كلمة "العرب أونلاين" - عندما يتوجه المواطن اليمنى إلى صناديق الإقتراع ليدلى بصوته للرئيس على عبد الله صالح ما الذى يتوقعه بالمقابل؟.
لا يدعى أحد أن اليمن جنة أرضية، والرئيس اليمنى أكثر العارفين بهذه الحقيقة، فاليمن مازال يعانى من مصاعب عديدة تتطلب جهدا خارقا لتجاوزها، وملايين اليمنيين الذين خرجوا مطالبين على عبد الله صالح بالعدول عن قراراه عدم خوض المنافسة، إنما أولوا ثقتهم بالرئيس لعلمهم أن اليمن يعانى من الفساد، والشباب يعانى من البطالة، وأن قطاعا واسعا يعانى أيضا من الفقر.
هذه الثقة التى منحها الشارع اليمنى للرئيس صالح لم تأت استجابة لوعود وشعارات براقة يصعب تحقيقها، وأدمنت على إطلاقها قوى المعارضة، بل جاءت حكما على أداء الرئيس اليمنى الذى استطاع خلال فترة ترؤسه للسلطة فى اليمن الشمالى أن يحقق الوحدة اليمنية، هذا الحلم الذى يعتبر أهم انجازات صالح محليا وعربيا، ليصبح رئيسا لليمن الموحد بعد اندماج شطريه عام 1990، ولتبدأ بعد ذلك مسيرة إنجاز من نوع آخر ضمن ظروف دولية وإقليمية غاية فى التعقيد والخطورة، يمكن حصرها فى ثلاثة مستويات، الأول تنامى مفهوم العولمة فى ظل أحادية القطب، بعد انهيار الإتحاد السوفياتى ومنظومة الدول الشيوعية، والثانى الثورة الرقمية وما رافقها من تطور فى عالم الاتصالات، أما المستوى الثالث فهو هجمات الحادى عشر من سبتمبر والحرب التى تبعتها ضد ما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهاب، والتى أدت إلى غزو أفغانستان والعراق.
فى هذا الجو المشحون والمتوتر ، استطاع الرئيس على عبد الله صالح أن يحقق ما يجمع المراقبون على تسميته بالمعجزة، ففى ظل قيادته تم تحسين العلاقات مع دول الجوار،حيث وقعت اتفاقية وضعت حدا للخلافات الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية، كما استطاع اليمن أن يسير خطوات ملموسة على صعيد التقارب مع مجلس التعاون الخليجى الذى قبل فى كانون الأول/ ديسمبر عام 2001 انضمام اليمن الى أربعة مجالس وزارية هى التربية والشؤون الاجتماعية والصحة والرياضة.
ويمكن للمراقب المتتبع والحيادى للشأن اليمنى أن يلحظ تحسنا ملموسا على صعيد برامج الاصلاح الاقتصادى التى بدأت تؤتى أكلها فبعد أن كان النمو دون الصفر عام 1995 أصبح ايجابيا وفى طريقه الى 7 بالمائة.
الأرقام وليست الشعارات، هى من يتحدث عن النجاحات التى حققها بانى الوحدة اليمنية على عبد الله صالح، حيث انخفضت البطالة من 33 بالمائة إلى 18 بالمائة، وليرتفع الاحتياطى الاجنبى من العملات من تسعين مليون دولار إلى 6.4 مليار دولار، وانخفض العجز فى الموازنة العامة من 22 بالمائة إلى 3 بالمائة عام 2006.
وفى الوقت نفسه انخفض التضخم من 7،7 بالمائة إلى 2،8 بالمائة، وحقق اليمن نجاحا فى خفض معدل النمو السكانى ليتراجع من 3.7 بالمائة إلى 3 بالمائة، وهو فى طريقه إلى 2.2 بالمائة، ولأول مرة ينجح اليمن، وهو بلد من أغنى دول العالم بالمعالم الأثرية والسياحية، فى استثمار هذا المخزون الهائل.
لقد تبنى اليمن بقيادة الرئيس صالح برنامجا للاصلاح الاقتصادى ينفّذ على مراحل بالاتفاق مع البنك والصندوق الدوليين، وبعد تطبيق المرحلة الأولى من هذا البرنامج حدثت تغييرات جذرية فى عدة مجالات أشادت بها جميع المؤسسات الدولية.
وعود على عبد الله صالح فى حملته الانتخابية هى وعود حقيقية، تهدف إلى الغد الأفضل، فالاصلاحات التى حققها حتى اليوم مهدت الطريق إلى الدخول فى جيل ثان من الاصلاحات هدفها إحداث تغيير فى الدور الذى تلعبه الدولة، ليصبح هذا الدور نوعيا وفعالا، يتم خلاله تبنى برنامج للخصخصة يتسم بالشفافية ويهدف إلى تعزيز امكانيات النمو الاقتصادي، واليوم يشهد اليمن تجربة انتخابية هى على غير سابقاتها من التجارب، فنتائج الانتخابات لم تعد مرهونة بالحصص، ومرشح المعارضة لم يعد مرهونا بارادة الحكومة، ووسائل الاعلام لم تعد حكرا على الحزب الحاكم، الامر الذى دفع المراقبين إلى القول إن الانتخابات اليمنية تكسب زخما تنافسيا ديمقراطيا هو الأول من نوعه ليس فى اليمن، بل فى دول المنطقة عموما.
فى هذا الماراثون كما يطلق عليه اليوم، والذى يتجلى فى مشهد استحقاقى يمارسه الشعب اليمنى باقتدار، يتقدم الناخب اليمنى ليدلى بصوته يوم 20 سبتمبر وهو يعلم أن ما تحقق كبير، وأن ما يجب أن يتحقق أكبر، إلا أنه يعلم أيضا، أن على عبد الله صالح هو خير ربّان توكل إليه قيادة دفة السفينة فى هذا البحر المتلاطم الأمواج.
|