ابــن النيــــــــــل - < لسنا مع أي شكل من أشكال الانتهاك اللاأخلاقي لحقوق الانسان أينما كان، لكنه من غير المقبول على وجه الاطلاق اخضاع هذه الحقوق الانسانية المشروعة لمبدأ الانتقائية المغرضة، وفقاً لأهواء قوى الهيمنة والتسلط في العالم، وكأنما نحن أمام صيغة جديدة مستحدثة لظاهرة التمييز العنصري أو التفرقة العنصرية البغيضة إياها.
فالذين يتباكون على انتهاكات حقوق الانسان في اقليم دارفور بالسودان الشقيق، هم أنفسهم الذين طالما أداروا ظهورهم.. بل وتعمدوا ان يغمضوا أعينهم ومايزالون، إزاء مايتعرض له انساننا العربي في كل من فلسطين والعراق.. من انتهاك صارخ لأبسط حقوقه الانسانية المشروعة، سواء أكان ذلك على أيديهم أو بتواطؤ من جميعهم.
ولقد ذهبت الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها في الآونة الأخيرة -على سبيل المثال- وعلى خلفية مذكرة التوقيف التي أصدرتها محكمة »أوكامبو« مؤخراً ضد الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير.. الى حد المطالبة بإدانة الرجل بتهمة طرده عدداً من المنظمات الدولية العاملة في بلاده، واعتبارها جريمة حرب، ومن ثم تحميله كامل المسئولية عن كل حالة وفاة في اقليم دارفور ذاته، متجاهلين في ذلك ما أثير قبلها حول انحياز هذه المنظمات لطرف بعينه من أطراف النزاع الدائر هناك، وهو مايعد تجاوزاً صريحاً لحدود الدور الانساني المناط بها، وطبيعة المهام الموكلة اليها بالتالي، وليس أدل على ذلك مما ورد صراحةً على لسان زعيم حركة العدل والمساواة في تصريح له تعقيباً على قرار الطرد إياه، من أنه لن يعود الى طاولة المفاوضات مع الحكومة السودانية مالم يتراجع الرئيس البشير عن قراره هذا.
وفي الوقت الذي يدعوننا فيه الى المشاركة الجادة في فعاليات ما اصطلح على تسميته بحوار الحضارات او حوار الاديان نراهم لايحركون ساكناً إزاء مصادرة حق بني قومنا في الوطن المحتل في الاحتفاء بإعلان القدس عاصمة للثقافة العربية في عامنا هذا، حيث التظاهرة الثقافية الجامعة التي اعتدنا من خلالها نحن العرب.. نشر وتأصيل جوهر هويتنا كل عام، كأمة لها شخصيتها الحضارية المستقلة على مر العصور، وإلى حديث آخر.
|