محمد انعم -
ليس المطلوب منا أن نعرف مطالب احزاب اللقاء المشترك واشتراطاتها، وابتزازاتها فقط، بل أن ندرك ماذا تريد تحقيقه من وراء كل هذا التباكي والولولة على الديمقراطية والانتخابات والسجل الانتخابي، وغير ذلك..!!
حقيقة إن البعض يشعرون بالسخط عندما يتوقف الحوار بين المؤتمر واحزاب المشترك ولا يكلفون انفسهم معرفة السبب، ولماذا، ومن المتسبب؟
هكذا يبني البعض مواقفهم على العواطف ولو استفسرتَ منهم لماذا حدث ذلك، لا أحد يعطيك تفسيراً لذلك أبداً.. على عكس تلك العناصر التي تسارع لإيهامنا بأنها تشعل البخور لعودة الحوار باسم المبادرات، فيما هي تحضر موائد الشياطين لاثارة الفتنة في البلاد.
حقيقة اذا تأملنا بتمعَّن في جوهر مطالب المشترك وتعاملنا معها انطلاقاً من استشعارنا للمسئولية الدينية والوطنية سنجد ان كل مطالب المشترك تريد أن تمضي باليمن الى اعادة انتاج نماذج البرزاني والطالباني.. فهكذا يقوم قادة الاشتراكي -وعلى رأسهم ياسين سعيد نعمان- بتقديم انفسهم كأكراد في الداخل والخارج، ويتجلى ذلك واضحاً في خطابهم السياسي والاعلامي منذ هزيمتهم ديمقراطياً في الانتخابات البرلمانية ابريل 1993م، وعسكرياً في 1994م، ومايزالون حتى اليوم يدندنون بنفس الاسلوب الانفصالي، والوحدة مرهونة بتقاسمهم للسلطة غصباً.
أما حزب الاصلاح فيسعى لاستنساخ نموذج الطالباني على اليدومي أو الآنسي، ويجري بين الاثنين تنافس حاد جداً.
هذا الخيار يظل رومانسياً جداً أمام خيارات أخرى يروج لها المشترك، قبل مشروع »الصوملة« والذي يردده علينا بشكل دائم، ويعتقد البعض -ببراءة- أن طرحهم لهذا الخيار المرعب أمامنا هو بهدف تقديم نصيحة صادقة، وإبداء نوع من الحرص على اليمن واليمنيين، دون أن يدركوا أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً فالمشترك يريد أن »ىصومل« اليمن فعلاً.. فالاشتراكي والكهنة يسعون لاعادة انتاج تجربة »صومال لاند« في اليمن والاصلاح يريدون تمزيق اليمن على طريقة القراصنة أو تأجير اجزاء منها للقوى الخارجية المتصارعة، ويكون ثمن ذلك دماً يمنياً، كنموذج محاولة التمرد وأعمال التخريب التي قام بها الحوثي.
طبعاً ثمة خيارات اخرى لدى احزاب المشترك لو قبلنا بما يطالبون به المؤتمر ومنها نموذج طالبان أو تجربة الخمير الحمر.. بصراحة نتمنى أن تقودنا مطالب احزاب المشترك الى حياة ترتقي بحياة الشعب الى رغد المستوى المعيشي لمواطني الدول الاسكندنافية.. لكن حتى مجرد التفكير بحلم كهذا مستحيل ألف مرة أن نصل اليه عبر رؤية المشترك.. نقول هذا بصوت عالٍ لأن المشترك يريد من وراء اصراره على تطبيق نظام القائمة النسبية واعادة تشكيل لجنة الانتخابات وايجاد سجل انتخابي جديد، وتعديل قانون الانتخابات والاعتراف بما تسمى بالقضية الجنوبية وغير ذلك من المطالب التي لا حصر لها والتي تعني بمجملها نصب مشنقة لاعدام الديمقراطية في ساحات عامة وأمام الرأي العام المحلي والدولي يوم 27 أبريل القادم.
ومن يعتقدون أن تأجيل الانتخابات يخدم الديمقراطية فهم أغبياء لأن عدم اجراء الانتخابات في موعدها المحدد دستورياً وقانونياً سيقودنا ليس الى تصحيح الاختلالات والقضاء على كل اشكال الغش والتزوير وغيرها من المزاعم التي تطلقها احزاب اللقاء المشترك وتعتبرها مطالب مقدسة لرفض الانتخابات.. وانما سيكون التأجيل للانتخابات جريمة بحق الديمقراطية والوطن، تهون أمامها عمليات التزوير أو الغش واستخدام صغار السن وغيرها من تقولات هذه الأحزاب النكرة، اذا قارنا كل ذلك بكارثة إدخال اليمن في حالة اللاشرعية دستورية لبعض مؤسسات الدولة.
لهذا فعلى الاصوات التي نسمعها بين الحين والآخر تطالب بتسوية الملعب الانتخابي أن يتقوا الله في اليمن، وأن يخجلوا قليلاً من الشعب ويحترموا ارادته الحرة والمستقلة.
لأن من العيب أن نجدهم بكل بجاحة يتمسكوا بتوصيات الاتحاد الأوروبي والتي يتخذونها مجرد شماعة، محاولين من خلالها اخفاء مخططهم التآمري، في الوقت الذي نجدهم خُرْساً أو كما قال سبحانه وتعالى »صُم بُكم«، ولا يطالبون المؤتمر الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في الموعد المحدد دستوراً وقانوناً.. للأسف هكذا يعتبرون التوصيات الأوروبية مقدسة وهي مجرد توصيات! لكننا نقول إن الدستور والقانون هو المقدس لدى شعبنا يا هؤلاء..