رضوان الشيباني -
جاءت حادثة شبام الإرهابية لتضيف عبئاً جديداً على مشروع تنمية السياحة، وكلما تقدمنا خطوة عاد بنا التطرف والتشدد خطوات.. ومشكلة التطرف ليست مشكلة فجائية ولانباتاً شيطانياً، بل هي مشكلة لها أسبابها التي تبدأ بالتطرف الفكري والغلو الذي لا مبرر له..
ولعل ما حفّز هذا الفكر هو تغلغل بعض الأفكار المتشددة عن طريق بعض الفرق التي تحتكر فكرة المنهج في ممارستها وأن طريقتها هي الطريقة المثلى وهي الدين القويم ومن خالفها كفر.
وجاءت الوحدة المباركة بالمنهج الديمقراطي الذي فهمه البعض انه الفوضى أو الحرية المطلقة التي لا تراعي حقوق الآخرين بل تسعى لإلغائهم نهائياً، وإذا كان هذا السبب الأول فإن هناك أسباباً أخرى ترتبط بهذا السبب ارتباطاً وثيقاً، فالأزمة الاقتصادية التي أفرزت الآلاف من العاطلين جعلت من الممكن اصطياد بعض الشباب إلى جماعات العنف بدعوى الجهاد ومحاربة أعداء الله وأنه لا داعي إلى الرحيل إلى المناطق المحتلة كالعراق وافغانستان، فقدوم الأعداء ـ حسب زعمهم ـ إلى بلادنا قد وفر الطريق وقصر المسافات وقد أسهمت بعض السياسات العربية التي أسقطت خيار المقاومة وعدم فتح جبهات للجهاد- وفي فلسطين على وجه الخصوص - في ترسيخ هذه القناعات لدى هؤلاء الشباب المغرر بهم.
وكانت اليمن قد خطت خطوة متقدمة في احتواء هذه الظاهرة عبر لجنة الحوار ونجحت إلى حد كبير في إعادة البعض منهم إلى المواطنة الصالحة، غير أن جيلاً جديداً ظهر نتيجة حرب لبنان صيف 2006م ومحرقة غزة الأخيرة، حيث ظهر العجز العربي بأسوأ صوره، فتوهم هؤلاء بأنهم الأقدر على سد الفراغ الناجم عن هذا العجز، وهم رغم قلة بضاعتهم في الفقه وخاصة فقه الجهاد تجرأوا على سفك الدماء التي حرمها الله بشبهات لا يقرهم عليها عالم معتبر أو مرجعية محترمة.
ولا ننسى ما فعلته السياسة الأمريكية التي جعلت من الإسلام عدواً بديلاً وظهر أخيراً تعسفها الذي استمر سنوات في جوانتانامو والسجون السرية التابعة لـ«C.I.A» في مختلف بلدان العالم.
لذا فإن معالجة مثل هذه الظاهرة لاتكون إلا بمجموعة من الإجراءات والمعالجات تأخذ في الاعتبار كل هذه الأسباب.
فالفكر يواجه بالفكر والحجة، كما حدث في لجنة الحوار والبطالة والأزمة الاقتصادية تعالج بالتخفيف من آثارها ومحاربة الفساد الذي استشرى في البر والبحر وحرم الكثيرين من الكفاءات المساهمة في خدمة كثير من البلدان العربية.
وأصبحت كفاءات مهاجرة تستفيد منها بلدان تصنف عند الكثير من الأعداء.
إن معالجة جانب من جوانب الظاهرة دون الجوانب الأخرى لن تؤتي بنتيجة فلابد من حزمة من الإجراءات والمعالجات المتوازية والمتوازنة التي تراعي كل الظروف.. ونحن ندعو لهؤلاء الشباب بالهداية والرشاد وأن طلب العلم في هذه المرحلة هو أيضاً جهاد، ولا يمكن أن يفتي في الجهاد كل من هب ودب، فللجهاد شروطه ومكانه وزمانه، فاليمن ليس دار كفر وأؤكد أن هذا البلد الطيب ينفي كل فكر ضال أو منحرف.
ولا يمكن أن يكون حديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «..... أرق أفئدة وألين قلوباً.. الإيمان يمان والحكمة يمانية».. لا يمكن ان يكون هذا الحديث لغواً أو مكذوباً.. ونحن نأمل أن يعود هؤلاء إلى جادة الصواب وإلا فإنهم إلى زوال كما حدث لمن كان قبلهم وستبقى هذه البلدة الطيبة... فقد مرت عليها مذاهب وفرق وبدع وذهبت وبقي الاعتدال في هذا البلد.. حما الله اليمن من كل شر وأصلح أحوالها وأحوال أبنائها جميعاً.
عن "الجمهورية"