الأحد, 03-مايو-2009
الميثاق نت - خالد حسان خالد حسان -

لا أحد ينكر التعددية السياسية والمناخ الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا وجاء مقترناً بالوحدة المباركة التي فتحت المجال أمام الأحزاب للإفصاح عن نفسها والخروج من دهاليز السرية إلى العمل العلني، فأُعلنت الكثير من الأحزاب وأصبحت تمارس نشاطها بكل حرية ودون رقابة أو وصاية من أحد، وكذلك الحال بالنسبة لحرية التعبير التي فتحت الباب على مصراعيه أمام ظهور الإصدارات الصحفية ووسائل التعبير عن الرأي، ولعل الكم الكبير من الإصدارات الصحفية وما يتوافر لها من حرية تعبير تُمكنها من تناول كل ما يخطر على بالها من قضايا خير دليل على ذلك.
في أعتى الأنظمة والدول الديمقراطية وذات التقاليد الصحفية العريقة فإن الممارسة الديمقراطية لا تعني الفوضى، وحرية الصحافة لا تعني أبداً أن بإمكان الصحف النيل من الثوابت الوطنية، أو استغلال حرية الصحافة في نشر ثقافة الكراهية والتعصب المناطقي بين أبناء الوطن الواحد والإضرار بالوطن تحت أي مبرر وبأية درجة، الصحافة هي في الأساس أداة للبناء، لكن عندما تصبح منبراً لنشر الكراهية وعندما تمتلئ ببيانات وبآراء وتعليقات تعمل على الإضرار بالوطن، وتصور ـ عمداً وقصداً ـ أنَّ كل الأمور تسير من سيء إلى أسوأ، فإنها تتحول إلى وسيلة للهدم.
لا أحد ينكر أن هناك العديد من المشاكل والاختلالات التي يعانيها الجميع، ومن حق الصحافة أن تتناول كل المشاكل والسلبيات بالنقد وهو ما تمارسه فعلاً، ولكن أن تستغل ذلك وتوظفه التوظيف السيّء لإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية وزرع نيران الفتنة والحقد والكراهية والترويج للمشاريع الصغيرة المناهضة للوطن ووحدته واستقراره تحت أي مسمى وتحت أي مبرر فذلك ما لا يقبله أحد؛ باعتباره خروجاً عن قواعد المهنة الصحفية ويسيء إساءة بالغة لأخلاقيات المهنة، حيث تصبح الصحافة في هذه الحالة مُفسدة ومزعزعة لأمن المجتمع وللثوابت الوطنية ومناهضة للأخلاق والقيم.
ولكن يبدو أن بعض الصحف التي لها تاريخ طويل في بث الكراهية بين أبناء الوطن وذات سوابق في هذا المضمار أصبحت غير قادرة على تقمص أي دور غير دور نافخ الكير الذي جُبلت عليه، وهو ما تمارسه علناً وكأنه لا يطيب لها العيش إلا في الأجواء المشحونة بالحقد والكراهية، فبدلاً من القيام بدورها الوطني ـ الذي تدعيه ـ في ترسيخ الهوية الوطنية وتمتين أواصر التلاحم الوطني والحرص على الارتقاء برسالتها الإعلامية بما يحقق مصلحة الوطن ويحافظ على النسيج الاجتماعي، والإسهام في إزالة الظواهر السلبية نجدها على العكس من ذلك تماماً، حيث تعمل على تكريس ثقافة الكراهية والتعصب.
إن أسلوب التغاضي عن خرق الديمقراطية وترك الحبل على الغارب في مسألة ممارسة حرية التعبير بهذه الصورة التي تنتهجها بعض المطبوعات الصحفية يلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية، الأمر الذي يفرض علينا عدم التغاضي عن كل هذه الممارسات من أجل حماية الوحدة الوطنية، خاصة وإن هناك العديد من الصحف الأهلية والحزبية التي تستغل حرية التعبير المتاحة للإضرار بالوحدة الوطنية والتحول إلى بوق في أيدي دعاة المناطقية ومثيري الحقد والكراهية، وما يبعث على الاستغراب أن بعض هذه الصحف الأهلية تدعي أن لديها ميثاق شرف مهني يحكم عملها، فأي ميثاق شرف هذا الذي يُجيز لها الإضرار بالوطن وزرع الحقد والبغضاء بين أفراده؟!.
ألا تتفقون معي أن الصحافة النظيفة هي تلك التي تؤدي دورها بشكل أمين ونزيه بعيداً عن الغايات الشخصية والاعتبارات الضيقة وأنه متى ما حادت عن ذلك الدور فإنها أخطأت الطريق ولا تصيب الهدف مطلقاً!!
ألا تتفقون معي أن ما تقوم به بعض الصحف في بلادنا - هذه الأيام - ليس في مصلحة الرسالة السامية للصحافة، وأن ما نقرأه هنا وهناك من أخبار ومقالات تخدم أهداف وغايات خاصة وفي اتجاه مغاير للمصلحة العامة وكأن الوطن والمجتمع لا يهمانها أبداً, وأن ما تقوم به هذه الصحف لا يعتبر عملاً صحفياً, ويجب التفتيش عن اسم يلائمه بعيداً عن هذه المهنة الشريفة!
وأخيراً ألا تستغربون معي لماذا هذا السكوت والتغاضي والتسامح مع هذه الصحف التي توغل في زرع الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد!
[email protected]
عن: الجمهورية
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-10136.htm