د. ابتسام الهويدي -
يتكشف كل يوم قصور الأنظمة الديمقراطية في منطقتنا العربية، حيث أن شعوب هذه المنطقة لا ينعمون بحكم ديمقراطي مفتوح وشفاف وحامٍ للحريات الأساسية وحقوق الانسان، ولعل قيام معارضة فعالة واستقلال القضاء والإعلام وشفافية الحكم وإمكان مساءلته ومحاربة الفساد هي من أقل الحريات تحققاً.
إن ما تتمتع به شعوب هذه المنطقة لا تمثل سوى الحد الأدنى من الحريات والمتمثلة في حرية التنقل والملكية وحرية الممارسة الدينية والثقافية للأقليات، إن العناصر الجوهرية للحرية التي تمثل روح الديمقراطية والتي يجب أن تسود منطقتنا العربية هي الاعلام المستقل ومكافحة الفقر والقضاء على الفساد الذي غرس أظافره في كل ركن أو زاوية في المجتمع، كما أن المساواة أمام القانون عنصر مهم وجوهري للحريات التي سعت وكافحت ومازالت تكافح من أجلها الشعوب..إن المساواة بين الجنسين تعتبر من أهم الحريات المفقودة في معظم المنطقة العربية والتي تنادي بها اليوم الأوساط المثقفة في المجتمع وقادة الرأي والصحفيون ومؤسسات المجتمع المدني، والخروج من دائرة الأنظمة الديمقراطية ذات الطابع الديكتاتوري لن يكون الا من خلال اختيار المواطنين في هذه المنطقة لقيادات الحكم سواء أكانت مركزية أو محلية عبر انتخابات حرة ونزيهة..إن الارتقاء بالمنطقة العربية في شتى جوانب الحياة لن يكون الا من خلال تبني مسيرة الاصلاح الديمقراطي واستقلال هيئات السلطة القضائية وتكوين مؤسسات محلية وإقليمية لحقوق الانسان ووضع وترسيخ القواعد المؤسسة للحرية للحد من احتكار السلطة.. اليوم معظم المؤسسات الديمقراطية في المنطقة العربية مفرغة من مضمونها الأصلي الحامي للحريات.
إن ابعاد الصراعات الاجتماعية الناتجة عن سياسات العهود السابقة في الحكم والمتمثلة بالقمع المنظم والحكم التسلطي بغية تحقيق الاستقرار السياسي لم يعد مجدياً بل يجب أن تضع هذه الانظمة نصب عينيها إيجاد البدائل السلمية الفعالة لمعالجة المظالم وتحقيق التداول السياسي صوناً للمجتمعات من السقوط في مخاطر الاضطرابات الداخلية.