يحيى علي نوري -
ادّعوا زوراً وبهتاناً بأنهم ثلة من المؤمنين بالحوار والساعين إلى الانتصار لمثل وقيم الديمقراطية.. وعمدوا- لإثبات ذلك- إلى إقامة لقاء تشاوري زعموا أنه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو خدمة الوطن وملامسة مختلف قضاياه.
لكنهم وبالرغم مما أعدوه من هالة إعلامية لتشاورهم هذا، وقعوا سريعاً في »مشكلتهم« التي لم يدركوها بعد، والتي ستظل تحول بينهم وبين مشاكل وطنهم.. ومشكلتهم باختصار لاتحتاج إلى تشخيص دقيق وعميق فهي تتمثل في انفصام شخصيتهم بين الديمقراطية واللاديمقراطية، وبين الحوار واللاحوار، وبين الثوابت الوطنية واللاثوابت، وبين الثبات في المواقف السديدة والانغماس بمواقف المزايدة والمناكفة.
وتلك المشكلة أظهرت تشاورهم ذلك وكأنه تشاور الطرشان- وجسدوا لوحة من التمترس في مواجهتهم لكل شيء يعتمل على الساحة الوطنية وأعلنوا رفضهم للآخر وجادلوا أنفسهم بإسهاب بما يشتهونه ويدفعهم إليه ميولهم وأمزجتهم الجامحة والرغبة في تهميش الآخر بل والذهاب بعيداً عن الأهداف الوطنية المرتجاة من لقاء كهذا.. وهم بذلك قد عقدوا العزم على مواصلة أساليبهم التطفيشية وأكدوا استمرارهم تلويث المناخات الديمقراطية وتشويه القضايا والمستجدات التي تشهدها الساحة الوطنية.
وبذلك كانت نتيجة ما أعدوا له ينطبق عليها القول الشعبي المشهور »اللقية سود«، ما يعكس عقلياتهم وضمائرهم السوداوية تجاه قضايا وطنهم.. ونتيجةً لذلك خرجوا بحوار الطرشان الذي مارسوه باقتدار، عبر التكريس المتعمد الهادف تحويل كل اشراقة يعيشها وطنهم إلى حالة احتقان.. ولكن هيهات لهم ذلك.. فشعبنا وقواه الحية الفاعلة يدركون فظاعة ما يواجهه الوطن اليوم من تآمر يلزم على الجميع التصدي له بروح من المسؤولية والشفافية وبعيداً عن الاستغلال الرخيص لتلك المشكلات وتسخيرها خدمةً لأجندة حزبية ضيقة وصفقات تجارية غير مشروعة، وافساد يتم خلف اقنعة يرتديها واعضون زوراً وبهتاناً.. زادتها مآساوية عقولاً تعيش أرذل العمر..
وتحسب أنها تعيش العصر الحديث وتعي تحدياته وتحمل هموم الوطن.
خلاصةً هذا هو الإخفاق الجديد الذي يسجله أدعياء الحوار دون وعي، ويضيفون عبثاً جديداً إلى رصيد اخفاقاتهم الوطنية، لذا ستظل ممارساتهم تلك مجرد فقاعات تُطلق من حين لآخر لكنها عاجزة كل العجز عن تحقيق أحلامهم المريضة.