اقبال علي عبدالله -

< سنضحك على أنفسنا وليس على غيرنا لو قلنا أو ادعينا، أو حتى أوهمنا أنفسنا أن اليمن لم تتأثر أو سوف تتأثر بالأزمة المالية العالمية!! لأن الحقيقة تقول إن اليمن بلد يقع فوق الكرة الأرضية وليس في كوكب آخر.. وما يضر- سلباً أو‮ ‬ايجاباً‮ - ‬دول‮ ‬الكرة‮ ‬الأرضية‮ ‬سيشمل‮ ‬اليمن‮ ‬بكل‮ ‬تأكيد‮ ‬لأننا‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬لسنا‮ ‬بمعزل‮ ‬عن‮ ‬الآخرين‮.. ‬نتعامل‮ ‬معهم‮ ‬ويتعاملون‮ ‬معنا‮..‬
ناهيك‮ ‬عن‮ ‬أننا‮ ‬بلد‮ ‬نعتمد‮ ‬بشكل‮ ‬كبير‮ ‬جداً‮ ‬على‮ ‬الأخرين‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬الاستيراد‮ ‬وقليل‮ ‬ما‮ ‬نصدّره‮ ‬خاصة‮ ‬النفط‮..‬
من هنا ومن هذه الحقيقة التي يتوجب علينا التعامل معها بكل شفافية وإرادة صلبة واستشعار وطني مسؤول جاءت رسالة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية إلى الحكومة في فبراير المنصرم لتضع النقاط على الحروف وتحذر من خطورة الوضع إذا لم تسارع الحكومة لوضع حزمة إجراءات اقتصادية تؤمن وقوع بلادنا في النتائج المدمرة للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.. فكانت كما تابعنا رسالة فخامة رئىس الجمهورية الأوكسجين الذي نُفخ في جسد الحكومة، فعقدت عدة اجتماعات متواصلة توجت باجتماع رأسه فخامة رئىس الجمهورية في 12 مارس الجاري وكان‮ ‬بإجماع‮ ‬الكثيرين‮ (‬سياسيين‮ ‬واقتصاديين‮ ‬وأحزاب‮ ‬معارضة‮)‬،‮ ‬جاء‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬المناسب‮ ‬خاصة‮ ‬وان‮ ‬تداعيات‮ ‬الأزمة‮ ‬المالية‮ ‬العالمية‮ ‬قد‮ ‬تفاقمت‮ ‬مما‮ ‬يهدد‮ ‬دول‮ ‬العالم‮ ‬وبالأخص‮ ‬الدول‮ ‬النامية‮ ‬بالكارثة‮..‬
وبصرف النظر عن التوجيهات الصائبة والضرورية التي وجه بها فخامة رئيس الجمهورية الحكومة لمواجهة هذه الأزمة، وكذلك تدني انتاج النفط محلياً واسعاره عالمياً، ومنها مواصلة انتهاج سياسة تقشفية في الموازنة العامة للدولة، تشمل منع أعضاء الحكومة من السفر إلى الخارج للمشاركة في اللقاءات والمؤتمرات الاقليمية والدولية إلاَّ في حالات الضرورة القصوى، خاصة إذا أدركنا ان هذه الزيارات -وبكل صدق نقولها ونعترف بها - تحولت إلى سياحة تكلف ميزانية الدولة الملايين من الدولارات.. في الوقت الذي كان يمكن لبعثاتنا الدبلوماسية المنتشرة في غالبية دول العالم أن تقوم بهذه المهمة- المشاركة في اللقاءات والمؤتمرات؟!- هذا إلى جانب توجيه فخامته بإيقاف شراء الكماليات والسيارات وكافة المشتريات غير الضرورية والتي الكثير منها انعكس في صورة غضب لدى غالبية المواطنين خاصة ونحن نشاهد امتلاك عدد من الوزراء‮ ‬وكبار‮ ‬المسؤولين‮ ‬كل‮ ‬عام‮ ‬سيارة‮ ‬جديدة‮ ‬تضاف‮ ‬إلى‮ ‬اسطوله‮ ‬السابق‮.. ‬وتغيير‮ ‬آثاث‮ ‬مكاتبهم‮ ‬وكذلك‮ ‬منازلهم‮ ‬وكلها‮ ‬من‮ ‬ميزانية‮ ‬الدولة‮ ‬التي‮ ‬تعتمد‮ ‬في‮ ‬إيراداتها‮ ‬على‮ ‬دافعي‮ ‬الضرائب‮.‬
أقول إنه بصرف النظر عن هذه التوجيهات باعتقادي ان قراءة متفحصة لمصفوفة المهام المستقبلية التي تضمنتها رسالة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحكومة، سيجعلنا ندرك مدى استشعار فخامته لخطورة الموقف وضرورة ان تتحمل الحكومة وكل الفعاليات الحزبية والسياسية والاجتماعية المسئولية‮ ‬لضمان‮ ‬تجنب‮ ‬المواطن‮ ‬تبعات‮ ‬تداعيات‮ ‬الأزمة‮ ‬العالمية‮.‬
فقد تضمنت المصفوفة تفعيل تنفيذ استراتيجية مكافحة الفقر والبطالة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، الاستغلال الأمثل للموارد الغازية وتشجيع الاستثمارات النفطية، تحسين الإدارة الحكومية وتجفيف منابع الفساد إلى جانب رفع كفاءة تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية وتغيير‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬الوطنية‮ ‬لتشجيع‮ ‬زيادة‮ ‬إنتاج‮ ‬الغذاء‮..‬
من هنا نفهم ان احتياجات المواطن من الغذاء والكهرباء والطاقة والمياه وتحسين مستوى معيشته وحياته، كانت في أولويات اهتمامات فخامة رئىس الجمهورية رئىس المؤتمر الشعبي العام »الحزب الحاكم«، وهي اهتمامات تخطت جانب التوجيهات إلى المتابعة الميدانية وتلمس الحقائق من خلال تفقد أحوال المواطنين ومدى مصداقية الأجهزة الحكومية في مستوى تنفيذها لمصفوفة البرنامج الانتخابي لفخامة رئىس الجمهورية والذي ومن خلال رؤية فخامته للمستقبل قرأت في وقت مبكر هذه الأزمة ووضع المعالجات مهما كانت قاسية لتجنب أو تخفيف آثارها على الواقع الاقتصادي‮ ‬والتنموي‮ ‬لبلادنا‮..‬
إننا‮ ‬لاننكر‮ ‬اننا‮ ‬في‮ ‬قلب‮ ‬التحديات‮ ‬ولكننا‮ ‬لاننكر‮ ‬أيضاً‮ ‬أن‮ ‬حكومة‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬بفضل‮ ‬توجيهات‮ ‬ومتابعة‮ ‬فخامة‮ ‬رئىس‮ ‬الجمهورية‮ ‬قادرة‮ ‬على‮ ‬مواجهة‮ ‬هذه‮ ‬التحديات‮. <‬