|
|
الميثاق نت - الباب الثالث
الإدارة،العدل الاجتماعي،التنمية الاقتصادية
التربية والثقافة
أ) الإدارة:
إننا ونحن في بداية تكوين الدولة اليمنية الحديثة، بسلطتها الدستورية وهياكلها التنفيذية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، واستكمال أجهزتها التنفيذية، لا بد لنا أن نستفيد من تجاربنا، وتجارب الآخرين، من خلال دراسة موضوعية لتلك التجارب، ومعرفة الآثار السلبية، لنزيلها ونتجنبها، والآثار الإيجابية لنقويها ونطورها، وصولاً إلى بناء الدولة الحديثة بناءً سليماً شاملاًن يجعلها قادرة على تحقيق السعادة والرفاهية، والحرية للإنسان، باعتباره محور القضية كلها. ومشمولية البناء الدولة ترتكز على شمولية الممارسة والمشاركة الديمقراطية على كل المستويات وفي جميع المجالات.
وإذا كانت الدولة منذ قيام الثورة اليمنية قد أنشأت الكثير من الهياكل الإدارية ، وحاولت أن تجعلها قائمة على أحدث الأسس العلمية،فإن فعالية هذه الهياكل قد ظلت قاصرة ورافقها الكثير من الضعف والسلبيات.
ولذلك لابد من اتخاذ كل الخطوات العلمية المدروسة، لاستكمال بناء هياكل الدولة،على أسس علمية، لتغيير الواقع إلى ما هو أفضل، وخلق مناخ تنمو وتتعمق فيه الثقة بين المواطن والدولة، وبذلك يرتبط الولاء للوطن بالولاء للدولة التي تحمي الأرض، وتصون حريات الشعب ومصالحه ويصبح الإنتماء للوطن والدولة أقوى وأعمق من الانتماءات الضيق التي تقوى في غياب الثقة المتبادلة بين السلطة والشعب.
ولن نصل إلى هذه الغياة، إلا إذا طبقنا مبدأ المشاركة الشعبية الشاملة، وعن طريق تحقيق خطوتين أساسيتين.
الخطوة الأولى:
بناء الدولة المركزية الديمقراطية القوية المستنيرة، بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها التنفيذية، وتتمثل صلاحيات الحكم المركزي الأساسية في مركزية:
- السلطات الدستورية ، ومركزية التشريع.
- رئاسة الدولة ووحدتها، أرضاً وحكماً وشعباً.
- وضع وإقرار السياسة العامة للدولة داخلياً وخارجياً.
- بناء المؤسسات العسكرية والأمنية.
- التخطيط والبرمجة الشاملة.
- الإشراف والتوجيه والتنسيق والمراقبة.
- الضرائب والرسوم العامة.
- ممارسة المهام المركزية المنوطة بالسلطة المركزية حسب القوانين المتعلقة بالإدارة المحلية، وفي مقدمة ذلك مهام الرقابة على أعمال المجالس المحلية.
الخطوة الثانية:
تحقيق مبدأ المشاركة على المستوى المحلي، عن طريق تطبيق نظام الإدارة المحلية، تطبيقاً حقيقياً يجعل المواطنين في الوحدة الإدارية يزاولون حقهم في إختيار أعضاء مجلسهم المحلي، ليتولى المشاركة في إدارة المنطقة، وحل مشاكلها وتنفيذ مشاريع التنمية فيها طبقاً للسياسة والخطة العامة والقوانين الصادرة من السلطات المركزية، بحيث تقسم أراضي الجمهورية اليمنية إلى وحدات إدارية يبين القانون عددها وحدودها وتقسيماتها، والأسس والمعايير العملية التي يقوم عليها التقسيم الإداري كما يبين القانون طريقة ترشيح وانتخاب واختيار رؤسائها ويحدد اختصاصاتهم واختصاصات رؤساء المصالح فيها وتتمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية ويكون لها مجالس محلية منتخبة انتخاباً حراً مباشراً ومتساوياً على مستوى المحافظة والمديرية وتمارس مهماتها وصلاحياتها في حدود الوحدة الإدارية، وتولى اقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدة الاداريه، كما تقوم بالإشراف والرقابة والمحاسبة لأجهزة السلطة المحلية وفقا للقاًنون، ويحدد القانون طريقة الترشيح والانتخاب للمجالس المحلية ونظام عملها ومواردها الماليه وحقوق وواجبات اعضائها، ودورها في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية وجميع الاحكام الاخرى المتعلقه بها، وذلك بمراعاة اعتماد اللامركزيه الإدارية والماليه كأساس لنظام الاداره المحليه، وتعتبر كل من الوحدات الاداريه، والمجالس المحلية جزءً لا يتجزأ من سلطة الدولة، ويكون المحافظون محاسبين ومسؤولين أمام رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وقرارتهما ملزمة لهم، ويجب عليهم تنفيذها في كل الحالات ويحدد القانون طريقة الرقابة على أعمال المجالس المحلية.
وتقوم الدولة بتشجيع ورعاية هيئات التطوير التعاوني على مستوى الوحدات الإدارة باعتبارها من أهم وسائل التنمية المحلية، فلقد كانت التجربة التعاونية بما حققته من إنجازات ونجاحات دليلاً قاطعاً على أن المواطنين في مختلف الوحدات الإدارية إذا ملكوا حرية اختيار من يمثلهم فإن لديهم الوعي والقدرة على فهم مشاكلهم وعلى حلها، وعلى الإسهام البناء في تنفيذ المشاعر وعلى اكتشاف الكفاءات المغمورة التي تخدم وحداتهم الإدارية، وهم لذك جديرون بممارسة نظام الإدارة المحلية، الذي هو حق من حقوقهم أكده الدستور، وكل الدساتير التي صدرت منذ قيام الثورة اليمنية، وكان هدفاً من أهداف ثورة 1948م بل إن نظام الإدارة المحلية هو النظام الذي كان سائداً في دول الحضارة اليمنية القديمة، وكان من أهم عوامل قوة الدول المركزية حينذاك.
ومجالس الإدارة المحلية في عموم الوحدات الإدارية هي الأداة القادرة على مواجهة المشاكل وحلها، والقادرة على التغلغل والتفاعل مع المواطنين في الوحدات الإدارية، الأمر الذي يوفر الاستقرار النفسي والسياسي وترسخ الثقة ويخفف في الوقت ذاته الضغط على أجهزة الحكومة المركزية مما يرد إليها من مشاكل وقضايا من مختلف مناطق الوحدات الإدارية تقضي فيها الأجهزة المركزية معظم أوقاتها دون جدوى بل وتصرفها عما هو مطلوب منها، من التفرغ للتخطيط والبرمجة وبناء السياسة العامة للدولة وتقوية مؤسساتها العامة، وتأهيل كوادرها الإدارية والفنية والعملية وترسيخ الممارسة الديمقراطية في سلطاتها الدستورية وعلى كل المستويات في جميع الوحدات الإدارية.
إن مجالس الإدارة المحلية المنتخبة هي القنوات الطبيعية، التي تستمد منها الدولة المركزية قوتها وتواجدها الفعال على كل أجزاء الوطن، وقدرتها على حماية الأرض والسيادة والاستقلال وحماية حقوق ودماء وأموال وحريات المواطنين جميعاً ولكي تستطيع السلطات المركزية استيعاب هذه القوة وتوظيفها توظيفاً إيجابياً، لا بد أن تكون أجهزتها المركزية قوية وقادرة تتصف بالكفاءة والنزاهة لتمارس صلاحياتها المركزية بجدارة وأمانة وتحسن اختيار مندوبيها وممثليها في مختلف أجهزة السلطة المحلية في الوحدات الإدارية وتتمكن من خلال ممارستها لصلاحيات التخطيط والإشراف والمراقبة، وصلاحية توزيع مسؤوليات التنفيذ واستيعاب التقارير الدورية التي ترد إليها من مختلف الوحدات الإدارية وحل المشاكل بالتعاون والتنسيق مع مجالس الإدارات المحلية ومعرفة ما يدور في جميع أنحاء البلاد ومتابعته بأسلوب ديمقراطي قوي وشامل وبذلك يتكامل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة القادرة على تحمل مسؤوليات الحكم ليكون الترابط العضوي بين الشعب والدولة أساس تماسك البنية الاجتماعية في جبهة داخلية موحدة، تحقق الاستقرار والأمن والطمأنينة وتمكن الدولة والمجتمع معاً من حشد كل القوى البشرية وتسخير كل الإمكانات المادية في تفاعل إيجابي خلاق لتحقيق التنمية الشاملة، وبناء الحياة الكريمة للإنسان، والمجد والسيادة للوطن.
ب) العدل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية:
لقد انطلقت الثورة اليمنية الرائدة في دعوتها إلى العدل الإجتماعي من فهم مدرك وواع للمبادئ الإسلامية الحقة، وتعاليمه الإنسانية إحساساً صادقاً بمشاكل جماهير شعبنا ومعاناتها واحتياجاتها وطموحاتها المشروعة والعادلة.
وإذا كان إنتشار الظلم الاجتماعي بكل صوره سمة عهود ما قبل الثورة، فإننا مطالبون اليوم ببذل أقصى الجهود لتحقيق العدل الإجتماعي.
فالعدل الاجتماعي هو التطبيق الواقعي للقيم المنبثقة عن الإسلام، بحيث يسود بين أبناء مجتمعنا اليمني جو من الحب والتعاون والإيثار بما يحمله من معان إنسانية شاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية ومقوماتها يتناول جميع مظاهر الحياة وجوانب النشاط فيها كما يتناول الشعور والسلوك والضمير والوجدان فتمتزج فيه القيم المادية بالقيم الروحية وتغدو القيم الاقتصادية والاجتماعية حلقة من حلقاته في تعادلية تحقق تكافؤ الفرص والعدل بين الجميع، وإطلاق الطاقات الفردية والعامة في حدود منهج الله وشرعه.
إن من العدل الاجتماعي إن تفتح أبواب العمل ليختار المواطن منها ما تؤهله له كفاءته وميوله ولا يفرض عليه عمل معين إلا إذا تعين لمصلحة المجتمع، كما لا تسد في وجهه أبواب العمل إلا إذا كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
والتكافل الاجتماعي من أهم السمات في العدل الاجتماعي ليتحقق من خلاله لكل فرد ما يكفل له في المجتمع حياة إنسانية لائقة تتوفر له فيها على أقل تقدير حاجات الحياة الضرورية.
وإذا كنا نتوخى في العدل الاجتماعي أن يكفل للفرد التحرر من العوز والتحرر من الاستعباد والاستغلال الاقتصادي وإيجاد الظروف الملائمة، التي يمكن فيها لأي فرد إن يستغل مؤهلاته وإمكاناته أحسن استغلال، فإننا نحقق في العدل الاجتماعي المصلحة العامة (ومصلحة المجتمع من كل فرد لكل فرد) ونشاط الفرد في ظل العدل الاجتماعي لن يخرج عن حقه في (الاستعمال) وحقه في (التصرفات) وحقه في (الاستثمار والتنمية) من خلال ضوابط التحليل والتحريم والاختيار على نحو ما حددته الشريعة الإسلامية.
ومفهومنا لقضية تذويب الفوارق بين الطبقات إنما يقوم على أساس من إيماننا بمبدأ المساواة المطلقة بين كل أفراد مجتمعنا، من حيث القيمة الاجتماعية والكرامة الإنسانية علاوة على الحقوق والواجبات وهذا لا يعني بالطبع المساواة المطلقة في الدخول أو الأجور، إذ لا بد أن يتفاوت المواطنون في ذلك بحسب ما يقوم به كل منهم من جهد وعمل نوعاً وحجماً على أنه لا يجوز لأي كان الإثراء بطرق غير مشروعة ولا عادلة من خلال ممارسة أي نوع من أنواع الظلم والإستغلال والاحتكار أو الجشع أو الاختلاس أو الارتشاء أو المراباة أو الغصب أو السرقة .. إلى أخر ما حدده الإسلام وحرَّمه.
فالحياة الاجتماعية تعاون وتكافل وإطلاق للطاقات الفردية والعامة وليست صراعاً طبقياً ولا حقداً وخصاماً.
إن اتساع قاعدة الإنتاج ورفع مستواه وازدياد معدلاته وعدالة علاقاته أمر على جانب كبير من الأهمية في معركتنا ضد التخلف وللوصول إلى مستوى الكفاية بقيمها المادية والروحية.
وعليه فإننا نهدف في نظامنا الاقتصادي إلى تنمية الإنتاج ومضاعفته وعدالة التوزيع لضمان إشباع حاجات المجتمع الأساسية وتمكينهم من تأمين حاجاتهم من غير إسراف ولا تبذير وصولاً إلى تقريب الشقة بين مختلف الطبقات بما من شأنه تحقيق العدالة والرفاهية لكل أفراد المجتمع، آخذين في الاعتبار عدم طغيان القيم المادية على سائر القيم الإنسانية فيد الإنسان على الثروة يد عارضة والكون كله ملك الله تعالى وقد جعل الله الإنسان خليفة في أرضه استخلفه على ماله، وامتحنه فيه وداوله بين عباده.
" وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه "
(الحديد)
" لله ملك السموات الأرض وما فيهن "
(المائدة)
والملكية التي نقرها ونحميها هي تلك التي تعين على تحقيق مقاصد الإسلام، وتقوم قياماً مشروعاً وتتحرك حركة مشروعة.
ويتمثل القيام المشروع للملكية في عائد العمل وعائد رأس المال من خلال الموازين الإسلامية وكذا في صور الدخول المشروعة الأخرى كالإرث والوصية والهبة والصدقات، والعلاقة الإنتاجية بين العمل ورأس المال علاقة مشاركة عمدت فيها الشريعة الإسلامية إلى ضمان حقوق المالك في ملكيته وحقوق العامل في عمله بحيث تحقق تكافؤ الفرص بين الناس وتحول دون السيطرة والاستغلال وتجعل الدخول مشروعة متكافئة مع العمل المنتج سواء في مجال الزراعة أو التجارة أو الصناعة أو غيرها من الأعمال الاقتصادية.
كما أن العلاقة بين المالك والمجتمع محكومة بأحكام الشريعة الإسلامية.
إن الملكية الفردية المشروعة مصونة ولا تنزع إلا بقانون لمصلحة عامة وبتعويض عادل وتعتبر وظيفة اجتماعية ولكي تتمكن الدولة من توزيع الدخول والثروة توزيعاً عادلاً بين أفراد المجتمع فمن حقها أن تحقق التنافس المشروع بين القطاع العام والخاص والتعاوني والمختلط وتحقيق المعاملة المتساوية بين جميع القطاعات وسن تشريعات الضرائب التصاعدية وتنظيم الأجور وتطبيق مفهوم الضمان الاجتماعي وغير ذلك من الوسائل الاقتصادية ولاجتماعية فالزكاة بكل أنواعها هي الحق الأدنى في المال وتوجه في مصارفها المحددة.
والضرائب تفرضها الدولة إذا دعت الحاجة طبقاً لأحكام الشريعة.
(إن في المال حقاً سوى الزكاة)
وفي الوقت الذي يحقق العدل الاجتماعي رعايته للملكية الفردية فنهاك الملكية العامة التي يأذن فيها الشارع للجماعة في الانتفاع بالعين مثل الطرق والمرافق العامة والخدمات العامة.
وهناك الملكية الخاصة بالدولة وهي ما تقتضي المصلحة العامة تملكه كمصادر الثروة الطبيعية، أو ما تستهلكه الدولة للمصالح العامة.
إن الاقتصاد الذي يرمي الميثاق إلى بنائه هو الاقتصاد القوي المنبثق عن تصور سليم من عقيدتنا يربط بين المادة والروح وبين الحرية وضوابطها والقائم على التخطيط العملي والبرمجة.
ولا بد أن يتجه القطاع الخاص والعام والمختلط والتعاوني إلى مجالات التنمية الإنتاجية زراعياً وصناعياً.
ولذا فإن خطتنا الاقتصادية والتنموية يجب أن تتسم بالنظرة الشمولية لتحقيق سياسة اقتصادية تنتقل بنا من المرحلة الحالية التي نعتمد فيها اعتماداً أساسياً على الاستيراد والتمويل الخارجي إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس مشجعين الاستثمارات الخاصة والمختلطة وطنية كانت أو عربية أو أجنبية دونما ظلم أو استغلال لأحد.
وذلك من خلال مرتكزات أساسية للإنتعاش الاقتصادي المتكامل في شتى الميادين والمتمثلة في :
1- البناء الهيكلي الأساسي:
والذي يعنى بالتوسع في بناء الموانئ والطرق والمطارات والمؤسسات الخدمية والمرافق العامة والتي تسهل حركة الناس والمنتجات وتجعل عوامل الإنتاج متفاعلة بصورة متكاملة.
كما أنه لا بد من التوسع في مشاريع المياه والطاقة الكهربائية للصناعة والاستهلاك العام والعمل المستمر على ضرورة تأمين وسائل الاتصال السريع داخل البلاد ومع الخارج باعتبار أن ذلك عامل له أهميته في مجال التنمية الشاملة وفي الحفاظ على تحقيق الترابط العضوي بين أبناء الوطن داخلياً، وفي تواجد الشخصية اليمنية وسط المنظومة العربية ودول العالم.
2- الزراعة والثروة السمكية:
لقد كانت الزراعة ولا زالت إلى يومنا هذا المصدر الرئيسي للدخل في بلادنا كما أنها الميدان الغالب لعمل السواد الأعظم من اليمنيين.
ولهذا فإن خطتنا الزراعية يجب أن ترتكز على تطبيق أحدث وسائل العصر في المجال الزراعي وتقديم الخدمات والإرشادات ومكافحة الآفات وتوفير أفضل أنواع البذور وتنويع الإنتاج الزراعي وكذلك الاهتمام باستصلاح الأراضي الزراعية وزراعة المهجور منها واستغلال مياه الأمطار ببناء السدود والحواجز والقنوات واستخدام المياه الجوفية وتشجيع الجمعيات الزراعية وتثبيت علاقات عادلة بين المزارعين ومالكي الأراضي الزراعية كل ذلك يعتبر من الوسائل المؤدية إلى مضاعفة الإنتاج الزراعي وبالتالي تقوية الاقتصاد الوطني وعلينا أن نسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي في غذاء المواطنين وفي تلبية احتياجات الصناعة من المواد الأولية الزراعية وفي تحقيق فائض من الإنتاج لغرض التصدير الذي يدعم الميزان التجارية.
وفي هذا المجال فإنه يجب العناية بالمبادرات الخاصة والعامة ويأتي في مقدمة المصادر الأساسية التي تحقق هذه الأهداف الثروة السمكية التي يجب التركيز على حسن الاستفادة منها وتشجيع الاستثمار فيها وحمايتها والاهتمام بالجمعيات الزراعية التعاونية وإيجاد الكوادر المؤهلة وتشجيع المزارعين على التفرغ للعمل الزراعي بالحوافز والإرشاد، وضمان تسويق المنتجات بالأسعار المجزية وحمايتها من المنتجات المستوردة وإيجاد مخازن التبريد وصوامع الغلال في المناطق الزراعية، والمدن الرئيسية بهدف الاحتفاظ بالمنتجات الزراعية أطول مدة ممكنة ثم تسويقها بحسب الطلب والاحتياج.
3- الصناعة:
إن الهدف الرئيسي والتوجه الأساسي لخطتنا الاقتصادية والتنموية يجب أن يكون مبنياً على تنمية القدرة الذاتية لاقتصاد البلاد تدريجياً بحيث يزداد الاعتماد على المصادر المحلية بشكل مضطر لذلك فإن هدف العمل على تنشيط الصناعة والعناية بها يجب أن يسبح محوراً رئيسياً للنشاط الإنمائي خلال المرحلة القادمة.
وفي هذا الصدد يجب أن ترتكز الخطة على الصناعات التي تخدم خطة التنمية وتخدم التوسع الزراعي وتوفر المواد والسلع والتي يغلب استهلاكها في الأسواق وخصوصاً تلك الصناعات التي تتوفر موادها الأولية في بلادنا سواء كانت هذه المواد والخامات من مصدر زراعي أو صناعي أو استراتيجي والاهتمام بالصناعات الحرفية المحلية وتشجيعها وتقديم الدعم لها.
كما أن على الدولة التركيز على استغلال ثروات البلاد المعدنية والبترولية ومواصلة الجهود للبحث عنها واستخراجها مستخدمة في ذلك أحدث الوسائل العلمية التي توصل إليها الإنسان في هذا المجال واضعين نصب أعيننا هدفاً واضحاً هو سيادة الشعب على ثرواته الطبيعية والقدرة على إيجاد مواد كافية وثابتة تضمن رخاء المجتمع وسعادة الإنسان في بلادنا.
4- التجارة الداخلية والخارجية:
في مجال التجارة الداخلية والخارجية لا بد من وضع خطة مدروسة بدقة وعناية تراعي حرية النشاطات التجارية التي يزاولها القطاع الخاص والقطاع المختلط والقطاع العام في نطاق الضوابط الآتية:
1- ترشيد الاستيراد حسب الاحتياجات الفعلية من السلع الاستهلاكية وتوفير المواد الأساسية والغذائية وتوزيعها بشكل يضمن توفرها في جميع مناطق الجمهورية.
2- اتخاذ التدابير الضرورية التي تمكن مؤسسات القطاع العام والمختلط والتعاون من الإسهام في المجال التجاري منسقة فيما بينها طبق الخطة المدروسة بهدف توفير وتوزيع السلع التجارية وبيعها بأسعار معقولة تراعي الخدمة العامة أكثر مما تراعي الربح لتخفيف ارتفاع تكاليف المعيشة.
3- يجب أن تخضع المواد والآلات الإنتاجية اللازمة للصناعة والزراعة والنقل لمراقبة دقيقة بهدف توفير جودة النوعية والصيانة وتوفير قطع الغيار وبيعها بأسعار تنتفي منها المغالاة وإلزام المستوردين بتدريب وتأهيل الكوادر اليمنية.
4- وضع نسب معقولة للربح وتحديد الأرباح على ضوء ذلك ووضع الضوابط والتشريعات الضرورية لتنقية العمل التجاري من كل الشوائب والسلبيات وتقوية أجهزة الرقابة للقضاء على المغالاة والجشع.
5- نشر الوعي التمويني والتجاري بمختلف الوسائل حتى تصبح الرقابة الشعبية على نشاطات الأسواق المحلية عنصراً أساسياً في تنفيذ الخطة العامة ودعماً لرقابة أجهزة الدولة.
5- القوى البشرية:
إن الخطط الاقتصادية والتنموية مهما بلغت دقتها لا يمكن تحقيقها وتنفيذ ما جاء فيها من مشاريع دون وجود العنصر البشري المؤهل القادر على الإنتاج.
فالإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها معاً ولا يمكن أن تتحقق التنمية إلا بالجهد الإنساني الواعي المتنامي لذا وجب أن يكون أهداف خطتنا الاقتصادية إعداد العنصر البشري بالتوسع في فتح المعاهد الفنية المتخصصة وتأهيله وتشجيعه على البحث العلمي والاهتمام به من النواحي الفنية والثقافية والصحية والاجتماعية والتربوية وإحياء ضمير القيم الدينية والوطنية ووضع نظام سليم للحوافز ليكون أكثر عطاء والتزاماً وتفاعلاً مع احتياجات وأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في آفاقها البعيدة.
6- الحركة التعاونية:
تعتبر الحركة التعاونية تجربة وظاهرة يمنية متميزة نبعت من طبيعة الشعب اليمني الذي تعود في كل العصور على التعاون والتكاتف في سبيل تحمل صعاب الحياة ووعورة الطبيعة والعمل على تسخيرها وتذليلها.. فالتعاون من القيم العظيمة التي يقوم عليها الكيان الاجتماعي اليمني وسعي الفرد لإسعاد الجماعة واجتهاد الجماعة لإسعاد الفرد هي الفكرة الإنسانية العادلة طبقتها الحركة التعاونية في بلادنا.
ولا يغيب عن البال ما للمبادرات الشعبية في مجال التعاون من تأثير معنوي في تماسك المجتمع، وتأثير مادي في اقتصاد البلاد الوطني وذلك بما توفره من طرقات وخدمات هي من صلب التطور الاقتصادي وشموليته.
ولذا فقد أصبح لزاماً علينا أن نجعل هذه التجربة اليمنية الفريدة حية الاتجاه والممارسة وأن تتوسع مجالات نشاطاتها ومشاريعها لتشمل الجوانب الخدمية والإنتاجية معاً وخصوصاً في قطاع الزراعة والتسويق بحيث تبقى القناعة الشعبية في جدواها وفائدتها للمجتمع راسخة في اليوم والغد.
ولن تبقى هذه القناعة إلا إذا ظلت الحركة التعاونية حركة شعبية يختار المواطنون هيئاتها وقياداتها اختياراً حراً لا يشوبه أي تدخل من أي جهة كانت وأن تتمكن الجمعيات العمومية وأجهزة الرقابة من مراقبة النشاطات التعاونية لحمايتها من الانحراف أو العبث بإمكاناتها وبما تتلقاه من دعم الدولة.
ج) التربية والثقافة:
الثقافة في أي مجتمع من المجتمعات تعبير عن عقيدته وأفكاره وتجاربه ومواقفه واتجاهه.
والتربية هي الأساس في تحديد نوع الثقافة ومسارها وأبعادها بما لها من قدرة توجيهية للفكر والضمير والسلوك وبهذا فإن التربية قوة تكوين لمقومات المجتمع.
والثقافة قوة بلورة وترسيخ لتلك المقومات في حياة الناس ومن ترابط القوتين تبرز هوية الشخصية الفردية والاجتماعية.
والعقيدة هي محور الارتكاز في العملية التربوية والإطار الشامل لثقافة المجتمع وقد كان لعقيدتنا الإسلامية فعلها في احتفاظنا بشخصيتنا وهويتنا عبر مراحل التاريخ ومتغيراته.
وإذا كان العهد الماضي قد حاول إيقاف العطاء الثقافي في هذا الشعب وسعى إلى تجهيله وتعطيل فكره فإن أصالة الشعب النابعة من قوة ماضيه قد قاومت من أول حركة وطنية معاصرة هذه السياسة وجعلت في طليعة أهدافها القضاء على الجهل والتخلف والاهتمام بالتعليم والثقافة.
إننا ونحن نبني الحاضر من واقع البيئة الاجتماعية والطبيعية وسائر المؤثرات المختلفة، ونتطلع إلى مستقبل أفضل متفاعلين ومتجاوبين مع التقدم العلمي والحضاري مندفعين مع حياة العصر فكراً وسلوكاً لا بد أن نبقى مرتبطين بقيمنا الروحية والحضارية تلك الاستمرارية التي تزودنا بالقدرة على التوازن والقدرة على التفكير المستنير المتجدد مع تطور الحياة واستيعاب الحضارة الإنسانية المعاصرة محتفظين بشخصيتنا اليمنية في إطار العقيدة الشاملة حتى لا نقع في التيه والضياع.
لقد فجر الإسلام في مجتمعنا الطاقات الفكرية المغذية للفكر الإنساني ونمت في رحابه مدارك فكرية إسلامية تحترم العقل والاختيار وترفض الظلم والطغيان والقهر وتقاوم ظواهر التسلط والاستغلال وتجعل التفكير في الأشياء والأحياء في الكون بكل جزئياته ومعرفة أسراره وطاقاته وتسخيرها بالعلم لخير الإنسان واجباً من الواجبات التي ترقى إلى مستوى العبادة.
ويعتبر هذا البعد الاجتماعي والسياسي والعلمي من أهم المقومات الأساسية للمجتمع اليمني بخلفيته الإنسانية والحضارية وقد دل على تلك الخلفية آثارها التاريخية وأعرافهنا وتقاليدنا البناءة وما عكسته من معان تمثلت في قيمة العمل والجهد الإنساني والتنظيمي الاجتماعي ممتدة عبر التاريخ ثقافة وحضارة.
وقد أسهم في بعث هذا التراث رجال عظماء من أعلام اليمن حيث ألفوا الكتب العديدة في علوم التفسير والحديث والسيرة النبوية وفي علم الكلام وعلم الفقه وأصوله وعلم الفرائض والتصوف والأدب واللغة والتاريخ وفي المعارف العامة مثل علم السياسة ونظام الدواوين وعلم المساحة والطب والرياضيات والفلك والزراعة.
وفي تاريخنا المعاصر أدت مدرسة ثورة 1948م الفكرية دوراً فعالاً في تحديد مفاهيم الفكر الإسلامي وفي مقاومة الاستبداد ورفض التخلف وفي معاداة الاستعمار ومطامعه.. وقد امتدت آثارها لتكون شرارة التفاعل في ثورة 26سبتمبر و14 أكتوبر.
إن اهتمامنا بمسألة الثقافة إنما يعني اهتمامنا بكياننا المستقل وطابع شخصيتنا المميزة وينبغي أن ترسخ هذه المفاهيم عن طريق استخدام وسائل التثقيف العام والمراحل التي تسبقها.
ومن المهام الأساسية في هذا المجال محاربة روح الانهزام والاستسلام للتيارات المعادية لقيمنا ومثلنا ومبادئنا والعمل بكل الوسائل الممكنة وعن طريق بناء المؤسسات الثقافية التي تعمل على تنمية الروح الدينية والوطنية والديمقراطية وتعزيز الاستقلال والسيادة وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتعميق روح المحبة للقضاء على عوامل الاختلاف والفرقة التي من شأنها تمزيق كياننا الاجتماعي والعمل على إحياء تراثنا وحضارتنا التي تمثل الخصائص الإنسانية العليا بما تعطي الإنسان من فكر وأخلاق وسلوك.
وعليه فإنه يجب تشجيع الفنون والآداب، والعلوم بمختلف فروعها والاهتمام بالآثار وتطوير المتاحف الملائمة لها وتشجيع وتطوير دور الكتب والاهتمام بمجال محو الأمية وتثقيف المجتمع بكل الوسائل الكفيلة بنشر الثقافة والفنون والعلوم.
وإذا كانت الثقافة خلاصة عملية تربوية شاملة لبناء الإنسان روحياً وفكرياً وجسدياً تمنحه القدرة على الإبتكار والإبداع في جميع مجالات الحياة فإن هذه العملية ينبغي أن تبدأ بالأمومة والطفولة وتستمر طبق مناهج عملية مدروسة متدرجة من دور الحضانة ورياض الأطفال ومراحل التعليم المختلفة وتنتقل إلى مجالات الحياة العامة مستمرة في بناء الإنسان اليمني عن طريق المساجد ودور الكتب والمراكز الثقافية ووسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة لما لها من آثر سريع وفعال وعن طريق المؤسسات السياسية والاجتماعية والمهنية والعلمية والجمعيات النسائية والنقابات والاتحادات والأندية الشبابية والتعاونيات وكل وسائل التثقيف الأخرى جنباً إلى جنب مع الاهتمام بمناهج التعليم القائمة على أفضل أساليب التربية.
إن الاهتمام بوسائل التربية والثقافة والإعلام وتوجيهها هو اهتمام بحياة الفرد والجماعة في مجتمعنا والبلوغ بشعبنا إلى مستوى الحصانة والمتانة والتفاعل مع تطور الحياة وصولاً إلى تحقيق مجتمع الرفاهية والسعادة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|