محمد انعم -
ظلت الوحدة قضية الشعب اليمني طوال عقود من الزمن، وتصدرت أولويات مهام الحركة الوطنية وأهداف الثورة اليمنية »٦٢سبتمبر ٢٦٩١م و ٤١اكتوبر ٣٦٩١م« المجيدة.. فلم تكن الوحدة مجرد صفقة تجارية أو سلعة مخصصة للعرض فقط يمكن سحبها من الأسواق بعد انتهاء مدة العرض، كما أن اليمن وطن لأبناء الشعب اليمني الحر والمتحرر من الوصايات والتبعية وغيرها من أشكال العبودية ،ويرفض رفضاً قاطعاً الخطاب المتعجرف والمتغطرس الذي يحاول ويتعمد التعامل مع شعبنا اليمني العظيم بتعالٍ وتكبر ويرون الوطن وكأنه مزرعة أو »كلخوز« خاص يخضع لأمزجة قيادات الأحزاب بثقافتها المتخلفة ..
ان مشاكل اليمن وأزماته الحقيقية وتحديات الحاضر والمستقبل هي أكبر من أن يدركها أناس أو أحزاب تفكر بعقلية قطَّاع الطرق يرون أن الوطن مجرد غنيمة يجب أن يقسم بينهم ما لم أشعلوا نيران الفتنة في البلاد لتأتي على الأخضر واليابس..
أمثال هؤلاء المرتزقة والمرضى لا يدركون أن تطور الشعوب ونهضة الأوطان هي معركة صعبة جداً ولا يمكن أن ننتصر فيها إذا تقدّم الصفوف المتآمرون والمنافقون والدجالون واللاهثون وراء المال وذوو العقليات المتحجرة والمنغلقة، وأصحاب الأفكار القروية والمناطقية والمذهبية والعنصرية.. الخ، بدليل أن الخطر الحقيقي الذي يواجه الوحدة ومشروعنا النهضوي هو آتٍ من أوحال هذه المستنقعات القذرة بدرجة رئيسة.. فيما مشكلتا الأراضي والمتقاعدين مجرد ذريعة يتم استغلالهما لتضليل الرأي العام بهدف تمرير مخطط كارثي يستهدف تدمير اليمن وإهلاك شعبه.
اعتقد أن المتوافر لدينا من المعلومات والمواقف المنشورة علناً والتي يطلقها دعاة الفتنة بشكل صريح تجعلنا نضع تصوراً أقرب الى الاصل لمخططهم التآمري الذي يسعون لتنفيذه، والذي يبدو مرعباً وكارثياً إذا قمنا بإسقاطه على الواقع، فيما لو قدر الله ونجحوا في تنفيذه.
وتتمثل أبرز ملامح سيناريو المؤامرة في التالي:
- إن محاولة الانفصال ستشعل حرباً أهلية طاحنة في البلاد عموماً وفي المحافظات الجنوبية والشرقية على وجه الخصوص وهي مواجهات ثأر دامية ستكون أبشع من أحداث 13 يناير 1986م.
- ان الحزب الاشتراكي سيسعى للعودة الى الحكم بالقوة ،ولضمان ذلك فعليه القيام بعمليات تصفيات وتطهير لامثيل لها لكل من يقف مخالفاً له.. وإن لم يحكم فإنه سيتم حله نهائياً ومحاكمة كل منتسبيه وتصفيتهم في عملية اجتثاث بشعة لن ينجو منها أي عضو من أعضائه.
- يهدف بعض السلاطين والمرتزقة من وراء حملة الشعارات الزائفة والوعود العسلية التي يطلقونها من أجل زج المواطنين كوقود لمعارك وحروب قذرة يسعون لإشعالها في محاولة لاستعادة سلطناتهم ومشيخاتهم وإماراتهم التي أسقطها شعبنا إبان الكفاح المسلح في ستينيات القرن الماضي.
- يركز سيناريو المؤامرة على استخدام ابشع سلاح تدميري لإبادة أبناء الشعب اليمني وضرب السلم الاجتماعي من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية والقبلية والسلالية والانفصالية وغيرها من الدعوات الجاهلية المقيتة، وهذا يؤكد ان لاحدود للمؤامرة وأن مخالبها ستعبث بكل أبناء الأسرة اليمنية الواحدة ولا عاصم لدمائهم أينما كانوا، وإلى أي منطقة أو قبيلة أو حزب ينتمون.
- سيناريو المؤامرة يهدف لأن تكون اليمن أكبر سوق لتجار أسلحة الموت الدوليين، وبوضع كهذا يذهب المتآمرون لمعالجة مشاكل الأراضي والبطالة والفقر بتحويل اليمن إلى أكبر مشروع استثماري لحفاري القبور، كما سيتم معالجة قضايا الشباب وزيادة النسل بتطبيق بشاعة ورعب نظريتي مالتوس ولاسال..
- يقوم بتنفيذ سيناريو المؤامرة تحالف إرهابي يضم ميليشيات الشموليين والجهاديين وعناصر »القاعدة« وغيرهم من المتطرفين، وأعداء الوحدة والذين أعلنوا »الجهاد« ليس من أجل العودة إلى تشطير اليمن الواحد، وإنما لاسقاط الدولة اليمنية، ومحاولة تطبيق نموذج »طالبان« أو إمارات لفرق القتل والموت.
- إن إعلان طارق الفضلي حدود أراضيه الى جبل حديد فيه تأكيد صريح أن لا تصالح أو تسامح وأن قضيته هي استعادة سلطنته المزعومة وما على المواطنين القاطنين أو الساكنين فيها إلا العودة الى عبوديته أو القبول بتهجيرهم ورميهم الى البحر كما يفعل القراصنة .. وهذا واحد من نماذج حل مشكلة الأراضي الذي سيتم تطبيقه على الواقع لو نجحت المؤامرة.
- يركز السيناريو على اشاعة الفوضى وتحويل اليمن الى أوكار تتحكم بها المافيا العالمية وعصابات صهيونية وبتسهيل من البيض والعطاس وأذيالهما وستقوم بنهب الثروات النفطية والغازية وغيرها من الثروات اليمنية، ولن يجرؤ أحد الحديث عن تقاسم الثروة كما هو واضح في أرض العراق.
- تصفية أصحاب الفضيلة العلماء والوجاهات الوطنية في حضرموت والمهرة وشبوة انتقاماً من هذه المدرسة العظيمة التي نشرت الاسلام في كثير من بقاع الأرض وماتزال الى اليوم على أيادي جهاز الموساد أو على ميليشيات الموت وفرق القتل الليلية.
- انهيار كامل للدولة والعودة للاحتكام الى قانون القوة وتدمير عدة أجيال يمنية في صراعات عبثية بشعة.
- محاولة القضاء على الديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والتعبير، وضرب العملية التنموية عبر أعمال العنف والتخريب وعمليات الارهاب.
اعتقد أن هذا هو جزء من المؤامرة التي تستهدف بلادنا وشعبنا وبقية التفاصيل بالتأكيد ستكون أشد بشاعة ووحشية.. وهذا يجعل الجميع مطالبين بتحمل المسؤولية الوطنية والدينية.. ومن أعماه حقده ويرى سيناريو غير ذلك فليتحدث للرأي العام عنه، وهنا لا ندري كيف يمكن أمام فساد كهذا يهلك الحرث والنسل أن يتم مقارنته بالفساد الذي يتهم به النظام اليوم ولسببه لا تتورع بعض قيادات الاحزاب وبعض السذج من المجاهرة بالدعوة للانفصال دون حرج؟
حقاً ان شعبنا يواجه مؤامرة حقيقية ويجب عليه أن يستيقظ ويستوعب كل السيناريوهات التي تُخطط ضده بعد أن فشل أعداؤه من تحقيق مآربهم، لأنه أصبح أكثر قوة وصلابة بفضل الوحدة.
- إن المتباكين على الوحدة لا يستطيعون أن ينكروا بأنهم قد استُدرجوا لارتكاب أخطاء تاريخية لا تغتفر، وعليهم أن يراجعوا سياساتهم وألاّ تأخذهم العزة بالإثم ويظلوا يكابرون بأن البيض والعطاس وغيرهما ليسوا انفصاليين بعد اليوم.
< أخيراً:
حقاً لا يملك دعاة التجزئة أي مشروع وطني واضح يعبر عن طموحات وتطلعات أبناء الشعب أو يترجم آمالهم وأحلامهم أو يعالج مشاكلهم أو همومهم التي يعانون منها.. كما أن هؤلاء المأزومين لا يحملون أي نموذج بديل للتغيير عبر أساليب ديمقراطية وسلمية، زد على ذلك أنهم يعملون للعودة بشعبنا ليس إلى عهد البراميل وإنما إلى حياة يتحكم فيها تحكماً مطلقاً قانون الغاب..