علي ناجي الرعوي - يبدأ اليوم زملاء المهنة الصحفية أعمال مؤتمرهم الرابع وسط أجواء تتجسد فيها رحابة التجربة الديمقراطية التي فتحت أمام شعبنا آفاقاً واسعة من الحرية وحق المشاركة في العمل السياسي والحزبي وإقامة المنظمات والجمعيات الإبداعية والمهنية والجماهيرية التي أسهمت خلال السنوات الماضية في إبراز الكثير من أنشطة المجتمع المدني
وفي إطار هذا الأفق الكبير والمفتوح هل فكرنا كيف نبني عملنا النقابي على أساس مهني وأن نخضع تجاربنا للتقييم والمكاشفة..؟ وهل فكرنا أيضاً كيف نجعل المهنة معبرة عن أصدق المفاهيم الديمقراطية وأن ننحو بها نحو وجهة حضارية بعيداً عن يوتوبيا التباينات الحزبية وأغلالها؟
وهل باستطاعتنا أن نخلع رداء انتماءاتنا السياسية لنسير معاً كأبناء مهنة واحدة يشكل كل منا رديفاً للآخر، من أجل إطار صحفي يكون نافذة مفتوحة لجميع الأفكار والرؤى الوطنية؟
وتأسيساً على ما تقدم فإن الأمانة تقتضي الاعتراف بأن ما تحقق على صعيد حرية الرأي والتعبير، وكذا ما نشهده من تنوع وتعدد في قنوات الاتصال ووسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية والتراسلية إنما يعود الفضل فيه لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح صانع التغيير في اليمن، الذي أحاط التجربة الديمقراطية التعددية وحرية الرأي والتعبير برعايته واهتماماته، وكان القدوة في تقبل الرأي المخالف ولم يضق ذرعاً بتلك الحالات من الشطط التي تتجاوز في بعضها آداب النقاش والنقد البناء، وأخلاقيات المهنة الصحفية
والحق أيضاً أنه وفي عهد هذا الزعيم القائد الوطني لم يقصف قلم أو يُكمم فم أو يصادر رأي أو موقف أوفكر .. وأن القضاء صار هو المرجعية للفصل في أية قضية أو أمور تتعلق بهذا الشأن.
ولم يعد خافياً على أحدٍ ذلك الدعم الذي حُظيت به نقابة الصحفيين اليمنيين من القيادة السياسية، وذلك لما من شأنه تمكين النقابة من أداء دورها المهني في الدفاع عن حقوق وحريات منتسبيها وتعضيد العلاقات في ما بينهم وفق منظور يُسهم في الارتقاء بمهنتهم الصحفية وتنمية قدراتهم الإبداعية.
وما ينبغي طرحه اليوم والقطاع الصحفي اليمني يلتئم في مؤتمره الرابع أن ما يجب التركيز عليه هو أن يخرج هذا المؤتمر بالنتائج الإيجابية التي تنعكس في الرُقي بالأداء النقابي الصحفي وبما ينأى به عن التأثيرات الحزبية والأهواء الضيقة، إذْ أن تأصيل مبدأ المهنية هو وحده الكفيل بتنقية المهنة الصحفية من بعض الشوائب التي علقت بها وامتدت لتطال بسلبياتها قدسية هذه المهنة والعاملين فيها
وبوسع المشاركين في المؤتمر العام الرابع لنقابة الصحفيين اليمنيين الذين سيناقشون العديد من الوثائق المتصلة بمهنتهم أن يجعلوا من مؤتمرهم محطة للتقييم والتوافق حول المفاهيم التي تصون القيم النبيلة للمهنة الصحفية، وبما يعبر تعبيراً حياً عن الأسس الحضارية لحرية الرأي والتعبير ومبادئ الديمقراطية وثقافتها
ومن مصلحة الصحفيين جميعاً أن يعملوا على إحلال المعايير التي تحمي مهنة الصحافة من التوظيف الخاطئ والاستغلال المسيء، باعتبار أن الصحافة الحرة والإعلام الجريء يستقيمان على قواعد أساسية أهمها أن الكلمة مسئولية. ولذلك فلا بد من التعاطي معها من زاوية ذلك التلازم، وليس سراً أن نقول أننا اليوم أحوج ما نكون إلى صحافة يحكمها العقل وليس الأهواء صحافة تقرب ولا تباعد تزرع الأمل والمحبة والوئام والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد ولا تثير اليأس والإحباط والبغضاء والكراهية بين الناس، صحافة تقدم الحقائق بمصداقية متناهية وتمارس دورها تحت مظلة النقد البناء والهادف، وتعمل على إشاعة فن الاختلاف وثقافة الحوار.. بعيداً عن الانفعال والتهويل والإفراط في المبالغة عند نقل الأخبار والأحداث وكل ما يؤدي إلى إضعاف قدرة الرسالة الإعلامية على الفعل والتأثير
وبعبارة أدق فإن الصحفيين مطالبون بأن يخرجوا من مؤتمرهم الرابع بالرؤى والآليات التي تحافظ على نقاء مهنتهم وتصونها من أي انحراف يدفع بها خارج مسارها الصحيح
*عن صحيفة الثورة
|