حسن عبد الوارث - شهدت عدة مجتمعات حالات قهر أو تنكيل أو تضييق أو مصادرة لمهنة الصحافة ولممتهنيها.
وقد تنوعت هذه الحالات بين مادية ومعنوية أو جسدية وفكرية .. وتعددت مصادرها بين رسمية وأهلية أو شخصية وقبلية.
وفي وضع السلم، مثلما وضع الحرب، تتوافر مثل هذه الحالات وتتجسد في صور ودلالات شتى ..
فهي ماثلة في نصوص تشريعية على هيئة محظورات تحد من حرية الرأي أو تُقوّض حركة مزاولة المهنة، أو على هيئة عقوبات كالحبس والجلد والمصادرة والحرمان من مزاولة المهنة أو النشر.
وهي ماثلة أيضا ً في ممارسات سياسية أو أمنية أو سواها؛ كالإعتداء على المهني أو أدواته المهنية أو المداهمة العنيفة للوسائط المهنية أو مواقع نشاطها أو غيرها من الأفعال الضارة – ماديا ً ومعنويا ً – بالمهنة وممتهنيها .
وهي ماثلة كذلك في النظرة الشخصية أو المؤسسية لهذه المهنة وممتهنيها، والتي غالبا ً ما تتصف بالاحتقار أو الانتقاص أو التهميش .. وهي حالة مرتبطة بثقافة فردية أو جمعية أو بعلاقة مشوهة بين المهنة والآخر.
وتأتي حالات الضرر بالمهنة وأهلها من خارج الإطار المهني في غالب الأحيان .. بَيْدَ أنه – في أحيان غير قليلة – يكون الضرر بها من داخلها ..
وفي هذا المشهد يذهب الكلام مذاهب شتى .. غير أن أية مهنة لم تتطهر من الدخلاء عليها – ومنظومة الأخلاق والممارسات الدخيلة عليها أيضا ً – ستظل عرضة ً للضرب تحت الحزام بأيدي منتسبيها.
وفي هذه المجتمعات – التي تشهد مثل هذه الحالات – تتأسس حركات أو تيارات حقوقية تعمد الى إعداد قوائم سوداء بأسماء الشخصيات والجهات التي توصف بأنها "أعداء الصحافة" في هذا المجتمع أو ذاك ..
وقد تطول هذه القوائم أو تقصر .. غير أنها تظل سوداء، وتظل مفتوحة، قابلة للإضافة أو الحذف أو التعديل ..
وهي تضم شخصيات وجهات متعددة الصفات المهنية أو الجهوية أو السياسية أو الفكرية .. غير أنها ستظل قاصرة جداً إنْ لم تضم عدداً من المنتسبين الى المهنة نفسها .. فالعدو الداخلي أخطر ألف مرة من العدو الخارجي.
حتى الآن، لم أتحدث عن تجليات هذا المشهد في الواقع اليمني .. ولن أتحدث البتة ... فقد بلغ بي الجُبْن حدَّاً أعجز معه عن طرد ذبابة حمقاء عن أنفي المزكوم!!
ولكنني أحيل هذه المهمة المهنية الهامة على زميلي محمد صادق العديني، وهو ناشط محموم في مضمار الدفاع عن الحريات الصحفية، لديه الكثير من المعلومات في هذا الإطار، برغم أنه إنسان موتور يستهدف الثورة والجمهورية والوحدة والحرية والتنمية والديمقراطية واللغة العربية والسينما الهندية!!
|