امين الوائلي -
كم هو سهل ورخيص جداً أن تجمع حولك نفر من المبندقين والعاطلين عن الفهم والعمل .. ثم تعتقد أنك في مزاج جيد ووضعية مناسبة تسمح لك بأن تعلن عبر " الأيام" البيان التالي :
" أنا فلان بن فلان بكامل قواي اللاعقلية .. أعلن أن الجنون مش عيب ولا حرام ، ولذلك قررت إقامة مملكة خاصة على كامل تراب المقبرة التي بسطتُ عليها والأرضية الخاصة بالجيران .. الذين سلموا أمرهم لله .. وسلموها لي نزولاً عند رغبة النضال السلمي – المسلح ، كما أؤكد .. وأؤكد أيضاً أن نضالي السلمي مستمر حتى آخر قطرة في دم الرعية ، وأعلن ترقيتي إلى رتبة "مدكوم" لأتمكن من تحقيق الأهداف التي ابتلاني بها رب المجانين .. أنتهى "!
ببساطة متناهية .. شيء كهذا يمكن أن يمنحك أفضلية لتصدر الصفحات الأولى لأيام .. وأن تصبح بطلاً – مع وقف التنفيذ طبعاً – على صدر الأيام .. وإذا وفقك الله وحالفتك بقية من حظ فسوف تجد واحداً على الأقل يدعو لك " يا مخارج الأخجف ".
حينها يمكنك البكاء من الضحك .. أو الضحك من البكاء .. لا فرق فقد صرت بطلاً .. ومناضلاً .. وعاطلاً عن الثقة والعمل ، تهانينا الحارة وعظم الله أجركم !.
يعتقد بعض الأخوة الألداء أن ( درهم جنون .. خير من قنطار عقل " ! وبعدين من قال لكم إن الجنون عليه ضريبة أو رسوم دمغة ؟ والمثل يقول ( ألف مجنون يعملون دولة في مقيل واحد ، ويختلفون فقط على مع من يبقى المفتاح ؟) وإذا لم يكن هذا مثلاً .. فإنه في طريقه ربما لأن يصبح كذلك .
لو كانت الدول تؤخذ بالبيانات والعنتريات الورقية لأقام كل واحد منا في ساعة واحدة مائة دولة وأسقط مائتين ولأتعبنا " الأيام " في إحصاء البيانات والإعلانات الجارفة !
ولو أن شعباً عظيماً كالشعب اليمني ، وهو الذي وظف التاريخ كاتباً لديه من أول الدهر ، سوف يتأثر أو ينهزم لمجموعة من المدكومين وسماسرة الفوضى والفتن .. لما صدقنا أن على هذه الأرض شعب يستحق شرف الحياة والذكر !,
بإمكان من شاء أن يقول ما شاء .. فالبلاد تنعم بالحرية ولا خوف على البلاد من كثير الحرية .. بل الخوف على الحرية من أعداء البلاد ، وقد ظهر أعداء كثر يلبسون أوراق الجرائد ويتحدثون بلسان فوضوي مهين ، ولولا هذه الديمقراطية والحرية الزائدة عن الحاجة لما اكتشفنا – مثلاً – كم لدينا من الجنون المبندق بالنضال السلمي المسلح ؟ ولما كشف كل صاحب وجهين عن وجوهه العشرة التي يحملها في الأوراق والملفات وخلف الضلوع أيضاَ .
وفي النهاية .. أظهرت الحرية أنها فضَّاحة .. تستدرج الفاعلين وتصفق لهم .. ليصبح الواحد منهم ممثلاً يعرض بضاعته على المسرح .. فنعرف كل واحد بما لديه .. هذا أفضل من أن تلدغنا الثعابين على حين غرة أو من وراء حجاب .. ويكفي أننا بتنا نعرفهم واحداً واحداً .. وهذا نصف الطريق للتخلص من أنيابهم الراعفة والسم الزعاف الذي لا نراه وليس مطلوباً في هذه الحالة أن نتخلص من شخوصهم تحديداً .. بل من شرورهم لا أكثر !
مختصر الكلام : البيانات المشحونة بالعظلات وثاني أوكسيد الزوبعة تساوي القليل من البطالة والجنون لا أكثر .. التاريخ لا ينكسر ولا يغير مساره لأجل أحد أو لإشباع غرور فاقد مصلحة وطالب صيد .. والعاقبة للوحدويين .
[email protected]