أ.د. سيف العسلي -
لقد أطلقت مبادرة فخامة الأخ الرئيس -حفظه الله- لإصلاح النظام السياسي في اليمن من خلال الإصلاحات الدستورية والقانونية نقاشا واسعا ليس فقط بين النخب السياسية ولكن بين مختلف شرائح وفئات المجتمع اليمني.
وتأتي هذه الورقة مساهمة مني في هذا النقاش. فهي تحاول ان تلفت نظر المهتمين الى الخلفية التاريخية لهذا الموضوع والى الجوانب الفنية والأساسية
التي -أرى أنها اذا أخذت حظها من الاهتمام -ستعمل على التوصل الى اتفاق حول العديد من المعالم التي من المتوقع ان تمكن اليمن من اختيار النظام السياسي الأكثر ملاءمة له.
فمن المؤكد ان النظام السياسي اليمني عبر التاريخ قد تأثر بخصائصه الجغرافية والسكانية والاقتصادية. فعلى سبيل المثال فانه قد كان للتنوع الجغرافي في اليمن تأثير واضح على نظامه السياسي. فجغرافية اليمن تتميز بالتفاوت الكبير في التضاريس والمناخ وبالتالي في الموارد الطبيعية. فبعض مناطق اليمن شديدة الوعورة والبعض الآخر أراضٍ منبسطة. وتتمتع بعض المناطق بمناخ معتدل والبعض الآخر بارتفاع كبير في درجات الحرارة. ويتفاوت معدل هطول الأمطار من منطقة الى أخرى. وتبعاً لذلك فان بعض مناطق اليمن تملك أراضي صالحة للزراعة ومعدل مقبول من الأمطار في حين تعاني الاخرى من التصحر الشديد. ونتيجة لذلك فان الكثافة السكانية تختلف من منطقة الى أخرى.
و كذلك فقد كان للنشاط الاقتصادي المعتمد على التجارة الدولية تأثير كبير على النظام السياسي في اليمن.في الماضي كانت التجارة هي المصدر الرئيسي للثروة. ولذلك فقد قامت العديد من التجمعات السكانية على طول طريق البخور الذي امتد من المهرة مروراً بحضرموت ثم شبوه فمأرب فالجوف. وقامت كذلك تجمعات سكانية على بعض طرق التجارة في الجنوب الغربي من اليمن أي في عدن وتعز.
وعندما انهارت تجارة البخور حلت الزراعة كمصدر رئيسي للثروة. ولذلك فقد قامت تجمعات سكانية صغيرة ومتناثرة على طول السلاسل الجبلية الغربية والتي تمتد من صعدة حتى باب المندب وعلى بعض القيعان والأودية المتناثرة على المرتفعات الوسطى.
وكذلك فقد اثر موقع اليمن «الجيوسياسي» على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي على الأوضاع السياسية فيه. فإلى جانب تأثير ذلك على ما تتمتع به اليمن من ميزات تجارية واضحة فانه قد اثر على الجوانب الاجتماعية. وقد ترتب على ذلك قدر كبير من انفتاح على السواحل. ولا شك ان هذا الانفتاح قد تعارض مع الانغلاق الكبير الذي ساد في المناطق الزراعية - أي في المرتفعات الغربية والوسطى.
ونتيجة لذلك فقد كانت هناك خاصيتان أساسيتان للثقافة اليمنية، هما: الاعتزاز الكبير بالهوية الوطنية اليمنية وفي نفس الوقت الاعتزاز الكبير بالهوية المحلية القائمة على أساس الانتماء القبلي أو المناطقي. وكما هو معروف فان ذلك قد أدى الى تصارع الهويتين على مر الزمان، الأمر الذي انعكس على طبيعة النظام السياسي اليمني.
فقد ترتب على هذا التصارع قيام أنظمة سياسية مختلفة تعكس هاتين الميزتين الثقافيتين. ان ذلك هو ما يفسر حدوث عدم الاستقرار في بعض مراحل تاريخية مختلفة في اليمن وكذلك وقوعه تحت الاحتلال الأجنبي. ويتمثل ذلك في قيام دويلات صغيرة في «اليمن الكبرى، قبل الإسلام مثل (قتبان، اوسان، حضرموت، سمعى، اربع، جبا، تفيد، مراثد، رعن). وكذلك فانه قد شهد ثلاث دول كبيرة هي «معين وقتبان وسبأ» وخضع للاحتلال الأثيوبي والفارسي.
تمثل دولة معين اكبر دولة في تاريخ اليمن. من الملاحظ ان لفظة معين التي عرفت فيه هذه الدولة لا ترمز الى اسم الأسرة الحاكمة وإنما ترمز الى رخائها او الى اسم عاصمتها. وقد امتد نفوذ هذه الدولة ليشمل اليمن بكامله وشمل ايضا مناطق خارج اليمن والتي امتدت الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط وإيران وأعالي الحجاز. بل ان البعض يرى ان نفوذ هذه الدولة قد امتد الى كل من فلسطين ومصر وبعض الجزر اليونانية(دبلوس). وقد مثلت هذه الدولة المركز الرئيسي للثقافة العربية قبل الإسلام.
وعلى الرغم من كون الحكم فيها كان ملكياً وراثياً إلا انه لم يكن شديد المركزية وكان استشارياً . فالملك يستشير أقاربه ورجال الدين وشيوخ القبائل ورؤساء المدن. وقد كان لكل منطقة او مدينة من يمثلها في الحكومة المركزية. وكان كذلك للملك من يمثله في المقاطعة او المدينة. ولذلك فالملك لم يكن مطلق التصرف.
وقد كان التقسيم الإداري لهذه الدولة يقوم على أساس المحافد والذي يتولى الحكم فيه كبير باسم الملك الذي تفرغ للمسائل العليا. وكان يتم اختيار ما أطلق عليه بالكبراء من قبل عامة الناس. وقد كان لهم دور يجتمعون فيها لمقابلة الناس والبت في الأمور الهامة والفصل في الخصومات.
ومن الواضح ان اليمن والمناطق الخاضعة له قد تطورا تطوراً كبيراً إبان فترة حكم هذه الدولة. والأمثلة على ذلك كثيرة ولعل من أهمها طرق الري والقوانين المنظمة للتجارة وطرق الادارة وغيرها من المجالات.
أما الدولة القتبانية فقد قامت على أجزاء كبيرة من اليمن. وامتدت هذه الدولة من الجنوب الغربي من اليمن (باب المندب)، الى عدن في الجنوب والى بيحان في الشرق. وقد كان نظام الحكم فيها ملكياً وراثياً يميل الى المركزية. اذ انه كان يقوم على التمييز وبشكل واضح بين سكان الريف وسكان المدينة. وعلى الرغم من وجود مجالس حكم محلية في كل من القرى والمدن إلاَّ ان وظائف هذه المجالس كان استشارياً في الغالب. ولذلك فان السلطة الحقيقية كانت في يد الملك. ومن الواضح ان هذه الدولة قامت في إطار التنافس على الثروة. والدليل على ذلك ان معظم النقوش التي تحمل شعار هذه الدولة قد حملت نصوص تتعلق بالضرائب وقوانين التجارة.
أما الدولة السبئية علم تقم على أساس التراضي وإنما على أساس القوة والحروب، التي لم تقتصر على تلك التي قامت بين الدول التي كانت قائمة آنذاك وإنما امتدت لتشمل الحروب بين العوائل المالكة نفسها وبينها وبين المناطق الخاضعة لها.
فمن المعروف أن مؤسس الدولة السبأية هو الملك عبد شمس الملقب ب«سبأ» لأنه أول من مارس السبي في الأرض اليمنية. ولا شك ان ذلك يدل على تعطش هذا الملك للسلطة والتوسع حتى لو ترتب على ذلك تحويل بعض اليمنيين الى عبيد.
ومما يؤيد ذلك كثرة الحروب التي خاضها هذا الملك مع كل من بقايا الدولة المعينية او الدولة القتبانية وكذلك مع العديد من مشايخ وأمراء المناطق اليمنية.. وقد ورَّث هذا الأسلوب من التعامل مع اليمنيين لأبنائه.
فالانتصارات التي سجلها نقش النصر الشهير- والذي عثر عليه في معبد صرواح- هي في الحقيقة تسجيل لانتصاراته على اليمنيين وليس على الأعداء الآخرين وذلك بهدف السيطرة والتوسع وليس بهدف حماية الدولة ولا الدفاع عنها.
ومما يشير الى أسلوبه في الحكم غير الديمقراطي ادعائه -كما ورد في النقش المذكور -انه قد أصبح ملكاً على اليمن بأمر من الآلهة وليس بسبب اختيار الشعب له. ولذلك فقد جمع بين السلطة السياسية والسلطة الدينية. ونتيجة لذلك لم يتورع عن اعتبار المناطق اليمنية التي استولى عليها إقطاعيات خاصة مملوكة له.
وكما يشير النقش المذكور فقد شغل هذا الملك في إقامة التحصينات العديدة حول المدن والمناطق اليمنية التي استولى عليها. فقد احتوى النقش المذكور على عدد الممالك التي سقطت في قبضته وعدد الملوك الذين حولهم الى عبيد. فقد تضمن النقش المذكور أسماء المناطق التي غزاها ومن ضمنها المعافر (الحجرية) واوسان ويافع ودثينة وحضرموت والجوف وهرم ونجران وغيرها.
ان ذلك يدل بدون شك على ان نظام الحكم السبئي -و وريثه الحميري- كان حكماً مركزياً استبدادياً كهنوتيا. ومما يؤكد ذلك أثار بذخ هذه الدولة والتي ما زالت باقية الى يومنا هذا وخصوصاً فيما يتعلق بالمعبد والقصور الملكية في كل من صرواح ومأرب والقلاع السبيئة والحميرية المنتشرة في معظم مناطق اليمن.
والأكثر أهمية هو انه وسع أملاك قبيلة فيشان والتي كان ينتمي إليها. وقام بتعلية قصره سلحين في مأرب. لم يتورع في الحديث عن الأراضي الكبيرة التي انتزعها من ملاكها وإضافتها الى ممتلكاته الخاصة او ممتلكات قبيلته.
وعلى الرغم من رفع هذه الدولة لشعار توحيد السبئيين حتى يكونوا يداً واحدة فان ما تحقق في الواقع كان هو تفرق أيدي سبأ والذي عكسه المثل المشهور الذي ما زال يردد حتى الوقت الحاضر. فقد قاوم العديد من اليمنيين هذه القبضة الشديدة الامر الذي أدى الى قيام تحالفات واسعة بين الحكم المركزي وبين الاقطاعيين في مختلف المناطق اليمنية. لكن ذلك ما لبث ان عمل على تقوية سطوة الاقطاعيين الامر الذي أضعفهم واضعف السلطة المركزية في نفس الوقت. فتحت ضغوط هؤلاء فما لبثت الدولة المركزية أن تقدم التنازلات تلو التنازلات. ومما يدل على ذلك التغيير المستمر لاسم المملكة من مملكة سبا الى ملوك سبا وذي ريدان الذي أشار الى تقسيم اليمن الى مملكتين الأولى والتي احتفظت باسم مملكة سبا وكانت خاضعة لأحفاد كهلان بن سبأ من غير حمير. أما الثانية فقد سمَّت نفسها «ذي ريدان» وكانت خاضعة لأحفاد حمير بن كهلان بن سبأ.
وقد عمل ذلك على استمرار الصراع بين الجانبين وبدون انقطاع. ولقد ترتب على ذلك انقسام اليمن الى العديد من مناطق النفوذ مما حولها الى ما يشبه الحكم الفيدرالي. والدليل على ذلك هو تطور لقب المملكة الى لقب «ملوك سبا وذي ريدان وحضرموت ويمنت» ما حولها من الأعراب. لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل عملت الصراعات بين ملوك هذه المناطق على تشرذم البلاد اليمنية الى مشيخات وإمارات صغيرة غير قابلة للبقاء والاستمرار.
ونتيجة لذلك فقد استنجدت هذه المناطق بالحبشة التي لبت الطلب واحتلت اليمن. لكن المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحميريين لم تقبل بالاحتلال الحبشي واستمرت هي الأخرى بالمقاومة وبالتالي فإنها سعت للحصول على عون الفرس الذين لبوا ذلك فأخرجوا الحبشة من اليمن ولكنهم حلوا محلها كمحتلين.
وهكذا نلاحظ ان أسلوب حكم المعين كان هو الأفضل لليمن لأنه مكنها من الاستقرار الداخلي والنفوذ الخارجي. ولذلك فقد يكون من المناسب اتخاذ ذلك أساساً لتطوير النظام الحالي وبما يتلاءم مع التطورات الجديدة وروح العصر.
ففيما يخص التطورات الجديدة فان كلا من التجارة والزراعة لم تعد هي المصدر الأساسي للثروة. في اليمن. صحيح أن مصدرها في الوقت الحاضر هو النفط، لكن المؤشرات المتوافرة حالياً تدل على محدوديته وبالتالي لا يمكن التعويل عليه كمصدر للثروة في المستقبل.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فلا زال الريف اليمني يعيش فيه ما لا يقل عن 70% من السكان. وفي ظل معدل النمو السكاني المرتفع والذي يصل الى حوالي 3% فان الموارد الزراعية لا يمكن ان توفر لهؤلاء حتى الحد الأدنى من العيش. والأكثر أهمية ان هؤلاء يعيشون في تجمعات سكانية متناثرة تفوق ال «130» ألف تجمع سكاني. ولا شك ان هذا التشتت الكبير يجعل تكاليف تقديم الخدمات الأساسية لهم تفوق أي تصور.
ولذلك فإن من أهم أولويات النظام السياسي البحث عن مصادر جديدة للثروة والتقليل من التشتت السكاني الحالي. وذلك يتطلب التوفيق بين الانتماء الوطني والمحلي. ففي ظل عدم النجاح في ذلك فانه سيجعل من العسير العمل على إنشاء مناطق اقتصادية جديدة تستوعب هذا الكم الهائل من السكان برغم ما يتمتع به اليمن من موارد طبيعية وميزات نسبية.
ولذلك فانه من المناسب السير في اتجاهين وبشكل متزامن. ويتمثل الاتجاه الأول في تطوير المناطق السكانية الحالية بما يعمل على تحسين معيشة السكان في الاجل القصير على الأقل. في حين يمثل الاتجاه الثاني تطوير مناطق سكانية جديدة تمكن من انتقال بعض سكان المناطق السكانية الحالية إليها وذلك في الآجل المتوسط والآجل الطويل.
بالاضافة الى ذلك فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاقتصاديات الحديثة. ان ذلك يتطلب تركيز الاستثمار في البنية التحتية الضرورية. ولاشك ان ذلك يعطي لعملية التخطيط أهمية لا تقل عن عملية التنفيذ. فإذا كان من الممكن تفويض التنفيذ للإدارات المحلية فإن عملية التخطيط لا بد وان تبقى مركزية. ولا شك ان المواءمة بين الاتجاهين يحتاج الى قدر كبير من التخطيط والتنسيق والتقييم والمراجعة. ولا شك ان ذلك يتطلب تطوير رؤى إستراتيجية وخطط محددة ووسائل فعالة.
إنني اعتقد ان النظام السياسي المناسب لليمن هو ذلك النظام الذي يعيد توزيع الاختصاصات بين كل من المركز والمحليات وليس إحلال أحدهما محل الأخر. ولذلك فان ما يثار من نقاشات حول أفضلية النظام البرلماني على النظام الرئاسي أو العكس هو حوار لا فائدة منه. وكذلك فان ما يثار من نقاش حول كفاءة الحكم المحلي واسع الصلاحيات مقارنة بالنظام المركب مثل «الفيدرالي» لن يكون مفيداً لليمن.
فعلمية نقل السلطات أو الصلاحيات من المركز الى المحليات بشكل عشوائي ليس ممكنة في حالة اليمن لان هذه المحليات ليست مؤهلة لذلك. وكذلك فان احتفاظ المركز بصلاحياته الحالية غير ممكن لعدم قدرتها على تلمس احتياجات المحليات. إن ذلك يتطلب إيجاد مزيج من السلطات المركزية والمحلية بما يتناسب مع ظروف اليمن. ومع السعي لتغيير هذا المزيج كلما تغيرت الظروف الموضوعية في كل من المركز والمحليات.
في هذا النظام السياسي المناسب -من وجهة نظري- لليمن فانه لا بد ان تلعب مؤسسة الرئاسة دوراً أساسيا فيه. إنها ترمز الى الهوية الوطنية وبالتالي فانها لا بد ان تكون حامية لها حتى لا تطغى الرموز المحلية عليها. ولذلك فانه من المناسب ان يكون الرئيس هو المسؤول الأول عن الدفاع وبالتالي فإنه ينبغي ان يخول تعيين كل من وزير الدفاع ورئاسة الأركان وكبار ضباط الجيش. وكذلك فمن المناسب ان يتولى إدارة العلاقات الخارجية وبالتالي فانه لا بد وان يخول تعين وزير الخارجية والسفراء. وهو ايضاً الذي يحق له اعتماد سفراء الدول لدى الدولة.
ولضمان فعالية مؤسسة الرئاسة فانه لا بد وان يخول رئيس الجمهورية الاستعانة بما يراه مناسباً من المؤسسات المستقلة عن الحكومة مثل جهاز الأمن القومي والمجلس الوطني للخدمة المدنية ومجلس الإشراف على الإعلام.
وينبغي ان تظل السلطة القضائية مستقلة. ومن أجل تحقيق ذلك فان رئيس الجمهورية هو الذي يرشح أعضاء السلطة القضائية العليا ويرسل ذلك الى مجلس النواب الذي يجب أن يقر ترشيحه أو يرفضه. واذا رفض المجلس هذه الترشيحات فان على رئيس الجمهورية ان يقدم مرشحين جدد.
وقد يكون من المناسب أن يعين رئيس الجمهورية ممثلين له في المحافظات كمراقبين يحق لهم حضور اجتماعات السلطة المحلية في المحافظات وإبداء رأيهم في الموضوعات التي تعرض عليها معمداً على السياسة العامة للدولة ولكن لا يحق لهم التصويت ولا الاعتراض على إي قرارات لا يرضون عنها. وفي هذه الحالة فإن عليهم ان يرفعوا تقارير مفصلة إلى رئيس الجمهورية، موضحين الأسباب التي دعتهم للإعتراض أو عدم الموافقة.
وينبغي ان يكون الى جانب الرئيس حكومة مركزية مسئولة عن الاقتصاد والتعليم والصحة والأمن الداخلي ( الشرطة والمرور). وفي هذه الحالة فقد يكون من المناسب إلغاء بعض الوزارات مثل الإعلام والخدمة المدنية والادارة المحلية.
ويكون مجلس الوزراء مسئولاً مسئولية مباشرة أمام مجلس النواب. فالحزب الحاصل على الأغلبية او الأحزاب المتحالفة التي لديها أغلبية في المجلس هي التي تشكل الحكومة وبعد موافقة المجلس على الحكومة وعلى برنامجها يرفع بأسمائها الى رئيس الجمهورية لإصدار قرار جمهوري بتشكيلها.
من الواضح أن إدارة الاقتصاد هي المهمة الأساسية لمجلس الوزراء. إي ان السياسة الاقتصادية بما فيها السياسة المالية والنقدية وتنظيم الحياة والأنشطة الاقتصادية هي من الاختصاصات الأساسية لمجلس الوزراء. ومن ضمن ذلك تحصيل الموارد السياسية وتحديد أولويات النفقات العامة بالتشارك مع مجلس النواب.
ومن أهم اختصاصات مجلس الوزراء توفير الأمن العام وذلك من خلال إدارة الشرطة والمرور ومحاربة الجريمة العامة. وكذلك حماية المواطنين من مختلف المخاطر بما في ذلك مخاطر الغذاء والعلاج والوقاية من الأمراض.
ومن الممكن ان يشترك مجلس الوزراء مهام التعليم والصحة مع الادارة المحلية. بحيث تتولى الحكومة المناهج والرقابة وتتولى الادارة المحلية التنفيذ الفعلي لخدمات التعليم والصحة من خلال إدارة المدارس والمستشفيات العامة وتنظيم المدارس والمستشفيات الخاصة.
يظل مجلس النواب هو الجهة المخولة: إصدار القوانين. وكذلك فيما يخص مناقشة وإقرار الموازنة المركزية والتي ينبغي ان تحدد مقدار الدعم المركزي للمحافظات. وفي هذا الإطار فإنه يمكن تقسيم هذا الدعم الى قسمين. القسم الأول هو ما تفوض المجالس المحلية في المحافظات تخصيصه للمديريات بحسب المعايير المتفق عليها. أما القسم الثاني فيمثل تلك الموارد التي تعطى للمحافظات بشرط استخدامها وفقاً لما تحدده الحكومة من مشاريع او برامج.
وقد يكون من المناسب إقامة مجلس جديد يمكن ان يطلق عليه مجلس المحليات تمثل فيه كل المحافظات بعدد متساوٍ ويمكن انتخاب أعضائه مباشرة من ابناء المحافظات. ومن الممكن أن تكون المهمة الأساسية لهذا المجلس هي الإشراف على أداء المجالس المحلية في المحافظات وتنسيق نشاطاتها. واذا كانت هناك أية حاجة لإصدار أي لوائح تنظم عمل هذه المجالس في المحافظات فإنه ينبغي أن ترفع مشاريع هذه اللوائح اليه بهدف مناقشتها وإجراء التعديلات الضرورية عليها قبل إصدارها. ويمكن أن يتولى هذا المجلس مناقشة الموازنات المستقلة للمجالس المحلية والموازنة الموحدة لها.
وقد يكون من المناسب إسناد مهام مثل إعادة التقسيم الإداري الذي تقتضي الضرورة ذلك وكذلك تحديد الحدود الجغرافية للمحافظات والمديريات وتحديد العلاقة بين المجالس القروية والمديريات وبين المديريات والمحافظات.
من الممكن ان يتم انتخاب محافظ المحافظة مباشرة من ناخبي المحافظة. وفي هذه الحالة فإنه المسؤول الأول عن أوضاع المحافظة. ولذلك فإنه يرشح مدراء العموم الذين سيعملون معه ومن الممكن أن يوافق المجلس المحلي على ذلك. وكذلك فإنه قد يكون من المناسب أن يرشح المحافظ مديري النواحي والذين يجب ان يوافق على ترشيحهم المجلس المحلي في المديرية. ويتولى المحافظ عملية التخطيط والتنفيذ والرقابة على كل الإعمال المحلية في المحافظة كما يتولى المحافظ وبمساعدة الإدارات المختصة إعداد الموازنة المحلية للمحافظة ويرفعها الى المجلس المحلي لمناقشتها وإقرارها ويقترح المحافظ أيضاً خطط تنمية المديريات ويعرضها على المجالس المحلية في المديريات لمناقشتها وإقرارها.
يتم انتخاب مجلس محلي للمحافظة. وينبغي أن تكون المهمة الأساسية له هي الرقابة على أداء المحافظ وفريق عمله. يناقش ويقر المجلس المحلي الموازنة المقدمة من المحافظ. يتولى المجلس مناقشة وإقرار ترشيحات المحافظ لمدراء الإدارات العامة. وفي حال رفض المجلس أي ترشيح فان على المحافظ ترشيح بديل عن ذلك.و يحق للمجلس المحلي في المحافظة سحب الثقة عن أي مدير عام في المحافظة. ويحق للمحافظ الاعتراض على هذا القرار. وفي هذه الحالة فانه يحق للمجلس المحلي إعادة التصويت على سحب الثقة. فإذا حصل قرار السحب على ثلثي أعضاء المجلس المحلي فإن اعتراض المحافظ يسقط ويتم سحب الثقة.
يتولى المجلس المحلي في المحافظة تحديد الرسوم وأي عوائد أخرى تقع في إطار صلاحياته. ويتولى كذلك تحديد العوائد المشتركة بين المديريات ونسبة الشراكة بينها. ويناقش المجلس ويقر خطط وموازنات المديريات وفقاً للقواعد التي أقرها المجلس والسياسة العامة للدولة وخصائص كل مديرية على حدة. وكذلك فإن عليه التنسيق بين مختلف المديريات والتوسط في الخلافات التي قد تنشأ فيما بينها.
قد يكون من المناسب في الوقت الحاضر ترشيح مديري المديريات من قبل المحافظ وتقدم الى المجلس المحلي في المديرية للموافقة عليها او رفضها. ويتولى مدير المديرية المهام المحددة له من قبل المحافظ وعلى وجه الخصوص تنفيذ الخطة التي اقترحها المحافظ ووافق عليها المجلس المحلي في المديرية. يرشح مدير المديرية من يرغب في مساعدته بإدارتها ويرفعها الى المجلس المحلي لمناقشتها وإقرارها. ويعد مدير المديرية موازنة المديرية ويرفعها إلى المجلس المحلي في المديرية لمناقشتها وإقرارها.
يتم انتخاب مجلس محلي في كل مديرية من مديريات الجمهورية. وتكون المهمة الأساسية لها الرقابة على أداء إدارة المديرية. ويتولى كذلك إقرار خطة تنمية المديرية المقدمة من المحافظ ومناقشة وإقرار موازنة المديرية المقدمة من مدير المديرية. ويحق له سحب الثقة عن أي من العاملين مع مدير المديرية. وفي حال اعتراض المدير على قرار السحب هذا فان القرار يعود الى المجلس للتصويت عليه فإذا صوت على قرار السحب مرة ثانية واستمر المدير في الاعتراض فان الامر يرفع الى محافظ المحافظة ويكون قراره ملزما للطرفين.
ينبغي أن يحل المجلس القروي محل المركز المحلي الحالي. ويتولى هذا المجلس المهام الأساسية على مستوى القرية مثل الأمن والرعي والمياه والكهرباء وحل الخلافات البسيطة وتسجيل المواليد والوفيات والإشراف على المدارس فيها وجمع الضرائب والرسوم. ويكون هو صلة الوصل بين المواطن في القرى والادارة في المديريات.
|