كتب/ نجيب شجاع الدين - لا تفتح الجريدة على مصراعيها.. على الأقل حتى لاتفاجأ بقنبلة ما تستقر في وجهك.. كان هذا مجرد رأي لأحد الأصدقاء ممن هجروا القراءة بالتحديد الصحف- ووصلوا إلى مرحلة اليأس.. وباقتناع تام.. فهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً
بزيادة مبيعات البارامول.. لتهدئة الصداع الناتج من متابعة مثل هذه الأنواع من الصحف.. في الداخل
لايوجد سوى كتابات تصف تماسادية أو دموية واضحة ما يجري في الساحة.
بعض الصحف من الواضح أنها جاءت من أجل إقلاق المجتمع القارئ وليس لخدمته.. تسعى إلى إبراز الجانب السلبي السيئ للإنسان اليمني.. من خلال تهويل وتضخيم حجم الأحداث التي قد تقع فعلاً.. أو اختلاق قصص الجريمة وكأنه لايوجد غير مؤامرات قتل، خطط وعمليات ثأر تنفذ بين كل شخص وشخص.. الجميع أعداء وهكذا يبدو الوضع في أخبار هذه الصحف أو بمعنى أشمل هكذا يريد المخرج..
لطالما أبدى العديد من القراء استياءهم الشديد من نهج الصحف وسياساتها المهتمة بأخبار الدم التي غالباً ما تكون غير صحيحة بنسبة كبيرة وبمجرد أكاذيب تقص على شكل أخبار واردة من ألسنة مصادر عادة ما نسميها مطلعة، مسئولة شهود عيان.
ويرون أن مثل هذه الأخبار مكشوفة الغرض للجميع باعتبارها إحدى الأساليب الدعائية التي تستخدمها الصحف لخدمة أغراض سياسية كون الأمن والاستقرار وراحة البال.. حقيقة يمنية وليس العكس-..
كما انها تنظر لما حولها وإلى المستقبل بعيون زرقاء اليمامة تتشاءم من أي خطوة تكون للأمام.. وتشتم كل إنجاز وتطلق تحذيراتها ومخاوفها غير المستندة على أرضية ثابتة أو حقائق مريبة يمكن على ضوئها وضع الاحتمالات والفرضيات المتعددة التي تستدعي ذلك ناهيك عن محاولات وإيجاد نوع من الشعور بالاحباط واليأس وفقدان الأمل في كل شيء.. هذا ما ترمي إليه فقط.. الهدم من أجل الهدم.
تضليل
- رغم ان المشاكل قد تحدث في أي مكان.. وفي أي وقت- أحياناً نشاهدها، وأحياناً نسمع عنها.. إلاّ أنها عند النشر في بعض الجرائد الصفراء.. نجدها مشحونة بالكلام العاطفي وأحداثها أشبه بدراما الأفلام الهندية القديمة لكن البطل هو الذي يموت سريعاً.. لتبقى القصة مفتوحة تاركة تساؤلاً ينتظر الإجابة العاجلة من الذي سينتقم لهذا البطل الشهيد، المظلوم؟! وبالتالي التحريض على ضرورة قيام أشخاص بنفس العمل..
تحت الحزام
- إن من حق المواطن الحصول على المعلومة ومن حق الصحف أيضاً الحصول على المعلومة ونشرها ونقل صورة واضحة عن المجتمع وللمجتمع، كشف الأخطاء، إبراز الإيجابيات.. بعيداً عن التجريح والتشهير وأساليب دس السم في الدسم.. أو تغليب المصلحة الذاتية الحزبية المتطرفة على مصلحة المجتمع.
هناك صحف شعارها الضرب تحت الحزام.. تخدم أفراداً لتصفية حسابات شائكة فيما بينهم وخوض مناورات ومناوشات كشف المستور وستر المكشوف بطريقة علنية.. وأخرى ترفع شعار من الذي يدفع أكثر.. اليوم أنت فاسد.. وغداً (أي بعد الدفع) أجمل وأنزه من في الكون..
وثالثة لاترى في الكون شيئاً جميلاً.. تحب التشويه وزرع الفتنة والتفرقة.. وفي الأخير الجميع لايفهم أساسيات حرية الرأي والتعبير واخلاقيات الصحافة والقانون المنظم للمهنة، التي بات المرء يحتار ويتساءل في ظل الوضع الذي تسير عليه هذا النوع من الصحافة مهنة شريفة فعلاً؟!
ثمة العديد من الأمثلة لانماط أخبار بعض الصحف التي تمارس التضليل وجعل من الحبة قبة أو العكس بحسب ما يتوافق وأهدافها ولو اضطرها ذلك لخلق الأكاذيب إلى جانب الانطلاق من حادثة بسيطة لتضيف خيالها الخصب وأغراضها الدنيئة عليه وتوظفه وتبالغ في ذلك كثيراً.
»عراك بين شخصين في سوق قات.. وليس معركة حامية الوطيس حصدت العشرات من الأرواح والجرحى بالجملة شخص يلقي قنبلة يدوية في سوق شميلة نتج عنها وفاة واحد وإصابة اثنين بسبب خلاف على ربطة قات..«
في الصحف التي طالعتنا لم تقدر إلى الآن على عد الضحايا من وفيات وإصابات.. مجهول يلقي قنبلة في سوق تجاري مزدحم بالناس ويلوذ بالفرار.. انتحار شاب لم يحصل على وظيفة عمل..
»حرب بين قبيلتين تستخدم أنواع الأسلحة.. لخلافهم على محول كهرباء باتجاه طريق، إطلاق سراح قاتل من السجن!! الدم بالدم« هكذا تقول الصحيفة على لسان الشيخ الذي يتساءل عن الحرب التي يتحدثون عنها.
لماذا تحرص هذه الصحف على تشجيع الثأرات القبلية.. واحياء العادات الجاهلية في التعامل مع مشاكلها.. ولماذا تخصص مساحة واسعة للحادثة وتتجاهل الإجراءات التي أتخذت.. كما تحاول ترسيخ مفهوم بأن الحل لايكمن في اتباع القانون والنظام.
الغريب في الأمر أن هذه الصحف لم تتناول ظاهرة سلبية جديدة يستنكرها المجتمع ويتمنى ألاّ تتكرر وألا يراها البتة.. باعتبارها أسوأ أنواع الخلافات وأكثرها إيلاماً في النفس.. وأغرب من قصص تقاتل شخصين على خمسة ريالات لم يدفعها صاحب الباص أو ابن يقتل أباه.. الخ.. الخلافات داخل المساجد واستخدام القوة في اعتلاء المنبر وان يفرض أحدهم مع مجموعة قليلة تسانده نفسه على المصلين للاستماع إليه والاستعداد للقتل في حال الرفض.. لماذا لاتتناولها الصحف كجانب يسيئ لصورة الإسلام ونحن كمسلمين في الدرجة الأولى..
الجانب التوعوي مطلوب في هذا الجانب.. لكن الأسلوب المتبع إما تجاهل الأمر برمته أو صب الزيت على النار.
|