عبدالعزيز الهياجم -
القمة اليمنية السعودية التي من المقرر أن تجمع اليوم الأحد في الرياض فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، على درجة كبيرة من الأهمية.. والاهتمام العربي والدولي بالنظر إلى حجم التطورات والمستجدات الإقليمية والأوضاع في المنطقة.
ويرى المحللون أن هذه القمة بين قيادتي البلدين الشقيقين الجارين ستبحث بالدرجة الأولى ما يخدم مصلحة البلدين والشعبين وأمنهما واستقرارهما على اعتبار أن أمن اليمن هو أمن للمملكة والعكس، وبالتالي ستضع النقاط على الحروف بشأن الالتزام بنهج المسار الواحد الذي اختطه البلدان بفضل القيادتين الحكيمتين في اليمن والمملكة.
وفي اعتقادي أن ما ستخرج به هذه القمة الثنائية سيشكل رسالة قوية لكل أولئك الذين ظلوا يشككون أو يحلمون بعلاقات ليست متميزة أو متينة بين الشقيقتين والجارتين اليمن والمملكة.. وَلَمْ يدركوا أنهم وحدهم بقوا «محلك سر» في حين أن علاقات البلدين تجاوزت كل تبعات وظروف المراحل الماضية وانطلقت ليس فقط نحو أفق علاقات ممتازة وإنما علاقات استراتيجية.
والمتأمل لمسيرة علاقات البلدين في مختلف المراحل السابقة يلمس أن حسن النوايا والتعامل المسؤول كان دوماً هو الوقود الذي ينطلق بعلاقات البلدين وكان هو الأفق الذي يبدد أي هواجس أو أي سحب صيف قد تعتري هذه العلاقات.
وربما أنه بعد تحقيق الوحدة اليمنية كانت بعض الأطراف في المنطقة تتخوف من توجهات وسياسات الدولة الوحدوية الجديدة وانعكاساتها على الأوضاع في الإقليم.. لكن شيئاً فشيئاً أثبتت القيادة السياسية اليمنية أن اليمن الموحد هو عامل أمن واستقرار للمنطقة وجسدت ذلك عملياً بحل كل المشاكل والخلافات الحدودية مع الجيران.
وكان من ذلك معاهدة جدة الحدودية الدولية في 12 يونيو 2000م التي طوت إلى الأبد صفحة الخلاف الحدودي وفتحت صفحة جديدة في علاقات البلدين عنوانها المصالح المشتركة واستراتيجية التعاون الأمني والتنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب والتصدي لكل العناصر التي تمس بأمن المملكة من داخل اليمن أو بأمن اليمن من داخل المملكة.
وأكثر من ذلك بلغت درجة العلاقات الاستراتيجية بين اليمن والسعودية حداً لمسه الجميع في الآونة الأخيرة وتمثل في التنسيق السياسي وتوحيد المواقف تجاه قضايا الأمة والتطورات في منطقة الشرق الأوسط وما يتصل بالسياسات الدولية.
هذا التقارب والتوافق والتنسيق السياسي اليمني السعودي أراد أن يضع حداً لكل دعوات وتصنيفات من يقسمون بلدان المنطقة العربية بين «دول اعتدال» و«دول ممانعة».. وأرادت من خلاله القيادتان السياسيتان الحكيمتان أن تنحازا لما يحقق المصلحة العليا للأمة وليس الانجرار وراء نزعات لا تهمها مسألة التصدع العربي وإنما اللهث وراء أدوار وبطولات وعنتريات.
واليوم يعلم الجميع أن المملكة مواقفها واضحة من اليمن ودعم أمنه واستقراره وتنميته والحفاظ على وحدته.. وأن مواقف اليمن واضحة تجاه الشقيقة والجارة الكبرى المملكة العربية السعودية التي تمثل ثقلاً كبيراً في المنطقة وتلعب دوراً رئيسياً تجاه مختلف القضايا الإقليمية والعربية والدولية ولا يمكن لأحد تجاوزه باصطناع تحالفات أو المراهنة على التناقضات أو لعب أدوار عبر تقسيمات الاعتدال والممانعة وبالتالي فإننا في مسار واحد مع المملكة ولا شك أن ما ستخرج به قمة الرياض اليوم ستلبي تطلعات البلدين والشعبين.
السعودية بلد محوري في المنطقة واليمن تقف إلى جانبها لكل ما يحقق التضامن والعمل العربي المشترك، ويخدم مصالح الأمة وقضاياها.. واليمن الموحد هو أيضاً بقدر ما يثمن مواقف المملكة الداعمة لوحدته وأمنه واستقراره فهو على ثقة بأن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الدعم التنموي وتأهيل الاقتصاد اليمني سواء عبر المشاريع الممولة في اليمن أو عبر استيعاب العمالة اليمنية التي هي جزء من النسيج الاجتماعي لهذه المنطقة وتستحق أن تحظى بالأولوية والاهتمام لما فيه مصلحة اليمن ومصلحة الأشقاء في المملكة أو باقي بلدان المنطقة.