الميثاق نت - د‮. ‬علي‮ ‬مطهر‮ ‬العثربي

الثلاثاء, 14-يوليو-2009
د‮. ‬علي‮ ‬مطهر‮ ‬العثربي -
لم يكن الأمر متوقفاً عند مستوى معين من المطالب الحقوقية التي ينبغي الوقوف عندها ومعالجتها وفق الدستور والقانون.. بل تجاوز الأمر حد الثوابت وانكشف للشعب بأن المطالب الحقوقية وسيلة وليست غاية.. واتضح أن الغاية هي الوصول الى تمزيق وحدة الوطن وشق الصف اليمني الموحد وكسر شوكة اليمنيين وفق أجندة وضعها أعداء اليمن، وسخروا لها كل سبل الشيطان، فتلقفت هذا المشروع العناصر التي حاولت أن توجد لنفسها مكاناً وتبحث عن دور بطولي تشتهر من خلاله حتى لو كان هذا الدور على حساب الوطن ومقدراته وثوابته وأمنه واستقراره..
وعندما طرقت هذه العناصر باب الشيطان وجدته مفتوحاً وسهلاً وميسراً لأن من شروط فتح هذا الباب التنازل عن الهوية الوطنية والكرامة الانسانية وقتل الضمير وتنفيذ الأجندة المعدة من الخارج دون إبداء للرأي أو ظهور نزعة انسانية أو عفة أو كرامة، بل لا يمكن للعناصر المنفذة لهذه الاجندة أن تتحدث عن تاريخ أو تفتخر بماضٍ عريق للأجداد أو تباهي بأصلها وتراثها.. لأن كل ذلك قد بيع في سوق النخاسة واستلمت مقابله الثمن المادي الذي يزول بزوال الحدث ويبقى العار والمنكر يلاحقهم مدى الحياة وبعد الممات.
إن التاريخ القديم والمعاصر لم يخلُ على الاطلاق من هذه العناصر المتجردة من كل القيم الوطنية والانسانية وقدم نماذج في غاية السوء والفحشاء وعملت أعمالاً إجرامية منكرة سجلها التاريخ وأصبحت وصمة عار في جبين أولئك الذين ينتمون اليها وها هم اليوم يظهرون من جديد بصور وأشكال جديدة أشد قبحاً وأفظع جرماً لا يردهم دين ولا قيم أو أعراف ولا عادات أو تقاليد لأن القيم الانسانية والدينية لم يعد لها أثر في نفوس هؤلاء الذين يسعون الى تخريب شعبهم وتمزيق وحدتهم وإقلاق السكينة العامة والتعدي على إرادة الشعب وعصيان الإرادة الإلهية والخروج على أمر الله الذي أمر بالوحدة والاعتصام بحبله في قوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم‮ ‬تهتدون‮".. ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮..‬
إن أمثال هؤلاء إنما ينقلبون على النعمة الممنوحة لهم من الخالق جلَّ وعلا وهي نعمة الوحدة والأمن والاستقرار والعزة والكرامة والشموخ فيهبون كالشياطين للعبث بالأمن والاستقرار لا لمشروع نهضوي أكبر وإنما لمشروع التقزيم والتصغير لأنهم تنازلوا عن عزتهم وكرامتهم وشموخهم وفضلوا الإذلال على الحرية والمهانة على الكرامة والخوف على الأمن والضيق على السعة خدمة لأعداء الوطن اليمني الكبير ورغبة في اشباع نفوسهم النهمة البشعة بالمال التي لا يمكن أن يشبعها حتى مال قارون.إن هذه النماذج التي سجلها التاريخ في أبشع صورها بتعديها على وحدة الشعب عبر العصور المختلفة إنما تمثل الشيطان وتمقت الأمن والاستقرار وترفض الشموخ ولا ترغب إلاّ في مستنقع الارتهان لأنه البيئة الحاضنة لمثل هذه العناصر التي تفضل المستنقعات على شهد العسل والشقاء والضنك على السكينة والاطمئنان، وأمثال هؤلاء يكونون فريسة سهلة تقع في أيدي الأعداء يمدونهم بالمال المدنس ويزينون لهم سفك الدماء ويشبعون رغباتهم ونزواتهم الشيطانية ويحولونهم الى أدوات يسيرونها وفق رغباتهم ليعيثوا في الأرض فساداً ويحرقوا الحرث والنسل ويقتلون كل القيم والمثل والاخلاق لأن العدو الذي تمكن من نفسياتهم‮ ‬قد‮ ‬مسح‮ ‬من‮ ‬عقولهم‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬سوي‮ ‬وإنساني‮ ‬وزرع‮ ‬بدلاً‮ ‬عنه‮ ‬الفجور‮ ‬والفحش‮ ‬والوحشية‮ ‬تحقيقاً‮ ‬لرغباتهم‮ ‬العدوانية‮ ‬المتعلقة‮ ‬بلعب‮ ‬أدوار‮ ‬بطولية‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬النوع‮.‬
ولئن كان التاريخ قد ساق لنا أمثالاً من هذا النوع القبيح إلاّ أنه سجل بكل اعتزاز وفخر المواقف الانسانية الرائعة التي قاومت هذا العدوان على الثوابت والنواميس الإلهية القائمة على التوحد والألفة والتسامح وكانت هذه المواقف الإنسانية في مختلف مراحل التاريخ هي الثابت والأزلي والباقي والمنتظر في كل الاحوال لا ينازعها إلاّ القلة القليلة من أصحاب النفوس المريضة الشاذة التي لا يطول بقاؤها، لأن إرادة الغالبية المتمسكة بالسنن الكونية تجمع على ضرورة استئصال شنفة الشر في كل زمان ومكان لتسود الحرية والكرامة والانسانية والتوحد والاعتصام بحبل الخالق جل وعلا، وعلى الذين لا يدركون ذلك ألاّ ينجروا ولا يُغرر بهم ليقعوا في هذا المستنقع الآسن وأن يقرأوا التاريخ ويستفيدوا من عبره وعظاته وأن يتقوا الله تعالى في وطن الثاني والعشرين من مايو المجيد وألا يتنازعوا وأن يتمسكوا بقول الله تعالى: "واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" صدق الله العظيم.وليعلموا أن الله مع الصابرين وأن النصر دائماً لمن يتمسك بالثوابت الإلهية التي لا يغير فيها ولا يبدل إلاّ بما يتوافق مع الارادة الإلهية، ولذلك فعلى المغرر‮ ‬بهم‮ ‬الذين‮ ‬خرجوا‮ ‬على‮ ‬الارادة‮ ‬الشعبية‮ ‬المستمدة‮ ‬من‮ ‬الارادة‮ ‬الإلهية‮ ‬.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-10932.htm