الأحد, 21-يونيو-2009
الميثاق نت -   عبدالملك الفهيدي -
أيام قليلة وتبدأ العطلة الصيفية التي ستظل هماً يؤرق الجميع مادام الجميع يتعاطى مع هذه العطلة إما بإهمال شديد، أو باهتمام سطحي، وفي أحسن الأحوال بإقامة مراكز صيفية تنفق عليها الأموال دون حسيب أو رقيب، وحتى دون تقويم لمدى نجاحها من عدمه.ويتشارك الجميع في المسؤولية ابتداء من الأسرة وانتهاء بأعلى الهرم في الحكومة وتحديداً في الوزارات ذات الصلة بالشباب والطلاب وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم والشباب والرياضة والأوقاف والإرشاد.
لا أدري سبباً لاستمرار هذا التخبط في التعاطي مع موضوع بقدر كبير من الأهمية والخطورة في آن واحد.. فكثيرون تساءلوا ولا يزالون عن سر هذا التداخل بين الوزارات الثلاث سواء في الإشراف على المدارس والمراكز الدينية، أو في الإشراف على المراكز الصيفية، بل وعن السر في استمرار عملية الإشراف من قبل المركز دون إعطاء الصلاحيات للسلطات المحلية.
آخر تصريح قرأناه بهذا الشأن كان لوزير الأوقاف والإرشاد حول تعميم لمكاتب وزارته في المحافظات حدد شروطاً لإقامة المراكز الصيفية لتحفيظ القرآن الكريم في المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم.
وإذا كان من الجيد أن تسارع وزارة الأوقاف إلى تحديد شروط لإقامة المراكز الصيفية لتحفيظ القرآن فإن السؤال الأهم يبقى عن مدى الالتزام أو بالأصح مدى إمكانية تطبيق هذه التعليمات إذا كانت أكثر من نصف المراكز والمدارس الدينية بعيدة عن الإشراف الحكومي.
وبالإضافة إلى ذلك فموضوع المراكز الصيفية لا يقتصر على مراكز تحفيظ القرآن الكريم فحسب، بل يمتد ليشمل المخيمات والمراكز الصيفية التي تقوم في المدارس الخاصة والأهلية والأخيرة معظمها لا يزال خارج نطاق التغطية والإشراف الحكومي أيضاً.
وتبدو المشكلة أكبر مما تتخيل إذا نظرنا إلى أن عدد الطلاب الذين تقدموا لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، أكثر من نصف مليون، وهذا العدد بالإضافة إلى أعداد أخرى لطلاب الصفوف الثانوية وحتى الصفوف الأساسية، فضلاً عن طلاب الجامعات سيدخلون منتصف الشهر القادم حالة فراغ تمتد لأشهر حتى مطلع العام القادم.
تخيلوا حال الفراغ الذي تعيشه هذه الأعداد الكبيرة والنتائج المترتبة على ذلك والمخاطر التي يمكن أن تحدث في حال عدم إيجاد آليات ووسائل ناجعة لشغل فراغ هؤلاء الشباب.
ومع إدراكنا لأهمية المراكز الصيفية، إلا أن هذه المراكز لا تستوعب كل هذه الأعداد، وتظل محصورة ومتركزة في المدن وعواصم المحافظات، الأمر الذي يثير علامات استفهام كثيرة عن الحال التي يعيشها الشباب في الأرياف وهم الأكثر.
وهنا لابد أن نشير إلى أهمية إيلاء هذا الموضوع اهتماماً مختلفاً عن الأعوام السابقة، وهو ما يتطلب التفكير بأساليب جديدة في إقامة المراكز الصيفية، بمعنى عدم ترك موضوع المركزية يتسبب في إفشال الجهود التي تبذل لتحصين الشباب من التطرف.
وبعبارة أخرى لماذا لا تتولى السلطات المحلية مسؤولية إقامة المراكز الصيفية بمختلف أنواعها، على أن تخصص الموازنات التي تنفقها الوزارات الثلاث ( التربية، والشباب، والأوقاف) للمحافظات، بالإضافة إلى تخصيص مبالغ من موازنات المجالس المحلية على مستوى المحافظات والمديريات من أجل توسيع رقعة انتشار المراكز الصيفية لتمتد إلى مختلف المديريات والأرياف والقرى.
ولعل تحميل السلطات المحلية في المحافظات مسؤولية إقامة المراكز الصيفية والإشراف عليها والتخطيط لمضامينها بما يتناسب مع خصوصيات كل محافظة سيؤتي أكله وثماره ربما بشكل أفضل ألف مرة من استمرار المركزية في الإشراف على هذه المراكز خصوصاً وإن هذا يأتي في إطار التوجهات السياسية والحكومية للانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وهو ما أكدت عليه المؤتمرات الفرعية للسلطات المحلية بالمحافظات التي انعقدت الشهر الجاري في عموم محافظات اليمن.
خلاصة القول إنه لابد من إعادة النظر في مفهوم وشكل المراكز الصيفية التي تقام سنوياً، وآليات عملها والإشراف عليها بل وآليات تقويم نجاحها وهو ما لن يتأتى إلا في حال أسندت المهمة إلى السلطات المحلية في المحافظات وذلك بغية استيعاب أكبر عدد ممكن من الشباب والطلاب في هذه المراكز شريطة أن تتولى المحليات وضع رؤية لما ستقدمه هذه المراكز للشباب.
ودعونا نتساءل أليس بإمكان كل محافظة إقامة المراكز الصيفية على مستوى مديرياتها وتحويل هذه المراكز إلى ورش عمل يتم من خلالها شغل أوقات الشباب في إقامة ندوات وورش عمل، وتشكيل فرق بحثية تقدم رؤى وتصورات وحلولاً للمشاكل التي تواجه الشباب كلاً في مديريته ومحافظته بدلاً من استمرار سياسة التلقين المعتادة التي تحول حتى الشباب المشاركين في المراكز الصيفية إلى مجرد متلقين من قبل الكبار، الأمر الذي لا يغير بل وقد يكون له مردود سلبي خصوصاً وإن المحاضرات التي تقام في هذه المراكز ستظل شبيهة بالحصص الدراسية التي يشعر الشباب والطلاب أن العطلة الصيفية هي المهرب الوحيد منها.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-10674.htm