يحيى علي نوري -
اليوم قمة عربية اقتصادية واجتماعية.. خبر لاشك يحمل في طياته بشرى كبرى للأمة العربية، يزفه اليها نظامها الرسمي بعد أن ظل عقوداً يعبر عن هذا الهم القومي.. وبكل ما يمثله من اشتراطات حقيقية لولوج العالم الجديد والسير على هدى ركبه الحضاري.
إذاً المسار العربي القادم أمام محطة مهمة من شأنها أن تخرج العرب رويداً رويداً من حالة التمزق والتشتت التي تعيشها الأمة -منذ عقود، كما من شأن هذه المحطة أن تجد معطيات وعوامل جديدة في الحياة العربية تدفع بكل فعالياتها الى التعاطي المقتدر مع متطلبات التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
وبقدر ما سيحققه النظام الرسمي العربي من انجاز على صعيد التكامل والتعاون الاقتصادي والاجتماعي، بالقدر نفسه سيحقق انجازاً موازياً على صعيد الوفاق والاتفاق ازاء مجمل القضايا التي تهم الأمة العربية باتجاه المزيد من الاصطفاف والتوحد في مواجهة التحديات.
وتلك حقيقة للأسف الشديد أدركها نظامنا الرسمي العربي متأخراً.. وهي حقيقة تؤكد أنه لا طريق للأمة باتجاه تحقيق مستقبلها الأفضل إلاّ طريق التعاون والتكافل والحد من طغيان القُطرية على الروح الجماعية وجعل بيت العرب -المتمثل في الجامعة العربية- مدماكاً قوياً وصلباً لمزيد من الانطلاق الى آفاق أوسع وأرحب من التعاون.
عندها سنجد أن القمم العربية ستعقد بصورة تلقائية لكونها قمماً تبحث بمسئولية قومية وبرؤية ثاقبة مختلف القضايا العربية الحياتية ومن ثم البحث المقتدر في تعزيز قدرات وامكانات الأمة وصبها في بوتقة خدمة الأمة والنهوض بها.
وتلك حقيقة نلمسها تماماً من خلال ما تبديه دول منظومة الاتحاد الأوروبي من شفافية عالية في بحث قضايا دولها وفي تحقيق أعلى درجات التنسيق والتعاون ازاء مجمل القضايا التي تشهدها الساحة العالمية.
وتلك إشراقة أوروبية لم يكن لها أن تتحقق لولا ذلك التعاون والتكافل الذي عبرت عنه الشعوب الأوروبية من خلال مختلف الاطارات التي اخذت بها لتعزيز تعاونها وتكافلها.
وخلاصة أن القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية- الأولى- وبالرغم من أن انعقادها يأتي في ظروف صعبة ومعقدة -تمر بها الأمة، وخاصة على صعيد العدوان الاسرائيلي السافر على اشقائنا الفلسطينيين في غزة، إلاّ أنها ستمثل البذرة الأولى لنظام عربي جديد يرتكز على اساس التعاون الجاد والمتجرد تماماً من الشعارات الجوفاء التي لم تُغْنِ أو تسمن من جوع ولم تحقق للأمة ولو بصيص أمل في الانعتاق من حالة التشرذم والتمزق التي تعيشها جراء سياسات الشعارات الجوفاء.
والى مستقبل أفضل لحياة عربية كريمة وحرة متعاونة ومتكاملة تعبر بوضوح عن دلالات ومعاني الحديث الشريف: »مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى« صدق رسول الله صلى الله وآله وسلم.