امين الوائلي -
الديمقراطية كل لايتجزأ.. والسلوك الديمقراطي ينبغي ان يكون كذلك ايضاً بحيث تكون الديمقراطية ممارسة عملية على الارض وفي الواقع.. لا مجرد شعارات تفصلها القوى السياسية على مقاسات أحلامها أو أطماعها.. فإذا جاءت النتائج بخلاف ما أرادت أو توهمت تنكرت للديمقراطية وكفرت بها جملة واحدة. الايمان بالنهج الديمقراطي يعني ضرورة التسليم بنتائج هذا النهج وارادة الناخبين.. وتقبل ما تقرره الغالبية من الجماهير وافراد الهيئة الناخب بروح رياضية دون هروب الى اللغة الاتهامية المفضوحة أو البحث عن مشجب تعلق عليه القوى التي منيت بالخسارة كامل فشلها واسباب سقوطها المدوي.
وطالما قبل فرقاء الحياة السياسية في بلادنا الدخول في معترك التنافس السياسي والاحتكام الى رأي وارادة الشعب وقناعة الجماهير بالاقتراع الحر والمباشر.. فسيكون من أوجب الواجبات على الفرقاء ان يسلموا بارادة الجماهير وان يحترموا خيارات الغالبية مهما كانت النتيجة ثقيلة او مؤلمة.. فلا أحد يملك ان يوجه التيار الحر للارادة الشعبية بالاتجاه الذي يريده هو أو يلبي طموحاته وتطلعاته الذاتية.
وقد يكون من المفيد والمهم ان يتمرن السياسيون والحزبيون في المعارضة على مجاراة منطق التنافس الشريف والتسليم بنتائجه وافرازاته بالاستفادة من تجارب شتى شهدها ويشهدها العالم من حولنا.. ففي الديمقراطيات الناضجة والمشهود لها بالكفاءات والاسبقية يكون هناك دائماً فائز وخاسر وهذا هو الشأن في التنافس دائماً.. لكن الخاسر يكون شجاعاً بما يكفي ليتقبل النتيجة على مرارتها ويعلن تحمله كامل المسئولية وفي الغالب تتقدم التيارات باستقالاتها الى هيئاتها الحزبية وأطرها التنظيمية كنتيجة طبيعية لمرحلة اثبتت خلالها الفشل وعدم الكفاءة.. وبذلك تفسح المجال أمام كفاءات جديدة وطاقات شابة قادرة على خوض معترك العمل السياسي بنفسيات سليمة وعقليات لم تؤثر فيها مرارات السقوط وسوداوية النتيجة التي منيت بها سابقاتها.
ربما احتاجت القيادات في احزاب اللقاء المشترك الى مراجعة هذا الدرس الديمقراطي.. لكي تنفس عن احباطاتها الثقيلة بهذا المتاح المدني الراقي فتنسحب بشرف وتسلم زمام الادارة الحزبية لغيرها من قيادات الصف الثاني وجيل الشباب الذي ينتظر دوره ولايجده مع تمنع الكبار وتشبثهم بالقيادة الحزبية وهو ما أدى بأحزابهم في آخر المطاف الى هذه النتيجة التي افقدتهم القدرة على احترام الديمقراطية وخياراتها حتى النهاية.