يحيى السدمي - لم أرَ رجلاً شاملاً كامل الأوصاف يقطر نزاهةً وتأففاً من الفساد كما رأيت مرشح اللقاء المشترك الذي لو وصل إلى كرسي الرئاسة لشفط مخزون النفط في أسبوع وخلص البلاد من التلوث والدخان وجعل البلاد خالية من السموم.. فالرجل خبير في الحفر والتنقيب وهو قبل ذلك شمام كبير يستطيع أن يشم البترول في الأعماق بأنفه من مسافة بعيدة وقبل ذلك هو مصف ممتاز من الدرجة الأولى اختبر في عدن وصفى مصافي النفط من الشوائب وهو عازم على تنقية الفساد من خزائنه وتطهير المكاتب من دنسها وتحويلها إلى مقرات للعفة والشرف والأمانة وقد ينقلها إلى سويسرا أو يسلمها لشركة نفايات لتحولها إلى سماد بلدي، خاصة وان كلمة فساد وردت في برنامجه الانتخابي 25 مرة ووردت في مقابلة له مع صحيفة عربية عشر مرات وكررها في اثنين من مهرجاناته الانتخابية 60 مرة في مقابل ثلاث مرات فقط للمجاري وإن كان في ذلك ظلم للمجاري.
ولعل أهم ما سيفاجئ به الناس وان كان قد أخفاه في برنامجه الانتخابي هو أنه لو فاز في الانتخابات سيحول الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية المحكوم عليها بالفساد إلى متنزهات عامة، وعلمت أنه يخطط لنفي جميع الفاسدين الذين اكتشفهم إلى سفراء في دول تراها أحزاب اللقاء المشترك معادية لنقل عدوى فسادنا إليها وإجبارها على اللجوء إلينا وشراء حقوق مطهر الفساد بمليارات الدولارات.
كم أنا متفاءل بحكمة هذا الرجل وسماحته وسيطرته على أعصابه وقت الأزمات والملمات وبقدرته على ضبط 21 مليون يمني وجعل مربض الواحد منهم شبراً، ويستطيع أيّ كان أن يعرف إلى أي مدى كان حكيماً عندما قبل أن يكون مرشحاً لخلطة اللقاء المشترك دون تردد لمعرفته السابقة أن كل شيء لم يعد مقبولاً لدى المستهلك مالم يكن خلطة بيد طباخ ماهر يسيل لها كل لعاب ويزقزق لها كل بطن.
وقد سمعت أنه محتار في طريقة توزيع أحزاب اللقاء المشترك على السلطة والحكومة والسفارات وقيادات الجيش لو صار رئىساً بعد أن وجد نفسه أمام مخضرية حزبية تذكر بحكاية صاحب المخضرية التي كما أذكر أن الكاتب الصحفي عبدالصمد القليسي كان قد تناولها قبل سنوات في أحد مقالاته في عموده الشهير »كلمه وعشر« في صحيفة »26 سبتمبر«، ولدى كاتب هذا الحل الذي يخرجه من هذه الورطة بشرط أن يضعني في موقع بعيد عن شبهة المال المدنس كمصافي عدن التي سبق له أن طهرها منه، مثلاً، والحل هو:
لديك خمسة أحزاب وسادسهم أنت، إذا ما عليك إلاّ أن تقسم المحصول على ستة وتعتبر نفسك حزباً قائماً بذاته، وسيكون لديك في السلطة بشقيها ثلاثة مناصب مهمة لرجال ثالثهم أنت بالطبع أعط رئاسة الحكومة للاشتراكي لأنه يحب هذا المنصب ولاعتبارات متعلقة بأول رئىس حكومة منه بعد الوحدة وأعط رئاسة البرلمان للإصلاح واقسم عدد مقاعده مناصفة بينه وبين التنظيم الناصري وارم بالزائد خارج المجلس أو عينهم لحراسته واقسم مجلس الشورى بين الحق والقوى الشعبية.
والحكمة من هذه القسمة حتى تتمكن أنت من تعليق عمل مجلس النواب مادمت رئيساً لأن القوانين ستقف مابين سقف المجلس وأرضيته فإن وافق الإصلاح على قانون حسب رؤيته هو سيعترض الناصري الذي سيصر على »قمقمته«.
أما الجيش هذا الذي تعده برفع أجره صبحاً ليهاجمه من رشحوك مساءً فما ظني إلاّ أنك عازم على تحويله إلى دعاة لأن قائده الأعلى سيكون جناب المفتي، وللسفارات عين إصلاحيين في الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا فهم أقدر خلق الله على التفاهم مع هاتين الدولتين من منطلق »من تعلم لغة قوم أمن مكرهم« وأضمن لك أنهم سيتوئمون صنعاء وعدن مع واشنطن ولندن وستجد الأمريكيين والبريطانيين ببوارجهم السياحية في كل مكان يوجد به ماء في اليمن، أما في الدول الشرقية فلا أصلح لها من اشتراكيين يتذاكرون فيها مجد المنتقلة إلى رحمة الله ويضعون نهاية كل أسبوع أكاليل الزهور على قبري ماركس ولينين.
وقد يسأل سائل وماذا ستفعل بالمؤتمريين والمستقلين؟ ما عليك إلا أن تقطع علاقة اليمن بالشعب فتتخلص من المؤتمر وأعضائه، أما المستقلون فأعد استعمارهم من جديد ولو بالتعاقد مع شيعة العراق أو سنته وسيأتي ورثة الزرقاوي دون دعوة ثم أعلنها نضالاً وطنياً ضد هذا المستعمر الغازي حتى لايشعر الناس بملل بقائك على الكرسي وأنت أدرى مني بباقي الأمور.
لكن رغم كل ذلك ستبقى مشكلة أمامك يجب حلها من الآن وهي سيكون لزاماً عليك كل جمعة أن تخطب في الناس في المساجد: جمعة في مسجد إصلاحي مرتدياً عمته وفكره وأخرى في مسجد للحق والقوى الشعبية بعمتيهما وفكرهما أما بالنسبة للاشتراكي والناصري فقد يكتفيان بمحاضرة رأس كل شهر في أحد النوادي عن الامبريالية والصهيونية والتذكير بمحاسن الاشتراكية والدعوة إلى الوحدة العربية والقومية بدلاً عن القطرية الضيقة.
وختاماً: فإن البلاد ستدخل من اليوم الثاني للاحتفال بجلوسك على عرش الحكم لو فزت في الانتخابات -لاقدر الله- في حرب أهلية لن تنتهي إلاَّ بفض شراكة المشترك وتحميلك وزر ماحدث هذا إذا لم يزج بك المشترك في السجن وسيعتبرك الإصلاح عدواً من أعداء الله والاشتراكي والناصري سينظران إليك عميلاً لأمريكا أما القوى الشعبية والحق فسيتهمانك بالاشتراك في مؤامرة مع إسرائيل لقتل سماحة السيد حسن نصرالله وما أدراك ما يعنيه التآمر على سماحته في الوقت الحالي!
|