادرات وما رافقها من تضارب في المواقف ومن تنافس بعض العواصم العربية على أن تكون مبادرتها هي الجامع للوفاق والمانع للخلاف. وتحضرني في هذه اللحظة رؤية أحد الأشقاء الفلسطينيين عن سبب فشل المبادرة اليمنية التي قيل عنها في إجماع فلسطيني وعربي أنها كانت الأفضل بامتياز وأنها نالت رضا كل الأطراف لكونها كانت مبادرة فلسطينية بوساطة يمنية محايدة، ومما تضمنته رؤية ذلك الأخ الفلسطيني إن بعض الجهات العربية ساءها أن تنجح صنعاء في ما لم تنجح فيه العواصم العربية الأخرى، وهي رؤية أثارت حزني وعجبي، فالتوفيق بين الإخوة المتخاصمين وحقن الدماء ليس انتصاراً لعاصمة عربية وإنما هو انتصار للقضية الضائعة في دهاليز الخصومات المستحكمة بسبب ارتفاع درجة الاحتقان بين الأشقاء بعد أن توقفت أو نامت كل الحلول. إن المبادرة التي سميت باليمنية لم تكن - كما سبقت الإشارة- سوى مبادرة فلسطينية أقرتها ووافقت عليها - بعد الكثير من الأخذ والرد والتعديل- قيادتا فتح وحماس وتبناها مؤتمر القمة العربي الأخير الذي انعقد في دمشق في 29/3/2008م، ولم يكن لصنعاء سوى فضل رعايتها وجمع المتخاصمين على طاولة واحدة للتفاهم والخروج من حالة المتاهة والاحتراب. ولعل ما قيل عن أسباب تعثر المبادرة اليمنية يمكن أن يقال عن تعثر مبادرات أخرى استهدفت إصلاح الشأن اللبناني، وحل مشكلة "دارفور" ووقف نزيف المأساة الصومالية، حيث لا يخفي الواقع وجود لاعبين لا يسعدهم حل النزاعات الحادة داخل بعض الأقطار العربية. وكأن مصلحتهم تقتضي استمرار الأوضاع العربية في حالتها الساخنة استنزافاً للطاقات وبعثرة للجهود، وتحقيقاً لما يعمل له ومن أجله الثالوث المخيف: التخلف و"إسرائيل" وأمريكا. وهنا يبدو لي أن المقولة الشائعة "اتفق العرب على أن لا يتفقوا" بحاجة إلى من يعكس بنيتها اللغوية على النحو الآتي "اتفق أعداء العرب على أن لا يتفق العرب" مع التأكيد على وجود حالة نفسية عربية جاهزة للاستجابة واستقبال النصائح المسمومة التي من شأنها إطالة زمن الخلافات وتدمير أواصر القربى، والتحريض على أن يكون الوطن العربي مداناً على الدوام ومتهماً بالعبث في استقرار العالم. جميل حاجب في مجموعته الشعرية الثانية: أهدى الشاعر الشاب جميل حاجب مجموعته الشعرية إلى أيامه القادمة، وفي الإهداء استشراف لمرحلة قادمة أكثر ابداعاً وإشارة مضمرة إلى العبارة الجميلة التي كتبها الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت وفيها يقول:" إن أجمل أيامنا وأشعارنا هي تلك التي لم تأت بعد" عنوان المجموعة "رجل أنيق"، ولا ريب عندي في أن جميل قد نجح في قطع مسافات شاسعة من قصائده الأولى إلى قصائد هذه المجموعة الجديدة، كما بدأت أقدامه تترسخ أكثر فأكثر على طريق الشعر في مناخه الحداثي الذي يرفض الابتعاد عن قارئه ويحرص على التواصل معه ومع الشعر في آن. صدرت المجموعة عن مركز عبادي للدراسات والنشر. تأملات شعرية: معهم كنا وسنبقى، مع أطفال فلسطين الجوعى في برد شتاء العام بلا خبزٍ، وبدون لحافْ. يا عرب القرن الحادي والعشرين ماذا أبقى الموت لكي نفزعَ من صولتهِ ونخافْ؟!. عن صحيفة الثورة