دكتور/ علي مطهر العثربي -
لقد حاول البعض ان يخلط الأوراق على أثر الدعوة لعقد قمة عربية طارئة للخروج برؤية موحدة لمواجهة الكيان العنصري الارهابي الصهيوني الذي يشن عدواناً همجياً إرهابياً على قطاع غزة، وحاول البعض الآخر من الداخل ان يزايد على مواقف بلادنا القومية تجاه القضية الفلسطينية بهدف تحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب الدم الفلسطيني الذي استباحه الكيان العنصري الارهابي الصهيوني في غزة دون إدراك بأن المواقف اليمنية تجاه الشعب الفلسطيني لا تقبل المزايدة على الاطلاق لأنها شفافة وعلنية وشجاعة وجريئة ولم يفعل ما فعلته اليمن أي قطر عربي آخر، فقط كنا نتمنى من الذين يحاولون المزايدة على مواقف بلادنا أن يكون لديهم قدر من الاحتفاظ بالمعلومات وأن يكونوا على درجة عالية من تسجيل الأحداث ودراستها، فأكبر أزمة حلت بالشعب الفلسطيني في الثمانينيات عندما حوصر الرئيس الشهيد ياسر عرفات في جبل لبنان ورجال المقاومة الأشاوس الى جانبه.. وعندما شرد الشعب الفلسطيني من بلاده لم يقبل أي قطر عربي لجوأهم إليه الا ما ندر، وكانت اليمن البوابة الكبرى لاحتضان الفلسطينيين من مخيمي صبرا وشاتيلا، حيث قدم اليمن الى جانب ذلك قوافل من الشهداء.
إذا كانت اليمن قد أبدت حرصاً شديداً على وحدة الصف الفلسطيني فذلك من أجل القضية والهوية الفلسطينية، وإذا كانت صنعاء ومازالت وستظل الحضن الدافئ للقاء الفصائل الفلسطينية فإن إعلان صنعاء الذي خرج به الفلسطينيون كان بمحض إرادتهم وتوافقهم التام ولم يكن أكثر من رغبة تلك الفصائل في الوفاق والاتفاق، ثم إن ما تعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من العدوان الهمجي الارهابي قد شكل قلقاً بالغاً لدى القيادة اليمنية ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح الذي لم ينم من حجم المسؤولية التي يرى أنها ملقاة على كاهله باعتباره يمثل الإرادة اليمنية، فبادر الى الدعوة لعقد قمة عربية طارئة تخرج بقرار يمثل إجماع الأمة العربية يتم من خلاله استخدام كافة المصالح لخدمة القضية الفلسطينية والضغط باتجاه وقف الحرب العدوانية الهمجية الارهابية على قطاع غزة وانسحاب الجيش الاسرائيلي المحتل من غزة وفك الحصار وفتح المعابر وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها اسرائيل في عدوانها الهمجي الارهابي وإيجاد آلية لضمان استمرار المقاومة الفلسطينية حتى تتحرر كل الاراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف.. وكان اليمن من خلال الدعوة للقمة الطارئة يهدف الى وحدة الصف العربي والحيلولة دون انقسامه وتشرذمه وتبعثره.. قمة تتجاوز بيانات الشجب والتنديد التي سئمها الشارع العربي وتجاوزها من خلال المظاهرات العارمة التي تقدمت على المواقف الرسمية.
ولئن كانت اليمن قد رأت أن قمة الكويت المعد لها سلفاً ينبغي أن تتصدر القضية الفلسطينية جدول أعمالها فلأنها شعرت من خلال التناقضات والتباينات الحادة التي شهدتها الدعوة لقمة الدوحة بالمزيد من التشضي في الصف العربي ورأت أن قمة الكويت إذا كانت هناك نوايا عربية صادقة كفيلة باتخاذ المفيد النافع للقضية الفلسطينية دون الدخول في المماحكات التي تزيد الوضع العربي سوءاً على سوء، على اعتبار أن النصاب القانوني لم يكتمل في قمة الدوحة.. وكان ينبغي أن تنعقد القمة العربية تحت مظلة الجامعة العربية »بيت العرب جميعاً« خصوصاً أن اليمن كانت قد بذلت جهوداً توجت باعتماد ملحق في ميثاق الجامعة العربية يضمن انتظام انعقاد القمة، الامر الذي يجمع ولا يفرق يوحد ولا يمزق.
إن القضية الفلسطينية باتت هاجس كل يمني ولا يمكن أن يزايد علينا أحد في هذا الجانب، فإذا كان الرئيس علي عبدالله صالح يعد الزعيم العربي الوحيد الذي رفض أن تدرج حماس في قائمة الارهاب باعتبار المقاومة ضد المحتل حق مشروع ومكفول في كل الشرائع السماوية والاعراف الدولية، فإن اليمن تعتبر ذلك من أقدس الواجبات اليومية والاسلامية، وليستحِ أولئك الذين يزايدون على المواقف اليمنية وليذكروا أن الرئيس علي عبدالله صالح حمل القضية الفلسطينية الى كل المحافل والمنتديات الدولية وكانت ومازالت شغله الشاغل ولا يقبل أي يمني غيور الانتقاص من هذه المواقف الشجاعة مهما كان، ولا اعتقد أن أحداً يقبل بذلك الا من كان حاقداً على اليمن، ليس له من هدف غير تمزيق وحدة الصف الفلسطيني والعربي ومحاولة المتجارة بالقضية الفلسطينية وتحقيق مكاسب سياسية ودينية على حساب الشعب الفلسطيني.
إن النوايا القومية التي تحمست خلال الاسبوع الماضي تعد بادرة أمل في طريق وحدة الصف الفلسطيني العربي، ينبغي أن تترجم هذه النوايا الى واقع عملي في قمة الكويت تضمن للشعب الفلسطيني حياة حرة كريمة بعد الوقف الفوري للحرب والانسحاب الاسرائيلي الناجز من غزة وفك الحصار وفتح المعابر وإعادة بناء ما دمرته آلة الدمار الصهيونية في غزة، وأن يقف الجميع وقفة قومية اسلامية لإيجاد آلية تضمن استمرار المقاومة الفلسطينية والعمل على دعمها من أجل مواصلة الكفاح المسلح لاسترداد الارض العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، إذا كان هذا ممكناً بعد ذلك الحماس الذي لمسناه خلال الاسابيع الماضية التي تقدم الشارع العربي بإعلان مواقفه الرافضة للاستسلام والعدوان والهمجية الصهيونية على المواقف الرسمية للحكومات العربية، وتجاوب معه الرأي العام العالمي الحر الذي عبر بشفافية ان العدوان الهمجي الارهابي الصهيوني على غزة عدوان على الانسانية كلها وعليه فإن قمة الكويت هي المحك الاساسي الذي ينبغي ان يترجم عملياً كل الاهداف والتطلعات لجماهير أمتنا العربية ويسعى بجدية لاستعادة الحق العربي المستباح في فلسطين ويعيد للمقدسات مكانتها وقدسيتها، وللأمة وحدتها وهيبتها وكرامتها ، وإن غداً لناظره قريب.